مأساة رضيع في بريطانيا

عمار عبدالوهاب نورولي

مع نهايات شهر رمضان اشتكي ابني وسام (13 شهرا) من ألم في حلقه وبدأ في القيء ولا يستطيع البلع، فذهبت به إلى العيادات الطارئة في مستشفى بمدينة ليستر حيث أدرس ففحصته الطبيبة وأخبرتني بأن لديه جرثومة المعدة ولا شيء في حلقه، فطلبت عمل أشعة للتأكد فرفضت وقالت إنه سيتحسن بعد يومين، في اليوم التالي لم أشاهد أي تحسن فأخذته لعيادة الدكتور العام فقال لديه التهاب في الأذن ويحتاج إلى مضاد وليس لديه شيء في حلقه، في نفس الليلة كان وسام يعاني ضيق التنفس فذهبت به إلى الطوارئ مرة أخرى فذكروا لي بأنه التهاب في الصدر ويحتاج إلى متابعة المضاد وأخذ بخاخ، فطلبت منهم مرة أخرى عمل أشعة للتأكد ولكنهم طمأنوني بأنه لا يلزم، في اليوم التالي ذهبت إلى عيادة الطبيب العام مرة أخرى بغرض أخذ تحويل إلى الطبيب الاستشاري فذكر لي الدكتور أنه لا يلزم ولكن سوف أكتب لك التحويل، بعدها لم أكن مطمئنا وأخذته إلى مركز طبي آخر في العيادات المستعجلة لأن موعد الاستشاري بعد يومين، وهناك حولني الدكتور مباشرة الى استشاري الأطفال في المستشفى، وفحص من قبل دكتورة ذكرت أنه مجرد التهاب، والاستشاري ذكر أنه بمجرد ما يزول الالتهاب يستطيع الأكل والشرب، ولا داعي للقلق ولا يلزم أشعة، في نفس اليوم عاد وسام لوضعه الطبيعي يأكل ويشرب ويلهو إلى يوم السبت ليلة العيد حيث تقيأ دما فجأة فذهبنا به في عجالة إلى الطوارئ فذكروا لنا أنه يحتاج إلى أن يعوض ما فقده من الدم والسوائل أولا وعملوا له تحاليل، فأخبرناهم أنا وأمه أنه قد يوجد شيء ما يسبب النزيف في الداخل ويجب معرفته وعمل عملية بالمنظار ولكنهم أصروا على تعويضه بالدم أولا.
بعد ذلك ازدادت الحالة سوءا وذهب إلى العناية المركزة وهناك أدخلوا له أنبوبا لكي يساعده على التنفس ولكنه لفظ أنفاسه، وبعد 3 ساعات من وفاته يأتيني الاستشاري ويريني صورة الأشعة التي أخذت لإدخال الأنبوب وفيها البطارية الدائرية في أحشائه فذهلت وقلت له لماذا لم يعمل له أشعة من البداية ما هذا الاستهتار.
وهناك حتى أستلم جثمان صغيري، كان لزاما عليهم أن يأخذوا عينات من جسده حتى يحددوا سبب الوفاة. وقد رفعت قضية عند المدعي العام إلى أن تظهر نتيجة التحاليل وتقرير الوفاة.
ولا يفوتني أن أشكر سفير خادم الحرمين الشريفين في بريطانيا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف، والملحق الثقافي د.فيصل أبو الخيل، وجميع المسؤولين بالسفارة والملحقية الذين تعاونوا معي لتسهيل حصولي على التذاكر، ونقل الجثمان وتكليف محامين ولجنة طبية، وتلقيت اتصالات من العديد منهم للتعزية والمشاركة الوجدانية بعد أن أخبرهم صديقاي الدكتور طلال المغربي والمهندس ظافر الحلافي بالمأساة. كما أشكر من وقف معي من الأصدقاء والأقارب.
وتفاعلا مع القصة المأساوية التي مررت بها فقد بحثت في الانترنت عن الحالات المشابهة فصدمت أن كل الأعراض معروفة في حالات ابتلاع البطاريات في السعودية وأمريكا وأصبح الأطباء على خبرة بالموضوع وأنقذوا أطفالا بالآلاف. ولا أدري سبب تقاعس وبرود الأطباء في مدينة ليستر في الاهتمام بهذه الحالة.
إن لله ما أخذ وله ما أعطى ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون، نسأله سبحانه أن يتقبله في عليين، ويجعله شافعا نافعا فرطا لوالديه على الحوض.
* طالب دكتوراه قسم الهندسة الصناعية
جامعة دي مونت فورت ــــــ ليستر ــــ بريطانيا