دورات التأهيل منبرية والملحقيات تتحمل التقصير
المبتعثون رُسل المجتمع في الخارج.. مختصون:
الجمعة / 20 / شوال / 1433 هـ الجمعة 07 سبتمبر 2012 22:41
عيد الحارثي (جدة)
طالب عدد من المختصين الجهات القائمة على الابتعاث الخارجي بضرورة مراجعة ضوابط إيفاد الطلاب السعوديين للدراسة في الخارج على إثر بعض التصرفات التي لا تعكس الصورة الحقيقية للشاب السعودي ما نتج عنه تكون فكرة غير واقعية عن الواقع المحلي.
إن الصورة النمطية السيئة التي تتشكل لدى مجتمع عن آخر حتى وإن كانت على مستوى الفرد الواحد ستظل راسخة وستعطي انطباعاً سلبيا عن المجتمع بأسره كما أن تعثر أي طالب سعودي لأي سبب كان، أو تعرضه لخطر فإن مسؤولي التعليم العالي حريصون على حل تلك المشكلات وتلافيها، وسبق أن أعلن وكيل وزارة التعليم العالي للابتعاث الخارجي الدكتور عبدالله الموسى أن وزارته رصدت 62 مخالفة فقط صدرت من 200 ألف مبتعث يدرسون في في 68 دولة، وأن نحو 2% منهم تعثروا وتمت إعادتهم.
في حين يرى كثيرون ضرورة مراجعة ضوابط الابتعاث، وخصوصا في درجة البكالوريوس، والعمل على إيجاد حلول استباقية قبل الابتعاث، تشمل التأكد من جاهزية الطالب للابتعاث قبل إرساله، ويشمل ذلك الاستعداد النفسي والأكاديمي واللغوي والثقافي، وتوفير التأهيل اللازم في حالة كان هناك قصور ما في أي من هذه الجوانب.
وقد أثبت تجربة الابتعاث أن الطالب السعودي قادر على تحقيق أعلى مستويات النجاح في أرقى الجامعات العالمية، وظهر ذلك من خلال عدد من الإنجازات الأكاديمية التي حققها مجموعة من المبتعثين السعوديين على أكثر من صعيد.
ورغم أهمية ما حققه شباب الوطن من إنجازات كبيرة على مستوى التحصيل والبحث العلمي والاختراع في مختلف الجوانب العلمية، إلا أن حادثة طالب شذ عن القاعدة قد تعصف بكل تلك الإنجازات وتصادرها لصالح قضية يرى فيها الإعلام مادة خصبة ليتعاطى معها بإثارة مبالغ فيها ويصرف الضوء عن إنجازات حققها أقرانه في نفس الكلية والتخصص الذي ابتعث إليه.
إيجابيات
وفي هذا السياق يشير الدكتور أحمد بن محمد العيسى أن للابتعاث إيجابيات كثيرة، وله أيضاً سلبيات كثيرة، ويضيف: وكما أن هناك من يعظم الإيجابيات ولا يرى غيرها ومن أجل ذلك يدعو إلى مزيد من فرص الابتعاث وفي مختلف التخصصات ويتأفف من الآراء التي تبدي اعتراضاً أو تنادي بالترشيد، فإن هناك من يعظم السلبيات ولا يرى غيرها، ولكن الخير في الرأي الوسط فلا جدال في أهمية الابتعاث وحاجة البلاد له، ولا جدال أيضاً في أن هناك سلبيات كثيرة للابتعاث تحتاج إلى دراسة وتأمل، وكلما استطعنا تحقيق مزيد من الإيجابيات وتكثيرها وتقليل السلبيات وتحجيمها نكون قد نجحنا في الاستفادة القصوى من هذا البرنامج الطموح، ونجحنا في تحقيق أفضل العوائد لبلادنا ولمستقبل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأعتقد أن من الحكمة الاستفادة من تجربة الابتعاث السابقة، فهذا الأمر ليس بجديد علينا.. فقد كانت حركة البعثات الدراسية نشيطة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
مساعدة المبتعث
وأضاف أن ثمة مبادرات تنطلق من هنا أوهناك، تهدف إلى مساعدة المبتعث على مواجهة التحديات في دول الابتعاث، واستيعاب المجتمعات والثقافات التي قد تبدو غريبة عليهم من الوهلة الأولى خصوصا طلاب مرحلة البكالوريوس، صغار السن، قليلي الخبرة، بعض تلك البرامج غير المنظمة تستهدف المبتعث قبل سفره، وبعضها تستهدفه بعد أن حط رحاله في إحدى الدول، وفي مجمله لا يعدو البرنامج أن يكون محاضرة يجتهد أحد الدعاة أو الأكاديميين في إلقائها إما في جامع، أو مركز ثقافي، وهذا هو انطباع معظم الشباب المبتعثين عن ما أسموه بالدورات التأهيلية.
ضعف التأهيل
يقول الطالب صالح بن نامي مبتعث في كندا: ما تسمى بدورات التأهيل ضعيفة وتحتاج للتكثيف بشكل أكبر، معظمها تقليدية، ولا جديد فيها، ووعظية أكثر منها تثقيفية واقعية، فلا تشخص المشكلة والخلل ولا تضع الحل للأسف الشديد، ومعظمنا اعتمد عليها قبل سفره على اعتبار أنها ناقشت كل الاحتمالات الممكن أن يتعرض لها المبتعث ولكن نفاجأ أن أيا من تلك التحذيرات لم يكن واقعيا، وأن أمورا غاية في الخطورة لم يتم التطرق لها من قبل المحاضرين أو الدعاة واصطدمنا بها في بلد الابتعاث ومنا من نجا بفعل تأهيله وقاعدته التربوية ومنا من سقط في براثن الخطأ والخطيئة وعاد إلى الوطن بخفي حنين، وشيء من سمعته التي ذهب بها.
اختبارات تقييمية
المبتعثة هدى محمد باشراحيل«لندن» لم تنف وجود فائدة من بعض الدورات والمحاضرات التي حضرتها سواء داخل المملكة أو في بلد الابتعاث وقالت لو يتم عمل هذه الدورات على الانترنت، وبعد ذلك يوضع اختبار تقييمي للطالب أو الطالبة المبتعثة، ومن لم يستطع أن يجتازها يستمع له مرة أخرى، ويمكن أن يعاد للاستماع إليها في أي وقت عند الابتعاث. واستغربت عدم الاستفادة من التقنية الحديثة، بقولها : لا أعلم لماذا لا تقوم الوزارة بافتتاح موقع إلكتروني للرد على استفسارات المبتعثين من كلا الجنسين بحيث يكون مرجعية لهم في جميع أنحاء العالم، ويكون هناك رد على استفساراتهم، لأنهم يحتاجون كثيرا لمثل هذا الأمر.
تفاعل المبتعثين
بينما رأى عبدالعزيز الناصر (مبتعث في بريطانيا)، أن الدورات التي حضرها كانت ملائمة ومناسبة، وقد لمس تفاعل المبتعثين معها، ووافقه في الرأي فالح الجشي (مبتعث في بريطانيا)، الذي بين أن تلك الدورات ممتازة إلا أنها لا تركز على أنظمة البلد الذي سيذهب إليه المبتعث، والواجبات والحقوق المترتبة عليه.
وأكد سالم سعيد اليامي (دكتوراه في الأدب من بريطانيا)، أن تلك الدورات لا تخرج من إطار المنبرية وقال: ما زالت الدورات والبرامج تقليدية، منبرية، وعظية، لا تلامس الواقع ولا تتطرق لكثير من الجوانب المهمة في ثقافة المجتمع في دولة الابتعاث وأضاف: رغم كل ما تقوم به الملحقيات ولكنها ما زالت مقصرة فيما تقدم، ولم ترتق للمستوى المأمول، الذي نريده كشباب مبتعثين.
حالات خوف
وأشار المستشار العلمي في الجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح بن سعد اللحيدان إلى أن كثيرا من الطلاب المبتعثين يصابون بحالات من الخوف والذعر والتردد بسبب ضعف البرامج المقدمة لهم من النواحي النفسية والاجتماعية والتربوية وهو ما يؤثر على تحصيلهم العلمي، داعيا إلى تكثيف البرامج والدورات التي تقدم لهم، وقال :يجب التركيز بشكل كبير على الحالة النفسية للمبتعثين، التي تتأثر دون شك بالاصطدام بثقافة أخرى، وصولا إلى بناء قاعد صلبة وروح واثقة ونفس سامية، وعلو همة.
صور عابرة
وحول سن المبتعث طالب الدكتور عادل الغامدي أخصائي اجتماعي بعدم ابتعاث الطلاب والطالبات بعد الثانوية مباشرة، فالشاب في هذه السن لازالت شخصيته في مراحل التكوين، تجاربه لم تصقل بعد، ومن السهل استمالته بكلمة، أو صورة عابرة، ويجب أن يتم التركيز في برامج الابتعاث على مرحلتي الماجستير والدكتوراه، واستغرب الدكتور الغامدي استثناء الشباب فوق سن الأربعين من برامج الابتعاث، وقال: الشباب فوق سن الأربعين هم أكثر نضجا وأقدر على مواجهة التحديات، وأقل عرضة للانزلاق في مهاوي الخطر المحيط بالمبتعثين، وأرى أن تعيد وزارة التعليم العالي شروط الابتعاث خصوصا فيما يتعلق بالسن، وإدراج من هم فوق 40 سنة ضمن المصرح لهم بالابتعاث.
نسب متدنية
من جهته تحدث الدكتور عبدالله الآنسي أستاذ علم النفس في جامعة الطائف عن سلوكيات بعض المبتعثين وعدم انضباطهم أو جديتهم في دراستهم، وقال: هذا بدون شك يعطى صورة غير مشرفة عن المبتعث، ويرى البعض أن هذا عائد بالدرجة الأولى لابتعاث طلاب قد حازوا نسباً متدنية في المرحلة الثانوية، بمعنى أن المعايير التي استخدمت من قبل المسؤولين عن الابتعاث لم تكن دقيقة أو موضوعية.
واقترح الآنسي إلزام أي طالب قبل مغادرته لبلد الابتعاث حضور سنة تحضيرية تشتمل على معلومات شاملة عن بلاد الابتعاث، وقوانينها وطرق التعامل والفرص المتاحة أمام المبتعث.. والسلوك الذي ينبغي أن يسلكه الطالب المبتعث، وحق وطنه عليه وأنه سيصبح سفيرا معتمدا لبلاده، مع دراسته لمقررات في لغة الدراسة وكذا البلاد التي سيذهب إليها.. وكل هذه الأفكار دون ريب جديرة بالمناقشة والدراسة والأخذ بأفضلها. وأضاف في رأيي أن إدارة الابتعاث بوزارة التعليم العالي مدعوة لتقييم تجارب الابتعاث وإصلاح الخلل، والتأكد من مستوى الجامعات التي يتم ابتعاث الطلاب للدراسة فيها، وأن لا يكون دورها فقط مقصوراً على الابتعاث.
فيما يرى الدكتور عبدالقادر باحبيل أستاذ علم الاجتماع أن كثيرا من المشاكل الاجتماعية والقانونية التي يقع فيها الطلاب والطالبات السعوديون المبتعثون للدراسة في الدول الأخرى -الغربية بالذات-، سببها الرئيسي هو نقص المعلومات المتعلقة بثقافة تلك البلدان، التي لو عرفها الطلاب والطالبات مسبقاً، لما تعرضوا لكثير من المشاكل، ويقول:المطلوب هو أن تتولى الجهة المعنية بالابتعاث مهمة تنسيق برنامج تدريبي متخصص يتعرف من خلاله الطالب والطالبة على ثقافة البلد الذي تم ابتعاثهم إليه قبل سفرهم إلى تلك الدولة،. ومساعدتهم على تخفيف وقع (الصدمة الثقافية) التي تواجه أي فرد للعيش في بلد آخر يختلف عنه في معظم مناحي ثقافته الاجتماعية إضافة إلى تصميم برامج تدريبية متخصصة تهتم بتسليط الضوء على ثقافة الدولة التي يتم ابتعاث الطلاب والطالبات لها قبل ذهابهم إليها، ويتم توزيع تلك البرامج على مراكز تدريبية متخصصة في المناطق المختلفة في مدن المملكة على أن تكون إلزامية لكل الطلاب والطالبات الراغبين في الدراسة في الخارج سواء على حساب الدولة أم على حسابهم الخاص.
من جهته قال الدكتور عبدالعزيز الدخيل أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد بجامعة الملك سعود: إن الانتقال من مجتمع محافظ إلى مجتمع انفتاحي تقل فيه الممنوعات من الأمور الصعبة، والشاب في مثل هذه الحالة يعاني العديد من الإشكاليات والعوائق وهنا يأتي دور اعتماده على نفسه حتى يستطيع تجاوز إغراءات وسلوكيات المجتمع الذي التحق به مؤخرا ونحن دائما نسمع عمن يذهب إلى المجتمعات المتحررة وتتضرر أخلاقياته وسلوكياته بسبب الانخراط في هذه المجتمعات ، وهناك أمر واضح وقريب من هذه الحالة فقد تجد الابن هادئ الطباع في محيط أسرته ولكن طباعه السلوكية تختلف إذا كان في محيط المدرسة.
وأضاف: إن السلوك في النهاية هو نتيجة فأبناؤنا قبل سفرهم للخارج لابد من غرس القيم فيهم وخاصة القيم الدينية وقيم الانضباط وكل قيمة في النهاية تتحول إلى مؤشرات سلوكية، وقيمية الانضباط على سبيل المثال تدل على احترام النظام واتباعه وهنا لابد من تعليم الأبناء بأن السلوكيات مرسخة للقيم ولابد أن تكون هذه القيم متجسدة في ثقافة البلد حتى نعكسها خلال سفرنا للخارج.
وأضاف: لابد من وضع أسس لاختيار الطلاب والطالبات المتوازنين نفسيا حتى لايتسببوا في مشاكل حال سفرهم للخارج ولابد من الإشراف المباشر من الملحقية لأجل ذلك ولاشك أن هذا الأمر يتطلب ضخ مبالغ ضخمة من خلال عدد هائل من المشرفين يتولى كل واحد منهم مسؤولية متابعة ما بين 20 إلى 30 طالبا على الأقل ومن الضروري أن يكون هؤلاء المشرفون لهم خبرة كافية في مجتمعات دول الابتعاث.
إن الصورة النمطية السيئة التي تتشكل لدى مجتمع عن آخر حتى وإن كانت على مستوى الفرد الواحد ستظل راسخة وستعطي انطباعاً سلبيا عن المجتمع بأسره كما أن تعثر أي طالب سعودي لأي سبب كان، أو تعرضه لخطر فإن مسؤولي التعليم العالي حريصون على حل تلك المشكلات وتلافيها، وسبق أن أعلن وكيل وزارة التعليم العالي للابتعاث الخارجي الدكتور عبدالله الموسى أن وزارته رصدت 62 مخالفة فقط صدرت من 200 ألف مبتعث يدرسون في في 68 دولة، وأن نحو 2% منهم تعثروا وتمت إعادتهم.
في حين يرى كثيرون ضرورة مراجعة ضوابط الابتعاث، وخصوصا في درجة البكالوريوس، والعمل على إيجاد حلول استباقية قبل الابتعاث، تشمل التأكد من جاهزية الطالب للابتعاث قبل إرساله، ويشمل ذلك الاستعداد النفسي والأكاديمي واللغوي والثقافي، وتوفير التأهيل اللازم في حالة كان هناك قصور ما في أي من هذه الجوانب.
وقد أثبت تجربة الابتعاث أن الطالب السعودي قادر على تحقيق أعلى مستويات النجاح في أرقى الجامعات العالمية، وظهر ذلك من خلال عدد من الإنجازات الأكاديمية التي حققها مجموعة من المبتعثين السعوديين على أكثر من صعيد.
ورغم أهمية ما حققه شباب الوطن من إنجازات كبيرة على مستوى التحصيل والبحث العلمي والاختراع في مختلف الجوانب العلمية، إلا أن حادثة طالب شذ عن القاعدة قد تعصف بكل تلك الإنجازات وتصادرها لصالح قضية يرى فيها الإعلام مادة خصبة ليتعاطى معها بإثارة مبالغ فيها ويصرف الضوء عن إنجازات حققها أقرانه في نفس الكلية والتخصص الذي ابتعث إليه.
إيجابيات
وفي هذا السياق يشير الدكتور أحمد بن محمد العيسى أن للابتعاث إيجابيات كثيرة، وله أيضاً سلبيات كثيرة، ويضيف: وكما أن هناك من يعظم الإيجابيات ولا يرى غيرها ومن أجل ذلك يدعو إلى مزيد من فرص الابتعاث وفي مختلف التخصصات ويتأفف من الآراء التي تبدي اعتراضاً أو تنادي بالترشيد، فإن هناك من يعظم السلبيات ولا يرى غيرها، ولكن الخير في الرأي الوسط فلا جدال في أهمية الابتعاث وحاجة البلاد له، ولا جدال أيضاً في أن هناك سلبيات كثيرة للابتعاث تحتاج إلى دراسة وتأمل، وكلما استطعنا تحقيق مزيد من الإيجابيات وتكثيرها وتقليل السلبيات وتحجيمها نكون قد نجحنا في الاستفادة القصوى من هذا البرنامج الطموح، ونجحنا في تحقيق أفضل العوائد لبلادنا ولمستقبل التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأعتقد أن من الحكمة الاستفادة من تجربة الابتعاث السابقة، فهذا الأمر ليس بجديد علينا.. فقد كانت حركة البعثات الدراسية نشيطة في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
مساعدة المبتعث
وأضاف أن ثمة مبادرات تنطلق من هنا أوهناك، تهدف إلى مساعدة المبتعث على مواجهة التحديات في دول الابتعاث، واستيعاب المجتمعات والثقافات التي قد تبدو غريبة عليهم من الوهلة الأولى خصوصا طلاب مرحلة البكالوريوس، صغار السن، قليلي الخبرة، بعض تلك البرامج غير المنظمة تستهدف المبتعث قبل سفره، وبعضها تستهدفه بعد أن حط رحاله في إحدى الدول، وفي مجمله لا يعدو البرنامج أن يكون محاضرة يجتهد أحد الدعاة أو الأكاديميين في إلقائها إما في جامع، أو مركز ثقافي، وهذا هو انطباع معظم الشباب المبتعثين عن ما أسموه بالدورات التأهيلية.
ضعف التأهيل
يقول الطالب صالح بن نامي مبتعث في كندا: ما تسمى بدورات التأهيل ضعيفة وتحتاج للتكثيف بشكل أكبر، معظمها تقليدية، ولا جديد فيها، ووعظية أكثر منها تثقيفية واقعية، فلا تشخص المشكلة والخلل ولا تضع الحل للأسف الشديد، ومعظمنا اعتمد عليها قبل سفره على اعتبار أنها ناقشت كل الاحتمالات الممكن أن يتعرض لها المبتعث ولكن نفاجأ أن أيا من تلك التحذيرات لم يكن واقعيا، وأن أمورا غاية في الخطورة لم يتم التطرق لها من قبل المحاضرين أو الدعاة واصطدمنا بها في بلد الابتعاث ومنا من نجا بفعل تأهيله وقاعدته التربوية ومنا من سقط في براثن الخطأ والخطيئة وعاد إلى الوطن بخفي حنين، وشيء من سمعته التي ذهب بها.
اختبارات تقييمية
المبتعثة هدى محمد باشراحيل«لندن» لم تنف وجود فائدة من بعض الدورات والمحاضرات التي حضرتها سواء داخل المملكة أو في بلد الابتعاث وقالت لو يتم عمل هذه الدورات على الانترنت، وبعد ذلك يوضع اختبار تقييمي للطالب أو الطالبة المبتعثة، ومن لم يستطع أن يجتازها يستمع له مرة أخرى، ويمكن أن يعاد للاستماع إليها في أي وقت عند الابتعاث. واستغربت عدم الاستفادة من التقنية الحديثة، بقولها : لا أعلم لماذا لا تقوم الوزارة بافتتاح موقع إلكتروني للرد على استفسارات المبتعثين من كلا الجنسين بحيث يكون مرجعية لهم في جميع أنحاء العالم، ويكون هناك رد على استفساراتهم، لأنهم يحتاجون كثيرا لمثل هذا الأمر.
تفاعل المبتعثين
بينما رأى عبدالعزيز الناصر (مبتعث في بريطانيا)، أن الدورات التي حضرها كانت ملائمة ومناسبة، وقد لمس تفاعل المبتعثين معها، ووافقه في الرأي فالح الجشي (مبتعث في بريطانيا)، الذي بين أن تلك الدورات ممتازة إلا أنها لا تركز على أنظمة البلد الذي سيذهب إليه المبتعث، والواجبات والحقوق المترتبة عليه.
وأكد سالم سعيد اليامي (دكتوراه في الأدب من بريطانيا)، أن تلك الدورات لا تخرج من إطار المنبرية وقال: ما زالت الدورات والبرامج تقليدية، منبرية، وعظية، لا تلامس الواقع ولا تتطرق لكثير من الجوانب المهمة في ثقافة المجتمع في دولة الابتعاث وأضاف: رغم كل ما تقوم به الملحقيات ولكنها ما زالت مقصرة فيما تقدم، ولم ترتق للمستوى المأمول، الذي نريده كشباب مبتعثين.
حالات خوف
وأشار المستشار العلمي في الجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح بن سعد اللحيدان إلى أن كثيرا من الطلاب المبتعثين يصابون بحالات من الخوف والذعر والتردد بسبب ضعف البرامج المقدمة لهم من النواحي النفسية والاجتماعية والتربوية وهو ما يؤثر على تحصيلهم العلمي، داعيا إلى تكثيف البرامج والدورات التي تقدم لهم، وقال :يجب التركيز بشكل كبير على الحالة النفسية للمبتعثين، التي تتأثر دون شك بالاصطدام بثقافة أخرى، وصولا إلى بناء قاعد صلبة وروح واثقة ونفس سامية، وعلو همة.
صور عابرة
وحول سن المبتعث طالب الدكتور عادل الغامدي أخصائي اجتماعي بعدم ابتعاث الطلاب والطالبات بعد الثانوية مباشرة، فالشاب في هذه السن لازالت شخصيته في مراحل التكوين، تجاربه لم تصقل بعد، ومن السهل استمالته بكلمة، أو صورة عابرة، ويجب أن يتم التركيز في برامج الابتعاث على مرحلتي الماجستير والدكتوراه، واستغرب الدكتور الغامدي استثناء الشباب فوق سن الأربعين من برامج الابتعاث، وقال: الشباب فوق سن الأربعين هم أكثر نضجا وأقدر على مواجهة التحديات، وأقل عرضة للانزلاق في مهاوي الخطر المحيط بالمبتعثين، وأرى أن تعيد وزارة التعليم العالي شروط الابتعاث خصوصا فيما يتعلق بالسن، وإدراج من هم فوق 40 سنة ضمن المصرح لهم بالابتعاث.
نسب متدنية
من جهته تحدث الدكتور عبدالله الآنسي أستاذ علم النفس في جامعة الطائف عن سلوكيات بعض المبتعثين وعدم انضباطهم أو جديتهم في دراستهم، وقال: هذا بدون شك يعطى صورة غير مشرفة عن المبتعث، ويرى البعض أن هذا عائد بالدرجة الأولى لابتعاث طلاب قد حازوا نسباً متدنية في المرحلة الثانوية، بمعنى أن المعايير التي استخدمت من قبل المسؤولين عن الابتعاث لم تكن دقيقة أو موضوعية.
واقترح الآنسي إلزام أي طالب قبل مغادرته لبلد الابتعاث حضور سنة تحضيرية تشتمل على معلومات شاملة عن بلاد الابتعاث، وقوانينها وطرق التعامل والفرص المتاحة أمام المبتعث.. والسلوك الذي ينبغي أن يسلكه الطالب المبتعث، وحق وطنه عليه وأنه سيصبح سفيرا معتمدا لبلاده، مع دراسته لمقررات في لغة الدراسة وكذا البلاد التي سيذهب إليها.. وكل هذه الأفكار دون ريب جديرة بالمناقشة والدراسة والأخذ بأفضلها. وأضاف في رأيي أن إدارة الابتعاث بوزارة التعليم العالي مدعوة لتقييم تجارب الابتعاث وإصلاح الخلل، والتأكد من مستوى الجامعات التي يتم ابتعاث الطلاب للدراسة فيها، وأن لا يكون دورها فقط مقصوراً على الابتعاث.
فيما يرى الدكتور عبدالقادر باحبيل أستاذ علم الاجتماع أن كثيرا من المشاكل الاجتماعية والقانونية التي يقع فيها الطلاب والطالبات السعوديون المبتعثون للدراسة في الدول الأخرى -الغربية بالذات-، سببها الرئيسي هو نقص المعلومات المتعلقة بثقافة تلك البلدان، التي لو عرفها الطلاب والطالبات مسبقاً، لما تعرضوا لكثير من المشاكل، ويقول:المطلوب هو أن تتولى الجهة المعنية بالابتعاث مهمة تنسيق برنامج تدريبي متخصص يتعرف من خلاله الطالب والطالبة على ثقافة البلد الذي تم ابتعاثهم إليه قبل سفرهم إلى تلك الدولة،. ومساعدتهم على تخفيف وقع (الصدمة الثقافية) التي تواجه أي فرد للعيش في بلد آخر يختلف عنه في معظم مناحي ثقافته الاجتماعية إضافة إلى تصميم برامج تدريبية متخصصة تهتم بتسليط الضوء على ثقافة الدولة التي يتم ابتعاث الطلاب والطالبات لها قبل ذهابهم إليها، ويتم توزيع تلك البرامج على مراكز تدريبية متخصصة في المناطق المختلفة في مدن المملكة على أن تكون إلزامية لكل الطلاب والطالبات الراغبين في الدراسة في الخارج سواء على حساب الدولة أم على حسابهم الخاص.
من جهته قال الدكتور عبدالعزيز الدخيل أستاذ الخدمة الاجتماعية المساعد بجامعة الملك سعود: إن الانتقال من مجتمع محافظ إلى مجتمع انفتاحي تقل فيه الممنوعات من الأمور الصعبة، والشاب في مثل هذه الحالة يعاني العديد من الإشكاليات والعوائق وهنا يأتي دور اعتماده على نفسه حتى يستطيع تجاوز إغراءات وسلوكيات المجتمع الذي التحق به مؤخرا ونحن دائما نسمع عمن يذهب إلى المجتمعات المتحررة وتتضرر أخلاقياته وسلوكياته بسبب الانخراط في هذه المجتمعات ، وهناك أمر واضح وقريب من هذه الحالة فقد تجد الابن هادئ الطباع في محيط أسرته ولكن طباعه السلوكية تختلف إذا كان في محيط المدرسة.
وأضاف: إن السلوك في النهاية هو نتيجة فأبناؤنا قبل سفرهم للخارج لابد من غرس القيم فيهم وخاصة القيم الدينية وقيم الانضباط وكل قيمة في النهاية تتحول إلى مؤشرات سلوكية، وقيمية الانضباط على سبيل المثال تدل على احترام النظام واتباعه وهنا لابد من تعليم الأبناء بأن السلوكيات مرسخة للقيم ولابد أن تكون هذه القيم متجسدة في ثقافة البلد حتى نعكسها خلال سفرنا للخارج.
وأضاف: لابد من وضع أسس لاختيار الطلاب والطالبات المتوازنين نفسيا حتى لايتسببوا في مشاكل حال سفرهم للخارج ولابد من الإشراف المباشر من الملحقية لأجل ذلك ولاشك أن هذا الأمر يتطلب ضخ مبالغ ضخمة من خلال عدد هائل من المشرفين يتولى كل واحد منهم مسؤولية متابعة ما بين 20 إلى 30 طالبا على الأقل ومن الضروري أن يكون هؤلاء المشرفون لهم خبرة كافية في مجتمعات دول الابتعاث.