نريدهن عاملات .. لا عارضات

وليد احمد فتيحي

من الصعب على أهل المنطق السليم والفكر المستنير، أن يقبلوا التعايش مع المتناقضات التي تجعل الرجل مِنْهُم كالذي يملكه رجال متشاكسون.
وقد تعتاد الأعين في مجتمع من المجتمعات على هذه التناقضات، فتمر عليها الأعين أو تلقاها الآذان دون المرور على العقل أو القلب، أو مروراً على منطق منتكس أو أحاسيس ومشاعر متبلدة، فتنتصر المتناقضات وينهزم العقل والمنطق السليم، وبانهزام المنطق والعقل ينهزم الانسان الذي كرمه الله بالعقل.
من المتناقضات التي لا أفهمها ولم يستطع أن يُفهمني اياها أحد بعد، بالرغم من كثرة سؤالي عنها هي: لِـمَ تُـمنع صورة لطبيبة استشارية مسلمة متحجبة في الإعلانات في الشوارع كما هو الحال للطبيب الإستشاري ويُسمح في الأسواق التجارية «Malls»، وعلى صفحات الجرائد والصحف المحلية وضع صور لنساء مُتبرجات للإعلان وبطريقة مبتذلة في كثير من الأحيان عن منتجات تجارية؟.. رغم أن في هذا استغلالاً مشيناً للمرأة من استخدامها كوسيلة إغراء لترويج السلع التجارية. بل وتجد صحيفة محلية تسمح بوضع إعلان نصف صفحة كاملة ملونة في صفحتها الثانية بتاريخ 16 يناير 2007م، عن مسلسل غربي في قناة «Dubai one» التي تبث من مدينة دبي بعنوان «زوجات يائسات» «Desperate House Wives»، ويتضمن الاعلان صوراً لأربع نساء مُتبرجات وكتب على كل واحدة منهن الدور الذي تقوم به في المسلسل «الغرام، الأمومة، الغدر، الدلال».
إن الذي أعلمه هو أن القيادة العليا المتمثلة في ملك البلاد والدنا خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، تسعى بجد حثيث إلى تفعيل دور المرأة العاملة الملتزمة في البناء. وهل هناك خير من مهنة الطب والشفاء «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً» لإظهار المرأة العاملة في أجمل وأبهى صور العطاء والبذل للمجتمع والوطن والأمة؟.. وكان هذا لسان حال والدنا ملك الانسانية في تكريمه لأطباء وطبيبات مستشفى المركز الطبي الدولي دون استثناء عند تشريفه لافتتاح المستشفى قبل بضعة أشهر. وفي هذا تطبيق وسير على نهج سيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قدوتنا واسوتنا وآخر الأنبياء والرسل في تكريمه للصحابية رفيدة الأنصارية كأول ممرضة في الإسلام.
والتناقض الآخر هو النظام الذي يوجب تغطية العين للأشخاص الذين يُعلن عنهم في الشوارع. فان كان هناك من يستطيع استناداً لدليل شرعي قاطع أو فتوى شرعية واضحة وصريحة لتحريم الصور أو تغطية العين جزئياً أو كلياً فليكن ذلك قراراًَ مُعمَّماً لا يُستثنى منه احد سواءً كان في الإعلانات في الشوارع أو الصحف والجرائد والمجلات أو التلفاز..
وهذا ما يقتضيه المنطق ان وجد الدليل الشرعي القاطع الذي لا اختلاف فيه.
ولا أحسب أن عالماً أو فقيهاً يُفتي بذلك.
وعند سؤال شركات الاعلانات فانهم يستندون إلى بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء بشأن الضوابط الشرعية للاعلانات.
انني أناشد المسؤولين أن يخرجونا من هذا التناقض العجيب الذي لا أفهمه ولم يستطع أحد أن يُفهمني إياه حتى لحظتي هذه.
وانني أناشدهم أن لا يمنعُونا حق وواجب مساواة الطبيب بالطبيبة في الإعلان عن الخدمات الطبية والصحية التي تقدم.
واننا نتفهم إن وضعت شروط لهذه الصور من الالتزام بالزي والحجاب الإسلامي.
أما أن تحرم الطبيبة من الإعلان عن نفسها ويترك الباب مفتوحاً للممثلات والمتبرجات في الإعلان عن المنتجات التجارية ففي هذا ظُلم وغبن واستغلال رخيص للمرأة والتقصير في إبراز دورها الفعَّال المشرف في بناء المجتمع والوطن ومشاطرة الرجل ومشاركته في مهنة مشرفة كريمة كمهنة الطب.
فاكس: 6509659
Okazreaders@imc.med.sa