الإعلان بين القبول والرفض

مها الشريف

الإعلانات التجارية أفسدت متعة المتابعة للبرامج المحببة والمفضلة عند الناس سواء أكانت في التلفزيون أم الراديو، هل يلزمنا الخضوع لكل سياسة ينتهجها التجار ؟
يبدو أن عملية إفساد الذوق العام احتلت وظائف عليا في المجتمع وبلغت أوجها في استغلال الوقت وساهمت بالملل ثم أوجدت مفارقة بين الفهم والموضوعية،نحن ندرك تحيز كل مشاهد إلى القناة التي تنسجم مع اهتماماته وتوجهاته ولكن هذا لا يعطي تلك القنوات الحق في فرض بعض الإعلانات وبأسلوب فرضي مكرر مقيت خال من التجديد والإثارة.
إن آلية التعريف بالواجب والممكن تندرج حسب وعي المشاهد والمستهلك، وليست حسب نصوص الشركات المعلنة، ومن القواعد المهمة مراعاة جذب المشاهد، التي يمنع بمقتضاها إفساد متعته وإهدار وقته، بل والحفاظ على الحقوق الطبيعية للناس في بيوتهم وأماكن راحتهم، وهذا يطرح الضرورة الملحة في أن لا يفرض الاستقطاب فرضا، بل تقوده عقود خاصة تحافظ على خصوصية الأذواق وحرية المتعة والمشاهدة الحرة غير المفروضة.
لقد فقدت بعض البرامج بريقها من جراء الإعلانات التجارية وتضاءلت نسبة مشاهديها كبعض البرامج الرياضية التي أصبحت مشابهة لحراج السيارات، حيث تكتظ بالفواصل الإعلانية، علما أن الإعلان التجاري في أمريكا وأوروبا أكثر وأطول وقتا ولكن بسياسة متجددة ومشوقة لا تشكل عبئا على عقل المشاهد أو المتابع.
وهذا يطرح السؤال المهم: هل يتأثر الناس بالإعلانات التجارية ويشترون ما يحتاجونه بناء على هذه الإعلانات؟ وهل يؤثر الإعلان التجاري التلفزيوني على الطفل والمرأة؟ وهل يختلف تأثير الإعلان بتكرار بثه مرات عدة؟ وهل تعتقدون بأن ما يقال في الإعلان وخصوصا ما يهتم منها بالترويج للمواد الغذائية صحيح؟
إن هيئة البث المرئي والمسموع وهيئة الإذاعة والتلفزيون مسؤولتان أمام هذه النشرات التجارية المكثفة التي جلبت الصداع والبؤس للمستمع والمشاهد، ونقلا عن فاينانشال تايمز: لقد تضررت التلفزيونات من تراجع عدد المشاهدين وساورتها مخاوف من تحول أموال المعلنين إلى وسائل الإعلام الرقمية الحديثة، لكن بعد أن وجدت أعدادا متزايدة من أجهزة التلفزيون الذكية المتصلة بالإنترنت طريقها إلى البيوت، أصبحت هذه الشركات ترى أن لديها فرصة للبقاء في قلب صناعة الإعلان العالمية. وخلال عرضها للمستثمرين تحت عنوان (العصر الذهبي الجديد لشبكات البث التلفزيوني)، قال ديفيد بولتر الخبير في قسم الأبحاث في (سي بي إس): إن موقع التلفزيون الريادي في سوق الإعلان سيستمر وسط انتشار التكنولوجيات الجديدة التي توزع برمجياتها عبر طيف واسع من الأجهزة الرقمية، لقد أصبحت السوق الإعلانية لشركات التلفزيون البالغ حجمها 197 مليار دولار عرضة لتهديدات مواقع التواصل الاجتماعي أمثال جوجل وفيسبوك وياهو، السؤال أين التلفزيون العربي من سياسة الإعلان وحيوية العرض وعبقرية التخطيط، إننا لم نشاهد إلا تكريسا مقيتا متكررا لا يقدم منتجا إعلانيا مقنعا، بل صراخا مزعجا يمارسه البعض للإقناع، إننا نبحث عن مخرج مبهر يجيد توظيف الوقت ليتناسب مع إثارة الإعلان ويتصدى لبعثرة التركيز ويراعي حقوق المنتج والمستهلك.