وشنف آذاني

عبد الرزاق أبو داود

في جدل لا يخلو من «جدية» أو «عبث» اتضح لنا على ما نظن أن بعضا ممن يظنون أنهم «يفقهون» في الرياضة وكرة القدم خاصة يشنفون آذاننا، ويقضون مضاجعنا، ويرهقون عقولنا بمقولات عجائبية عن «براعة» (هكذا والله العظيم) فلان وعلان في «الطرح» و«الردح» والتذاكي وادعاء الحقيقة والمعرفة والثقافة والفهم، وكأن كل من قرأ كتابا أو اثنين أو أمسك ميكرفونا أصبح ضمن «قافلة» أو «جماعة» «المثقفين» المثقلة بالهموم والقضايا وبعض «الطفيليات» التي تدب هنا أو هناك حسب الطلب والمقدرة والقدرات..!!
يقول أحدهم إنه جد معجب بفلان لأنه «منطقي»! حسنا ليكن ذلك، ولك ما تريد، ولكن لنا رأينا أيضا نعلنه غير منقوص في زمن الانفتاح والأريحية والإعلام الجديد والقديم؟! وعندما تطرح على مثل هؤلاء سؤالا عن تعريف «المنطق» يحار في الإجابة.. ثم يلف أو يلتف حول ذاته ليقول إنه يقصد: أنه «مرتب منمق» «جيد في قوله» وفي أحاديثه وطرحه وكلامه فهو إذن «منطقي» منذ وعينا أو لم نع.. وعلينا أن نعترف بذلك ونقبله. أين نحن أو «صاحبك» من أرسطو وأفلاطون وابن رشد والفارابي وابن سينا.. وسجالات وكتب وبحوث المنطق والفلسفة وعلم الكلام.. مرورا بابن خلدون على قارعة شارع الثقافة البشرية.. أو قارعة الطريق أي طريق شئت.. وصولا إلى كانت ونتشه وبرنارد شو وسارتر وبدوي وغيرهم ممن اكتوى أو تدفأ بنار «المنطق والفلسفة» وتقلباتها وتناقضاتها ومناكفاتها، وعدم قدرتها على مواجهة ثوابت الأمة الراسخة وإيمانها اليقيني الخالد بوحدانية الخالق وتعدد مخلوقاته وقدراته جل وعلا علوا كبيرا.
«صاحبنا» الذي «نحترم» يظن عن وعي أو بدونه أن كل من أطلق عبارات طنانة رنانة حول موضع ما «منطقي» بمعنى أنه «العارف المتمكن من التعابير والمضامين» وما أدراك ما هو «المنطقي» في كل هذا؟ ولعله يظن.. وهذا ما نعتقده.. أن كل ما هو «منطقي» ينصرف في مخيلته إلى ما هو «عقلاني» حقا.. أو هكذا فهمت وقد أكون مخطئا في فهمي!
واستطرادا لما تقدم وشنف آذاني ذات مساء وشيئا من صباح.. خطرت في ذهني فكرة معاكسة، فإذا كان صاحبنا قد نعت أو وصف «صديقه» بالمنطقي الذي يستمع إليه ويعجب به وبكتاباته وطروحاته المسموعة والمرئية، فإن من البديهي جدا أن بقية من لا يستسيغهم أو لا يقرأ أو يعجب بهم هم «غير منطقيين» أو غير «عقلانيين»!.. وبالتالي فإن «العقلاني» الوحيد الذي يجب أن تجد طروحاته صداها وتأخذ مداها وحقها من المتابعة والترويج وربما «التنفيذ» هو هذا «المنطقي» كما يدعي.
ما علينا.. لقد أصبحنا نعيش في زمن اختلط فيه – بالفعل- حابل بنابل.. وأخذ كل يهرف بما يعرف وما لا يعرف.. شخصيا ليس لدي اعتراض على أحد سواء كان «منطقيا» أو «عقلانيا» أو «منتميا» ناهيك عما هو متعارف عليه من الحق والحقيقة الأبدية عن وحدانية الخالق وتعدد المخلوقات وتنوع أفعالها وتصرفاتها وصفاتها وقدراتها.
قد يقول قائل وما علاقة كل هذا بالرياضة والرياضيين؟ لست أدري على وجه اليقين ما هي الإجابة الصحيحة على هكذا تساؤل.. ولكنها مجرد فكرة «نبتت» في أم رأسي ذات صباح مبكر نتيجة بعض من «السخف» وكثير من «الهراء» مما نسمع ونقرأ من «متسولي» المعرفة والفهم، التي تحولت إلى بازار «عامر» بسقط المتاع.