مؤتمـر القمـة وسوريـا!!

محمد بن علي الهرفي

حظيت سوريا بالجانب الأكبر من اهتمام القادة العرب الذين اجتمعوا في الدوحة في قمتهم 24، فقد تحدث عنها معظم القادة، وكانت محور حديث سمو ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي تحدث عن استخدام الحكومة السورية كافة الأسلحة المحرمة ضد الشعب، وأنها دمرت البلاد وفشلت في إصلاح وضعها مع السوريين، كما انتقد سموه في كلمته أمام القادة الموقف المتخاذل للمجتمع الدولي وكذلك الانتكاسات الخطيرة للأوضاع الإنسانية السيئة للسوريين.
وفي السياق نفسه تحدث أمير قطر عن الجرائم التي يرتكبها حاكم سوريا وعن أهمية دعم الشعب بكل الوسائل كما طالب بتحويل مجرمي الدولة السورية إلى المحاكم الدولية..
السيد معاذ الخطيب تناول الحديث عن الوضع في بلاده ــ ممثلا لسوريا في الجامعة العربية ــ وكان واضحا وصريحا في حديثه؛ تحدث عن مزاعم التطرف في بلاده، وعن التدخل الدولي الأجنبي ضد الثوار، وطالب الدول العربية والدولية بالوقوف إلى جانب بلاده لكي تسهم في حقن الدماء التي لا تكاد تتوقف.. وفي نهاية الكلمة شكر المملكة العربية السعودية ودولا عربية على ما قدمته لسوريا، كما شكر أمريكا على مساعداتها الإنسانية للشعب السوري ولقيت كلمته كثيرا من الترحيب، وأعتقد أن تعاطف الجميع مع الشعب السوري ومآسيه كان وراء ذلك التعاطف الكبير.
من الأشياء البارزة التي حققتها القمة (24) إعطاء مقعد سوريا لحكومة سورية مؤقتة، وأعتقد أن هذه الخطوة يجب أن يتبعها خطوة أكثر أهمية وهي تسليم كل السفارات السورية للحكومة المؤقتة لكي تصبح حكومة بشار الأسد مقطوعة الجوانب لا تستطيع فعل أي شيء ولعل ذلك يشجع دولا عالمية لفعل الشيء نفسه.
ومن الأشياء التي تميز بها هذا اللقاء تأكيد المجتمعين على حق كل دولة في إعطاء السلاح للثوار السوريين لتمكينهم من الدفاع عن أنفسهم، وهذه خطوة إيجابية لا تترك مجالا للتردد في فعل ذلك
لاسيما أن الثوار السوريين في أمس الحاجة للسلاح النوعي للدفاع عن أنفسهم ولاسيما أن مجرم سوريا بدأ باستخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري، ولعل هذا القرار يعجل برحيل طاغية سوريا وأعوانه..
ولقد لفت نظري مطالبة الرئيس التونسي باحترام اللغة العربية ومطالبته بإبراز دورها الحقيقي في حياة العرب وتقدمهم وحضارتهم.. ولأول مرة أسمع رئيسا عربيا يتحدث عن لغته في حفل دولي كهذا، وأقف مع هذه الدعوة المباركة فقد كادت لغتنا تضيع وهي سر حضارتنا ومنبع ثقافتنا قديما وحديثا، ولعل هذه الدعوة تجد وسيلة لإخراجها مشروعا حضاريا يستفيد منه كل العرب صغيرهم وكبيرهم.
فلسطين كانت حاضرة في هذا اللقاء وتحدث عنها الكثيرون وتم ذكرها في البيان الختامي للمؤتمر، ولكن الشيء العملي الذي أتوقع أن نراه هو ما اقترحه أمير قطر من إنشاء صندوق دعم القدس واقترح أن تكون ميزانيته مليار دولار وأعلن عن تبرع قطر بربع مليار لهذا الصندوق، وهذا عند قيامه سيساهم بالمحافظة على هوية القدس الإسلامية، هذه الهوية التي تحاول إسرائيل إخفاءها بكل الوسائل، وتهجير أهلها وهدم منازلهم وإحلال الصهاينة بدلا عنهم.. كما تحدث البعض عن أهمية تنفيذ قرارات القمة الحالية وقرارات وزراء الخارجية عن أهمية إنهاء الانقسام الفلسطيني والتفرغ لقضايا فلسطين مجتمعين.
الإصلاح العام ومحاربة الفساد كان جزءا من اهتمامات رؤساء القمة، وقد أشير إلى ذلك في البيان الختامي للقمة، وهي ــ كما أرى ــ بادرة جيدة لو تمكن الجميع من القيام بها؛ فالفساد ــ بكل أنواعه ــ هو المسبب الأهم لتأخر الدول وانحطاطها وتخلفها العلمي، فالحديث عن الإصلاح خطوة مهمة والعمل من أجل الإصلاح هو الخطوة الأهم ولعلنا نرى ذلك في كل دولة عربية.
الحديث عن التربية والتعليم وإصلاح المناهج كان من ضمن اهتمامات القمة، بل إن هناك مطالبة بتوحيد المناهج بين الدول العربية.. المهم إعادة النظر في المناهج لكي نرى مناهجها تخرج علماء في كل الفنون ونرى أبناءنا يصنعون كل ماتحتاجه بلادهم ولا نعود نعتمد على الغرب في كل احتياجاتنا..
البيان الختامي كان طويلا.. وكثير مما جاء فيه كان مكررا في معظم القمم السابقة، والواضح أن هذه القمة كانت للسوريين وهذا أفضل شيء فيها كما أراه.
ولأن العرب أصبحوا قليلي الثقة بجامعتهم لأنها أصبحت مترهلة كما يرونها فإن القادة تحدثوا عن أهمية إصلاح الجامعة ــ شكلا ومضمونا ــ لأن الشعوب تريد ذلك ومن واجب الجامعة أن تلبي مطالب شعوبها .. وقد اتخذ القادة بعض الخطوات الفعلية لهذا الإصلاح، وهذا عمل إيجابي مهم لعلنا نرى أثره قريبا ونرى أثره على العرب في كل دولهم.


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة