تراكمية معرفية

عبد الرزاق أبو داود

لا جديد حتى الآن في مستويات الموسم السعودي الكروي، أداء متميز للبعض كالأهلي والشباب والنصر أخيرا، إلى عادي وضعيف للأغلبية، غياب عدد من النجوم والعناصر المؤثرة برغبتهم أو مرغمين؟ وتطور تحكيمي مهم رغم بضع «إخفاقات» «مؤثرة» أحيانا، ولعل بضعة أخطاء ذهب ضحيتها حكم تعتبر إنذارا أو مثالا.. والبقية على قارعة الانتظار لعل الله يحدث أمرا. حضور جماهيري لا يختلف كثيرا عن السنوات الماضية سوى جماهير الأهلي.. والأهلي فقط هذا الموسم، وهناك من يحتج: مؤكدا أن هناك حضورا لافتا لآخرين خلاف الأهلي.. ربما يكون ذلك صحيحا إلى حد ما! غير أنه لا مفاجآت تذكر.. وقد قارب الموسم على إسدال ستار النهاية «السعيدة» العتيدة، إلا إذا اعتبرنا فوز الفتح على الاتفاق في ظل تخبط المدرب المقال برانكو مفاجأة محدودة، وفوز النصر على الشباب مرتين متتاليتين تطورا نصراويا إيجابيا، وهما حالتان لا يمكن تعويضهما خاصة أنهما جاءتا في كأس الأبطال.. وهي مكلفة جدا للخاسر.. ودفعت بالنصر عن جدارة قدما إلى الصفوف الأمامية.
الثقافة.. ماذا نعني بمفردة ثقافة؟ هل هي تراكمية معرفية علمية، أم تعني مجمل المعارف والعلوم والأخلاق والمعتقدات والنواميس والعادات والتقاليد والمبادئ والأعراف والسلوكيات التي يتم الإضافة إليها ودفعها عبر الأجيال، وهي تراكمية معرفية خبرتها البشرية في أشكال وأنماط متنوعة شديدة الغور والتعقيد؟ قد يكون ذلك سليما أو هو كذلك في رأي معظم المنشغلين بهذا المجال الحيوي، وقد يرى بعضنا أن الثقافة تشمل مجموعة من المكونات المتداخلة المعنية بالتمكن والإلمام بصورة مميزة في مجال معين، فالثقافة المطلقة هي بحر عنيف الأمواج، مديد الساحات، بعيد الغور، لا يستطيع إنسان بمفرده أن يحيط بجوانبه.
الثقافة في اعتبارنا وعبر بعدها الإنساني المطلق، وبعيدا عن الخصوصيات، هي تراكم معرفي علمي ينتشر عبر شرائح بشرية متوالية ذات تفرعات عديدة. وإذا كانت الثقافة الإسلامية العربية هي أثمن وأغنى ما وصلت إليه الإنسانية طوال تاريخها، فإن هذه الثقافة الناصعة المستنيرة والمشيدة على مبادئ وقواعد متينة ثابتة تلقت الكثير من الضربات من «بعض المنسوبين» إليها بصورة ربما تتجاوز ما فعله خصومها! ولعل في «ثقافة الرياضة» -إذا جاز التعبير- مثال واضح على ذلك، فإطلالة متأنية لما يعتمل في المشهد الرياضي المحلي تظهر «ثقافة رياضية» هشة.. تتخذ من « الكراهية» و"الضغينة» والتحريض و «الاستكبار» مدادا يوميا لها..!
دعونا نتيح مساحة كافية أمام الأندية الرياضة لتمارس الرياضة بصورة إيجابية، بعيدا عن تلك الممارسات «الصبيانية» «السخيفة».. المفعمة بالبغضاء والتجني، دعوها تشق سبيلها التطويري المتدرج للرقي في مجالات رحبة، وبالتالي تطوير أداء منسوبيها وفرقها، والإسهام في إمداد منتخباتنا الوطنية بالعناصر المؤهلة. وإذا كانت الأندية الثقافية تعاني هي الأخرى من إشكاليات عديدة لا تختلف كثيرا، ليس أقلها الصراعات على كراسي مجالس الإدارات وعدم توفر الموارد المالية الكافية.. فالرياضة جزء من ثقافات الأمم والشعوب، ولها مجالاتها الأخرى الواسعة، وأطرها وأنشطتها.. وتوجهاتها المتشعبة التي لا يمكن احتكارها من جهة ما، فلكل منا «ثقافته الرياضية» الخاصة ضمن ثقافات عامة أشمل، ولعل الأندية الرياضية تنجح في المجال الرياضي فهذا وحده يعتبر إنجازا.