جاري الصغير!

هيفاء اليافي

• كل عام وأنتم في القلب..
كلما اقترب رمضان المبارك أذكر جاري الصغير.. الذي التقيته مصادفة..
في إحدى الليالي الرمضانية.. حين كان شارعنا تحت الترميم.. وكنت اضطر للمرور من الشوارع الخلفية كي أصل لمدخل منزلي..
ورأيته.. طفلا لا يتجاوز العاشرة من عمره.. يجلس أمام عتبة داره.. يقرأ كتاباً مدرسياً.. على ضوء خافت.. ولمبة نيون ضعيفة.. معلقة فوق مدخل الدار..
كان أمامه قدر (بليلة) ومعها أنواع من الشطة والمخللات.. نزلت من سيارتي أساله.. لماذا لا تذاكر بالداخل.. قال أساعد أمي.. قلت بارك الله فيك وفيما تعمل إن شاء الله.. أردت مساعدته فرفض بإباء قائلا نحن لا نقبل الصدقة وإذا تبغي بليلة اشترى.. قلت وإن كنت لا أحب البليلة؟ قال..اذهبي لحال سبيلك..
أعجبتني شجاعته وفصاحته وكفاحه رغم حداثة سنه.. قلت إذا اعطني القدر كله.. قال لماذا وأنت لا تحبين البليلة قلت.. كنت أختبرك.. والواقع إنني أموت فيها وكذلك أسرتي.. قال وماذا أفعل طيلة الليل إذا أعطيتك القدر وليس لدي ما أعمله.. قلت.. ادخل دارك.. واكمل دروسك.. فقد أعطاك الله وقتاً إضافيا للمذاكرة.. ابتسم وقال ماشي كلامك.. والآن عودي لبيتك، فالوقت متأخر وأنت وحدك.. ألا تخافين؟. قلت.. كيف أخاف وأنت جاري.. وأكيد ستراني وأنا أدخل بيتي وتطمئن عليّ..
اتسعت ابتسامته.. ودخل منزله مودعاً..
درت حول بيتي لأدخل من الباب الخلفي.. ونظرت إلى منزل الجار الآخر الكبير.. الذي يسكن في عمارته.. والخبير في إلقاء قمامته ومخلفات أثاثه القديم أمام بابنا مباشرة..
ولا يزال الوضع كما هو عليه.. الله يهديه!
-----------------
همسة: لشاعر شعبي:

(عادت ليالي القمر .. معاها يحلى السهر
غالي علينا يا شهر .. يا ريتك أكثر من شهر
نهارك صوم وعبادة .. وليلك صحبة وسعادة
شروقك رمز الإرادة .. وغروبك أجر وزيادة)