الأزمة السورية فى لبنان

عبدالله الاشعل

توشك لبنان أن تنزلق إلى حرب أهلية، وهذه المرة بين الموالين للنظام، والموالين للثورة فى سورية، ولبنان بلد مرهف اجتماعيا وسياسيا وطائفيا؛ ولذلك فإن اشتعال النار فيه لن يقف بسهولة. وكلما تابعت الأحداث المتسارعة فى لبنان، استعدت صورة لبنان الجريح لما يزيد على عقد ونصف العقد من الحرب الأهلية، كان فيها الكل ضد الكل، وكان القتل على الهوية الدينية والسياسية، فى حالة سرطانية، أتت على الأخضر واليابس، ولم تفلح كل الجهود الدولية فى وقف هذه الحرب المجنونة. كان ذلك فى عام 1975 وظلت الحرب مشتعلة، وكان يراد لها أن تقضي على لبنان، وأن تصفى فيها حسابات، وأن ترسم بعدها خرائط، وتورطت فيها أطراف دولية وإقليمية، وكان الجهد العربي متواضعا فى وقت كانت المنطقة العربية بعد التقارب المصري الإسرائيلي قد دخلت فى تقاطعات كثيرة. ففي الفترة من 1975 حتى 1989 تاريخ مؤتمر الطائف فى المملكة الذى أنهى رسميا الحرب الأهلية، وجمع كل الأطراف اللبنانية لرسم خريطة لبنان بعد الحرب، وقعت عشرات الأحداث، وظهرت عشرات المحطات فعلى الجبهة الإسرائيلية العربية كانت سورية قد وقعت اتفاق فض الاشتباك في الجولان، مما مهد لأن تسند القمة العربية فى الرياض إلى سورية مهمة التدخل فى الساحة اللبنانية عام 1976 وهو ما مهد بدوره لوجود عسكرى سوري فى لبنان.
كانت المقاومة الفلسطينية طرفا فى الحرب الأهلية، وهو ما سمح لإسرائيل أن تتفرغ لإشعال الساحة اللبنانية، فتحرشت بالمقاومة عام 1981، وضربت المفاعل العراقي فى نفس العام فى الوقت الذى كانت جهة جهنمية أخرى قد فتحت وهى الحرب العراقية ــ الإيرانية . فى عام 1982 احتلت إسرائيل بيروت فى أول سابقة لاحتلال عاصمة عربية. الاحتلال الإسرائيلى لبيروت أدى إلى رحيل المقاومة الفلسطينية من لبنان، والتطور الثاني هو نشأة حزب الله، وبداية الدور الإيراني فى الملف الفلسطيني، وظهور المقاومة اللبنانية فى لبنان بديلا عن المقاومة الفلسطينية وما أحدثته من تعقيدات مع الدولة والمجتمع فى لبنان.وأما التطور الثالث فهو استمرار الوجود العسكري السوري، وفي غضون هذه التطورات جميعا تركت إسرائيل مع الكتائب جرحا غائرا بمذبحة صبرا وشاتيلا. فى الساحة اللبنانية خسر اللبنانيون وخسر الفلسطينيون وخسر السوريون.