صحة المسنين مسؤولية المجتمع

ياسر سلامة

التوجه العام اليوم في العالم العربي الاهتمام بصحة المسنين، هذا الاهتمام وإن كان متأخرا، إلا أنه يأتي في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد هذه الفئة العمرية الهامة. المسنون ــ بفضل الله ــ هم من أوصلوا البشرية إلى ما وصلت إليه اليوم وفي جميع المجالات، فالتقدم والتطور والاختراعات والابتكارات قديمها وحديثها كانت نتاج العمل الصادق والجاد لهذه الفئة العمرية العزيزة على قلوبنا. ومن حقهم على البشرية كافة أن يحظوا بالاهتمام والرعاية اللائقة، لا أن يتركوا للاكتئاب والأمراض الكثيرة المنتشرة هذه الأيام.
الإحصائيات تقول إن 80 في المائة من المسنين يعانون من مرض مزمن واحد و50 في المائة منهم يعانون من مرضين مزمنين أو أكثر، والعلم يؤكد أن فقدان القدرة على الاعتناء والسيطرة على الذات ليست بالضروري بسبب التقدم في السن، ولكن بسبب الأمراض التي تلعب دورا كبيرا في ذلك، فمعرفة أمراض المسنين ومتابعتها وإعطاؤها حقها من التقدم الطبي الملحوظ من شأنه التقليل من أضرارها وتفاقمها وإعاقتها للمسن، فالشيخوخة واقع لا يمكن الهروب منه، وهي ليست مرضا، وبالإدراك لمجموعة من المعلومات الطبية واتباع النصائح المرادفة لها يمكن العيش بشيخوخة أكثر اتزانا وسعادة مع صحة أو وضع صحي عام مسيطر عليه تماما، وهذا جل وأهم ما يحتاجه المسن.
هناك أمراض عديدة يكون المسنون أكثر عرضة لها من غيرهم، وتحدد علميا وإحصائيا بعدة عوامل، أهمها ــ على سبيل المثال ــ أنها الأكثر مسؤولية عن حالات الوفاة بينهم، أو أنها الأكثر مسؤولية عن أنواع المعاناة والعجز، أو أنها الأكثر شيوعا بين المسنين، وعلميا، مثبت أنه يزداد حدوثها مع تقدم السن، وهذه الأمراض ــ بفضل الله ــ طالها التقدم والتطور العلمي الحديث، فمنها ما له علاج تام، ومنها ما يمكن السيطرة عليها وإيقافها وإيقاف تأثيرها وضررها السلبي على المسن، وبعيدا عن التفصيل نأخذ ــ على سبيل المثال ــ بعض الأمراض الشائعة والعامة التي يكون المسن أكثر عرضة لها دون غيره، ومن الممكن بالتوعية وقليل من الاهتمام تجنبها ومن أخطرها الإصابات والحوادث، وهي تقع في المرتبة الخامسة في أسباب الوفيات عند المسنين (وهم في أكثر الدراسات من تجاوز الخامسة والستبن عاما) وتأثيرها عند المسن مختلف تماما، ويكون كبيرا وبالغا ومن جميع النواحي عضوية كانت أو نفسية، ومن أخطر أنواع هذه الحوادث السقوط وحوادث السيارات والحروق، حيث تشكل هذه النوعية من الإصابات 80 في المائة من مجموع الحوادث والإصابات التي يتعرض لها المسنون، ناهيك عن الأمراض الأخرى الشائعة والمعروفة لدى المسنين، كالتهاب المفاصل العظمي والاكتئاب والسكر وارتفاع ضغط الدم ومشاكل الهضم وأمراض القلب ونقص واضطراب الهرمونات وضعف الذاكرة الطبيعي وفقد الذاكرة المرضي والزهايمر والقلق والمخاوف والوساوس وهشاشة العظام والتبول اللا إرادي (فقد التحكم) واختلال التوازن وأمراض البروستاتا والجفاف، وهذا العدد من الأمراض الشائعة لدى المسنين يشمل أهم وأكثر الأمراض حدوثا وليس كلها وبدون ترتيب إحصائي علمي.
أخيرا، ما يجب أن يعرفه الجميع أن صحة المسنين مسؤولية المجتمع، وأن بالإمكان ــ بإذن الله ــ الاحتفاظ بصحة جيدة وحياة سعيدة مع هذا التقدم والثورة العلمية الكبيرة، وبالذات في صحة المسنين، وأن التقدم في العمر لا يعتبر مرضا، ومن الممكن أن يكون نعمة وليس نقمة.


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 192 مسافة ثم الرسالة