جوائز تحت المسؤولية

نايف الرشدان

الجوائز التي تقدمها وقدمتها وزارة الثقافة والإعلام لعدد من الأدباء والمبدعين، مؤخرا، مقنعة لعدد من المتابعين، منهم شخصي المتابع، وغير مقنعة لآخرين دار بيني وبينهم حوار استخدمت فيه أمامهم المثل العامي: «من حصل شيء يستاهله»، وأقنعتهم في الجلسة الثقافية والمصارحة الودية بجدارة أغلب الأسماء على الأقل في الحصول على الجوائز التقديرية التي تمت بعناية ودراسة وتحكيم، وكان ذكري للتحكيم مثار جدل حين أردت أن أبرهن على سلامة الاختيار، لكن من هنا بدأت الشرارة والتحول في الحوار، حيث كان تبرير المعترضين بأن المسؤول لدينا إذا اقتنع بشخص ما و(دخل مزاجه) كان له تأثير على اللجان في منحه الأولوية، إلى هنا توقفت وتجنبت الحوار الذي أخذت منه هذه الفكرة لهذا المقال، ولا أقصد بها ــ تحديدا ــ هذا الاختيار، وإنما عموما وفي مستقبل الأحداث الثقافية المماثلة، مجرد فكرة تواردت مع الحوار، وهي التي تدفعني لهذا المقترح، وذلك بأن تكون الجائزة الرسمية قد أوكلت إلى لجان من خارج الوزارة عبر أسماء أكاديمية لها خبرتها وثقلها في المشهد الثقافي والساحة الإبداعية والوسط الأكاديمي، بحيث تصطبغ بالتقدير العلمي ويتم التعامل معها كما لو كانت عملا محكما إن كان عملا نقديا، أو يقيمها أصحاب التجارب الإبداعية المؤثرة إن كان العمل إبداعيا، والفوز بجائزة رسمية عبر عمل أكاديمي أو تأليفي أشبه ما يكون بالحصول على الشهادة العلمية، وفوز عمل إبداعي بجائزة رسمية أشبه ما يكون بإقرار وتقييم فني يمثل الجهة، ويحمل الجهة المعنية تبعية ومسؤولية الاختيار الذي يجب أن يتجنب الشخصنة والعاطفة والانحياز والإعجاب المسبق والتعصب الفئوي، عندها وفي هذا الحال يكون الإعلان عن النتيجة في الحقيقة إعلانا سليما من الأذى بعيدا عن تكهنات وتأويلات المعارضين وتشعب الحالات والمبررات التي تساق كل آن حول أحقية صديق المسؤول أو قريبه أو من كانت هناك بينهما مصالح مشتركة، فالأسلم في مثل هذه المواقف دعم الجدارة في اللجان، ومن أهم مقومات تلك الجدارة تحريرها من عضوية منسوبي الوزارة، وفي حال عدم وجود عضو من الوزارة، فيفترض أن تكون هناك جهة محايدة تتولى الاختيار والتقييم، وكذلك الإعلان عن الأسماء الفائزة، وتبتعد الوزارة بوصفها الثقافي الإداري عن العمل الثقافي بوصفه الإبداعي والتقييمي، وتعنى الوزارة ــ حينئذ ــ بتقديم الجوائز والمصادقة على قرارات اللجان ذات القيمة الحقيقية في التصنيف، ولا نحبذ وجود مسؤول لا في الثقافة ولا في الرياضة ولا في الفن لتقييم أو منح جائزة حتى يكتب لها السلامة والبراءة، على الأقل السير على نهج الجوائز العالمية الكبرى في الاحتكام إلى آلية واضحة وأعضاء محايدين ومحكمين غير معلنين.
هذا اختيار مريح للوزارة كيما تتفرغ لعملها الأصلي، ويكون المسؤول فيها قد أعطى القوس باريها.

nrshdan@gmail.com