المدرسة الأميرية.. رواية التعليم الأول
خرجت رجالاً في الولاء والانتماء للوطن
الاثنين / 01 / ربيع الثاني / 1434 هـ الاثنين 11 فبراير 2013 21:19
فايع عسيري (نجران)
في حنايا نجران القديمة «أبا السعود» يمتد بك التاريخ نحو سوقها الشعبي حيث صوت الذاكرة بين الباعة، والمشترين، والسقاية.. وقلوب وعقول أضنتها السنين، والبحث عن لقمة العيش.
وعلى مقربة من قصر أبو ماضي التاريخي، تأخذك الخطوات ذاتها مترسمة أولى خطوات التعليم ومجابهة الجهل، والأمية.. ثمة رواية بين جدران الطين، وتحت سقف من النخل، والسدر، والأثل، رواية الأمس والحاضر، المعلم الأب والمربي وأبناؤه الطلاب على حصير من قصب وسعف من نخل، والحصى، والحنابل، وتلاوات القرآن، وحروف الهجاء..هي رواية الأميرية، أو مدرسة الأميرية، التي تمثل رواية التعليم الأول في نجران.
فالمدرسة الأميرية التاريخية التي يعود تاريخها إلى أكثر من سبعين عاما، شكلت وقتها نقلة نوعية للتعليم في نجران، وكان لها قصب السبق والريادة في قيادة مسيرة التعليم في المنطقة بأكملها.
وقد أسست المدرسة الأميرية سنة 1361هـ، واكتمل بناؤها، وبدا التدريس فيها سنة1362هـ. وكانت تتكون من مجموعة من الفصول الطينية التي بنيت على طراز الفن المعماري النجراني، أو بما يعرف بالمداميك «العروق»، وهي طريقة بناء خاصة يستخدم فيها الطين عديم الملوحة، وخلطه بالماء، والسقف المصنوع من الأثل والنخل وأشجار السدر. وبالمناسبة يعد البناء ماركة مسجلة خاصة بالفن النجراني المعماري الذي صقلته الإنسانية منذ قديم العصور.
وبوابة المدرسة كانت مصنوعة من شجرة الأثل التي عرفت بمقاومتها الشديدة لظروف الصحراء، وعوامل التعرية، وتقلبات الطبيعة.
وفي بداية السبعينات الهجرية، نقلت إلى مبنى حديث وسميت المدرسة السعودية نسبة للملك سعود بن عبدالعزيز، رحمه الله، وكان يدرس الطلاب فيها القرآن الكريم، والتفسير، والحديث، والتجويد، والفقة، والتوحيد، والهجاء، والمطالعة، والخط العربي، والجبر، والعلوم، التاريخ، والجغرافيا، في حين كان عدد طلابها لا يتجاوز العشرة، وكان أغلب المعلمين من العراق، وسوريا، والأردن، ومصر، والسودان.ولأن نجران كانت تتبع تعليميا لمحافظة بيشة، كانت تأتي كتب المناهج الدراسية عن طريق إدارة التعليم فيها.
استعادة التاريخ
أستاذ التاريخ المتقاعد والباحث في علم التاريخ سالم بن حنظل، وهو من أوائل طلاب مدرسة الأميرية، يستعيد تاريخه في هذه المدرسة فيقول إن الحياة كانت صعبة، ولصعوبتها كنا حريصين على التعليم، تدفعنا إرادة الطموح فقد كانت الدواب من الأبل والخيول والحمير وسائل نقل، فيما كان أكثرية التلامذة يسيرون على الأقدام، وكانت الفسحة عبارة عن كسرة بر، أو تمر، أو دوم.
ويضيف «لم يكن غير الفوانيس، والأتاريك ندرس على نورها ليلا، ووقت العصر في المزارع، ورعي الأغنام ويوم شاق بكل ما تحمله الذكريات من معاناة صنعت منا رجالا، وخرجت أجيالا تستشعر المسؤولية، في الولاء، والانتماء لوطننا الذي منحنا كل شيء».
ويستطرد بعد تنهيدة طويلة بامتداد ذاك العصر القديم، إنه مازال يذكر مدير مدرسته يحي صمان عسيري، صاحب الشخصية القيادية، والحازمة، والقوية، وكان يعرف من رائحة طيبة، وهو يمر في فناء المدرسة أوبين الفصول. ويشير إلى أن من معلميه كان الأستاذ عبد العزيز العياضي، والأستاذ مبارك قبقب، والأستاذ علي فلاح آل ضاوي، ومن رفقاء دربه من الأستاذ سعيد فرج الذي ما زال يمارس التعليم في ابتدائية المأمون في الموفجه.
ويضيف «كانت السبورة عبارة عن قطعة خشبية مطلية بالزيت، وكان المعلمون يكتبون بالطباشير لفترة محددة، ثم تصبح غير قابلة للكتابة عليها، فيما كان التلامذة يكتبون على ألواح من الخشب».
وحول وجود مراكز إشراف وقتها ومن كان يشرف على التعليم في المدرسة يقول «لم يكن يوجد غير مركز إشراف صغير مبني من الطين خاص بالتعليم، وتولى إدارته الأستاذ عبدالعزيز العياضي آنذاك، وكان مقره قرب سوق السدران الحالي، وتطور حتى أضحى يعرف بإدارة التعليم التابعة لوزارة المعارف في الرياض، وكان مقرها الأول في حي البلد على مقربة من مستشفى نجران العام الحالي».
متحف للتعليم
أوضح المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة نجران صالح آل مريح لـ«عكاظ» أن الهيئة استلمت مبنى المدرسة الأميرية التاريخية، رسميا بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله أمير منطقة نجران، مشيرا إلى أن الهيئة سعت بتوجيه من رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، وبالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، ممثلة في إدارة التربية والتعليم، لتحويله إلى متحف لتاريخ التعليم في منطقة نجران.
وعلى مقربة من قصر أبو ماضي التاريخي، تأخذك الخطوات ذاتها مترسمة أولى خطوات التعليم ومجابهة الجهل، والأمية.. ثمة رواية بين جدران الطين، وتحت سقف من النخل، والسدر، والأثل، رواية الأمس والحاضر، المعلم الأب والمربي وأبناؤه الطلاب على حصير من قصب وسعف من نخل، والحصى، والحنابل، وتلاوات القرآن، وحروف الهجاء..هي رواية الأميرية، أو مدرسة الأميرية، التي تمثل رواية التعليم الأول في نجران.
فالمدرسة الأميرية التاريخية التي يعود تاريخها إلى أكثر من سبعين عاما، شكلت وقتها نقلة نوعية للتعليم في نجران، وكان لها قصب السبق والريادة في قيادة مسيرة التعليم في المنطقة بأكملها.
وقد أسست المدرسة الأميرية سنة 1361هـ، واكتمل بناؤها، وبدا التدريس فيها سنة1362هـ. وكانت تتكون من مجموعة من الفصول الطينية التي بنيت على طراز الفن المعماري النجراني، أو بما يعرف بالمداميك «العروق»، وهي طريقة بناء خاصة يستخدم فيها الطين عديم الملوحة، وخلطه بالماء، والسقف المصنوع من الأثل والنخل وأشجار السدر. وبالمناسبة يعد البناء ماركة مسجلة خاصة بالفن النجراني المعماري الذي صقلته الإنسانية منذ قديم العصور.
وبوابة المدرسة كانت مصنوعة من شجرة الأثل التي عرفت بمقاومتها الشديدة لظروف الصحراء، وعوامل التعرية، وتقلبات الطبيعة.
وفي بداية السبعينات الهجرية، نقلت إلى مبنى حديث وسميت المدرسة السعودية نسبة للملك سعود بن عبدالعزيز، رحمه الله، وكان يدرس الطلاب فيها القرآن الكريم، والتفسير، والحديث، والتجويد، والفقة، والتوحيد، والهجاء، والمطالعة، والخط العربي، والجبر، والعلوم، التاريخ، والجغرافيا، في حين كان عدد طلابها لا يتجاوز العشرة، وكان أغلب المعلمين من العراق، وسوريا، والأردن، ومصر، والسودان.ولأن نجران كانت تتبع تعليميا لمحافظة بيشة، كانت تأتي كتب المناهج الدراسية عن طريق إدارة التعليم فيها.
استعادة التاريخ
أستاذ التاريخ المتقاعد والباحث في علم التاريخ سالم بن حنظل، وهو من أوائل طلاب مدرسة الأميرية، يستعيد تاريخه في هذه المدرسة فيقول إن الحياة كانت صعبة، ولصعوبتها كنا حريصين على التعليم، تدفعنا إرادة الطموح فقد كانت الدواب من الأبل والخيول والحمير وسائل نقل، فيما كان أكثرية التلامذة يسيرون على الأقدام، وكانت الفسحة عبارة عن كسرة بر، أو تمر، أو دوم.
ويضيف «لم يكن غير الفوانيس، والأتاريك ندرس على نورها ليلا، ووقت العصر في المزارع، ورعي الأغنام ويوم شاق بكل ما تحمله الذكريات من معاناة صنعت منا رجالا، وخرجت أجيالا تستشعر المسؤولية، في الولاء، والانتماء لوطننا الذي منحنا كل شيء».
ويستطرد بعد تنهيدة طويلة بامتداد ذاك العصر القديم، إنه مازال يذكر مدير مدرسته يحي صمان عسيري، صاحب الشخصية القيادية، والحازمة، والقوية، وكان يعرف من رائحة طيبة، وهو يمر في فناء المدرسة أوبين الفصول. ويشير إلى أن من معلميه كان الأستاذ عبد العزيز العياضي، والأستاذ مبارك قبقب، والأستاذ علي فلاح آل ضاوي، ومن رفقاء دربه من الأستاذ سعيد فرج الذي ما زال يمارس التعليم في ابتدائية المأمون في الموفجه.
ويضيف «كانت السبورة عبارة عن قطعة خشبية مطلية بالزيت، وكان المعلمون يكتبون بالطباشير لفترة محددة، ثم تصبح غير قابلة للكتابة عليها، فيما كان التلامذة يكتبون على ألواح من الخشب».
وحول وجود مراكز إشراف وقتها ومن كان يشرف على التعليم في المدرسة يقول «لم يكن يوجد غير مركز إشراف صغير مبني من الطين خاص بالتعليم، وتولى إدارته الأستاذ عبدالعزيز العياضي آنذاك، وكان مقره قرب سوق السدران الحالي، وتطور حتى أضحى يعرف بإدارة التعليم التابعة لوزارة المعارف في الرياض، وكان مقرها الأول في حي البلد على مقربة من مستشفى نجران العام الحالي».
متحف للتعليم
أوضح المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة نجران صالح آل مريح لـ«عكاظ» أن الهيئة استلمت مبنى المدرسة الأميرية التاريخية، رسميا بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله أمير منطقة نجران، مشيرا إلى أن الهيئة سعت بتوجيه من رئيسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، وبالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم، ممثلة في إدارة التربية والتعليم، لتحويله إلى متحف لتاريخ التعليم في منطقة نجران.