سينما جدة .. فلاش باك .. كلاكيت أول مرة

سامي خميّس

مقالاتي السابقة عن ذكريات الأستاذ يحيى حقي قنصل مصر بجدة عام 1927م فتحت شهيتي لكتابة ذكرياتي عن مشاهدة الأفلام السينمائية في بداية الخمسينيات الميلادية بجدة.
كم تمنيت أن أدرس صناعة السينما بعد حصولي على الثانوية لعشقي لها ولأنها تعتبر من أهم الأدوات التي تحفظ وتنعش ذاكرة الأشخاص تأريخا وتوثيقا ليرجع إليها المهتمون بالتاريخ، وكم تعرفنا على مدن وأحداث تاريخية من خلال ذاكرة السينما منذ أواخر القرن التاسع عشر سواء في الولايات المتحدة وأوروبا وبالطبع مصر التي تعرف عليها معظمنا قبل أن نزورها وذلك من خلال أفلامها السينمائية في الثلاثينيات الميلادية من القرن الماضي وقت إنتاجهم الأفلام التي وثقت لمصر وكان ومازال الفضل يعود للسينما.
يأتي بعد السينما التصوير الفوتوغرافي الذي كان له الفضل الأكبر في حفظ ذاكرة جدة منذ قرن تقريبا إضافة إلى بعض الأفلام التي صورتها (أرامكو) وبعثة ستوديو مصر السينمائية التي أتت في أحد مواسم الحج في الأربعينيات الميلادية وكذلك الوفد السينمائي الذي رافق الملك فاروق وقت زيارته للملك عبد العزيز بجدة عام 1945 م ..
كانت الأفلام تصل لجدة مهربة جوا وبحرا وبرا، إما من مصر أو من الكويت أو الهند، كانت مشاهدتها نوعا من أنواع المعاناة لأنها كانت من الممنوعات شأنها في ذلك شأن بقية الممنوعات، بعض الميسورين كانوا يملكون آلات عرض وكانوا يؤجرون الأفلام من محلات معروفة ومحدودة مثل، بادويلان، البلجون، أبو صفية، وغيرهم، يبدأ الإيجار من بعد صلاة العصر حتى عصر اليوم الثاني بمبلغ يتراوح مابين 60 ــ 80 ريالا، حسب حداثة الفيلم جديدا كان أم قديما، المضحك هو أنك تذهب إلى الدكان تجد أرففه خالية إلا من صاحبه الذي يستلم الفلوس بعد أن يعرف اسم الفيلم المطلوب، بعد ذلك يهمس في أذن صبية ليعود بالفيلم ملفوفا بلفافة حقيرة للتمويه من بين الأزقة متلفتا يمينا وشمالا كأي مهرب.

sami@khumaiyes.com