نشؤنا .. ومعضلة القراءة في المدرسة
الأربعاء / 10 / ربيع الثاني / 1434 هـ الأربعاء 20 فبراير 2013 20:52
عبدالملك مرتاض
الطفل عجينة كريمة حية يعجنها الكبار كيف يشاءون، ولذلك ورد في الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». فنحن نستطيع أن نجعل من الطفل متعلما عالما، كما نستطيع، بالإهمال، أن نجعل منه خاملا جاهلا، وربما منحرفا مجرما.
ولا نتحدث عن الكتب المدرسية العامة، مثل كتب التاريخ والجغرافيا والعلوم والحساب وغيرها، فهذه كتب مضبوطة بصرامتها العلمية غالبا، فيكون الخطأ فيها قليلا؛ ولكنا نتحدث عن كتاب القراءة، أي عن النصوص الأدبية في أبسط مستوياتها الفنية. وقد لاحظنا أن كتاب القراءة في المدرسة العربية ــ مشرقا ومغربا، كما بدا ذلك في مؤتمر انعقد بالكويت في نيسان الماضي عن هذا الموضوع، يحتاج إلى إعادة نظر، وإلى أن تشرف عليه لجنة من كبار العلماء (في اللغة العربية وعلم النفس خاصة)، وذلك حتى نقدم للطفل الغض في المدرسة طعاما لغويا نقيا شهيا، لا طعاما ملوثا سيئا. وقد اطلعت على بعض كتب القراءة المقررة في المدارس الابتدائية، فلاحظت نقصا شنيعا في تدقيق اللغة والنحو، وربما المعلومات العامة.
ونحن ننصح بأن تنتقى نصوص هذه الكتب من آثار الكتاب الكبار، ممن وقع عليهم إجماع الأمة بنقاء لغتهم، وجمال أسلوبهم، فينسج التلاميذ على منوالهم، ويسيرون في كتابة إنشائهم على هديهم؛ ذلك بأنا وجدنا بعض الكتب التي اطلعنا عليها في هذا الموضوع تستعمل عبارات «بتصرف»، و«عن النيت»، كثيرا... فالنص الذي يقدم إلى الطفل في المدرسة لا بد أن يكون منسوبا إلى مؤلفه، لا دعيا.
وتتميز اللغة العربية بدقتها في تحديد المعاني، بحيث إن «القليل» يطلق على شيء، و«الضحل» على شيء، فقديما قال طرفة يسخر من شاعر معاصر له عبارته المشهورة: «استنوق الجمل»!، وذلك لما استعمل في وصف عنق الجمل لفظة «الصيعرية» الخاصة بأعناق النوق. ويشبه هذا، اليوم، أن الكتاب المعاصرين لا يكادون يميزون بين عنق المرأة وعنق الرجل، مثلا؛ فيستعملونه للمرأة، من حيث إن العرب تطلق عليه «الجيد» في جيدها حبل من مسد، وهو منقول عن جيد الرئم. وقد وجدتهم يكتبون للطفل في أحد كتب القراءة المقررة في المدارس «الماء القليل»، وإنما هو «الماء الضحل»؛ ورأيتهم يكتبون للطفل البريء: «فترك غنمه تدخل المزرعة ليلا، وتأكل الزرع...»، وإنما يقال: نفشت الغنم في الزرع، إذا رعته ليلا، ومنه قوله تعالى: إذ نفشت فيه غنم القوم.
وإذا نشأنا الطفل العربي على هذا الخلط في استعمال اللغة، فكيف ننتظر منه أن يبحث بها ويبدع، حين يصير كبيرا؟!
ولا نتحدث عن الكتب المدرسية العامة، مثل كتب التاريخ والجغرافيا والعلوم والحساب وغيرها، فهذه كتب مضبوطة بصرامتها العلمية غالبا، فيكون الخطأ فيها قليلا؛ ولكنا نتحدث عن كتاب القراءة، أي عن النصوص الأدبية في أبسط مستوياتها الفنية. وقد لاحظنا أن كتاب القراءة في المدرسة العربية ــ مشرقا ومغربا، كما بدا ذلك في مؤتمر انعقد بالكويت في نيسان الماضي عن هذا الموضوع، يحتاج إلى إعادة نظر، وإلى أن تشرف عليه لجنة من كبار العلماء (في اللغة العربية وعلم النفس خاصة)، وذلك حتى نقدم للطفل الغض في المدرسة طعاما لغويا نقيا شهيا، لا طعاما ملوثا سيئا. وقد اطلعت على بعض كتب القراءة المقررة في المدارس الابتدائية، فلاحظت نقصا شنيعا في تدقيق اللغة والنحو، وربما المعلومات العامة.
ونحن ننصح بأن تنتقى نصوص هذه الكتب من آثار الكتاب الكبار، ممن وقع عليهم إجماع الأمة بنقاء لغتهم، وجمال أسلوبهم، فينسج التلاميذ على منوالهم، ويسيرون في كتابة إنشائهم على هديهم؛ ذلك بأنا وجدنا بعض الكتب التي اطلعنا عليها في هذا الموضوع تستعمل عبارات «بتصرف»، و«عن النيت»، كثيرا... فالنص الذي يقدم إلى الطفل في المدرسة لا بد أن يكون منسوبا إلى مؤلفه، لا دعيا.
وتتميز اللغة العربية بدقتها في تحديد المعاني، بحيث إن «القليل» يطلق على شيء، و«الضحل» على شيء، فقديما قال طرفة يسخر من شاعر معاصر له عبارته المشهورة: «استنوق الجمل»!، وذلك لما استعمل في وصف عنق الجمل لفظة «الصيعرية» الخاصة بأعناق النوق. ويشبه هذا، اليوم، أن الكتاب المعاصرين لا يكادون يميزون بين عنق المرأة وعنق الرجل، مثلا؛ فيستعملونه للمرأة، من حيث إن العرب تطلق عليه «الجيد» في جيدها حبل من مسد، وهو منقول عن جيد الرئم. وقد وجدتهم يكتبون للطفل في أحد كتب القراءة المقررة في المدارس «الماء القليل»، وإنما هو «الماء الضحل»؛ ورأيتهم يكتبون للطفل البريء: «فترك غنمه تدخل المزرعة ليلا، وتأكل الزرع...»، وإنما يقال: نفشت الغنم في الزرع، إذا رعته ليلا، ومنه قوله تعالى: إذ نفشت فيه غنم القوم.
وإذا نشأنا الطفل العربي على هذا الخلط في استعمال اللغة، فكيف ننتظر منه أن يبحث بها ويبدع، حين يصير كبيرا؟!