متاهات النفس البشرية بين الحقيقة والوهم في رواية الحجرات
الثلاثاء / 13 / جمادى الآخرة / 1434 هـ الثلاثاء 23 أبريل 2013 21:07
عكاظ (جدة)
تزول مسافات تفصل هلاوس الطفولة وصرخات العقل الباطن عن حقائق الحاضر أو ما يراه البعض حقائق إلا أنه بعد الفراغ من قراءة رواية الحجرات. تنتهك تلك المتاهات التي ينجح العقل أو التعقل في اقامة جدران حولها.
إذ لا تلجأ مؤلفة الرواية الكاتبة المصرية ايمان عبدالرحيم الى مصطلحات علمية أو نفسية لتفسير سلوك «أمان» بطلة «الحجرات» ولكنها تتوسل بالدراما الاكثر اقناعا بتعقد النفس البشرية وبصعوبة تفسير سلوكها أو التنبؤ بردود أفعالها.
ويصعب على قارئ الرواية أن يفرق بين الحقيقة والوهم أو العقل والجنون وإنما يجد نفسه جزءا من دراما تحتمل اليقين والشك.
وتدور الاحداث في أيام الحمل الاخيرة لبطلة الرواية «أمان» قبل أن تضع وليدها «أواب» ففي هذه الفترة تسترجع علاقتها بزوجها «عمرو» الحائر في اضطرابها النفسي إذ يراقب انزلاقها بخفة الى عالم يخصها حتى انها تشك أحيانا في أنه أبو ابنها بل ترى «أواب» ثمرة استسلامها الى «سليل ابليس الذي تمثل لها في صورة انسان اعتدى عليها مرات عدة غصبا».
ولا تندهش «أمان» مما يراه زوجها وأختها وأمها غرابة أطوار اذ تقر في الصفحات الاولى بما يشبه الاعتراف.. « أنا أعرف جيدا أننا مجرد شخصيات مرسومة في فيلم كارتون. الكادر خاو لا يوجد فيه شيء سوى اللون الاسود. نحن مجرد خطوط بيضاء دقيقة تحد حيزا ما من ذلك السواد العظيم. نعم. هكذا حين نكون مفرغين ولا نحوي الا الخواء سنشعر بأقل قدر من الالم» وهي جملة محورية تتردد في الرواية 15 مرة ولا يشعر القارئ في أي مرة أنها زائدة أو مقحمة على المشهد.
وتشغل الرواية 95 صفحة من عمل ابداعي عنوانه «الحجرات... وقصص أخرى» يقع في 180 صفحة متوسطة القطع ويضم أيضا 11 قصة قصيرة وصدر في القاهرة عن «الكتب خان للنشر والتوزيع» التي تسعى لتجاوز دور الناشر التقليدي الى اقامة أنشطة ثقافية وفنية مثل العروض السينمائية وورش للكتابة الابداعية.
ورواية «الحجرات» احدى ثمار ورشة للإبداع أشرف عليها الكاتب المصري يوسف رخا. ويقيم المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة بالتعاون مع «الكتب خان» ندوة يوم 29 أبريل نيسان الجاري لمناقشتها ضمن أنشطة عنوانها «سلسلة الكتاب الاول» تهدف لإلقاء الضوء على ابداعات الكتاب المصريين الشباب.
وتختار ايمان عبد الرحيم (30 عاما) لبطلة الرواية لغة حيوية ومعاصرة ومفردات مقتحمة أحيانا برشاقة ولكنها مقنعة فنيا مثل «روحها المشمسة دائما» أو قدرتها على حذف أي انسان من حياتها بالضغط على زر «شيفت وديليت فورا» في اشارة للمفاتيح المستخدمة عند حذف كلمة أو نص في الكمبيوتر.
ففي المشهد الاول تقول لزوجها وهما في الطريق الصحراوي بين الاسكندرية والقاهرة ان سيارة أجرة مرقت بجوارهم وتسير بلا سائق وهو لا يصدق ويدعوها الى النوم قليلا ثم تفيق على صوت قارئ القرآن في الراديو يقرأ آية «إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون» وفي مشهد الرواية الاخير «ستعود الى عالمها الحقيقي» الذي لا يراه غيرها.
وبين هذين القوسين أو المشهدين تدور الاحداث التي تبدأ بقيام « أمان» بترتيب ملابس « أواب» استعدادا لولادته ولن تجد اللوح الخشبي في خلفية الدولاب الذي سيفضي الى فجوة في الجدار تؤدي الى سلم حلزوني يأخذها الى تفاصيل وأغراض تخص طفولتها. وحين يصل زوجها يدهشه إصرارها على ترتيب ملابس الوليد في الدولاب للمرة السادسة وهي تصر على أنها المرة الاولى.
ويلاحظ «عمرو» تبدل أحوال «أمان» من الانطلاق الى الشرود والعزلة واذا تكلمت فاجأته بما يجبره على اليقين بأنها مجنونة مثل سؤالها له «عن رأيه في دورها القوي» في فيلم «في الهوا سوا» الذي أنتج عام 1951 وحين يصمت «عمرو» تخبره أنها فهمت أن الدور لم يعجبه وأن الحرج يمنعه أن يقول ذلك.
وأمام حيرة «عمرو» ينصحه الطبيب المشرف على الحمل أن يعرضها على طبيب متخصص في الامراض النفسية ولا تبالي «أمان» اذ «تضحك من كونها تعتقد نفسها نبية. المشكلة أن لكل نبي رسالة وهي بلا رسالة حتى الآن» ولكن ما تتصور أنه نبوة سيجعلها تدرك ساعة موتها بعد الولادة بل ستسعى الى هذه النهاية بنفس مطمئنة وتتجه الى ظلام الفجوة بعد أن «تخبرهم أن رسالتها انتهت».
إذ لا تلجأ مؤلفة الرواية الكاتبة المصرية ايمان عبدالرحيم الى مصطلحات علمية أو نفسية لتفسير سلوك «أمان» بطلة «الحجرات» ولكنها تتوسل بالدراما الاكثر اقناعا بتعقد النفس البشرية وبصعوبة تفسير سلوكها أو التنبؤ بردود أفعالها.
ويصعب على قارئ الرواية أن يفرق بين الحقيقة والوهم أو العقل والجنون وإنما يجد نفسه جزءا من دراما تحتمل اليقين والشك.
وتدور الاحداث في أيام الحمل الاخيرة لبطلة الرواية «أمان» قبل أن تضع وليدها «أواب» ففي هذه الفترة تسترجع علاقتها بزوجها «عمرو» الحائر في اضطرابها النفسي إذ يراقب انزلاقها بخفة الى عالم يخصها حتى انها تشك أحيانا في أنه أبو ابنها بل ترى «أواب» ثمرة استسلامها الى «سليل ابليس الذي تمثل لها في صورة انسان اعتدى عليها مرات عدة غصبا».
ولا تندهش «أمان» مما يراه زوجها وأختها وأمها غرابة أطوار اذ تقر في الصفحات الاولى بما يشبه الاعتراف.. « أنا أعرف جيدا أننا مجرد شخصيات مرسومة في فيلم كارتون. الكادر خاو لا يوجد فيه شيء سوى اللون الاسود. نحن مجرد خطوط بيضاء دقيقة تحد حيزا ما من ذلك السواد العظيم. نعم. هكذا حين نكون مفرغين ولا نحوي الا الخواء سنشعر بأقل قدر من الالم» وهي جملة محورية تتردد في الرواية 15 مرة ولا يشعر القارئ في أي مرة أنها زائدة أو مقحمة على المشهد.
وتشغل الرواية 95 صفحة من عمل ابداعي عنوانه «الحجرات... وقصص أخرى» يقع في 180 صفحة متوسطة القطع ويضم أيضا 11 قصة قصيرة وصدر في القاهرة عن «الكتب خان للنشر والتوزيع» التي تسعى لتجاوز دور الناشر التقليدي الى اقامة أنشطة ثقافية وفنية مثل العروض السينمائية وورش للكتابة الابداعية.
ورواية «الحجرات» احدى ثمار ورشة للإبداع أشرف عليها الكاتب المصري يوسف رخا. ويقيم المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة بالتعاون مع «الكتب خان» ندوة يوم 29 أبريل نيسان الجاري لمناقشتها ضمن أنشطة عنوانها «سلسلة الكتاب الاول» تهدف لإلقاء الضوء على ابداعات الكتاب المصريين الشباب.
وتختار ايمان عبد الرحيم (30 عاما) لبطلة الرواية لغة حيوية ومعاصرة ومفردات مقتحمة أحيانا برشاقة ولكنها مقنعة فنيا مثل «روحها المشمسة دائما» أو قدرتها على حذف أي انسان من حياتها بالضغط على زر «شيفت وديليت فورا» في اشارة للمفاتيح المستخدمة عند حذف كلمة أو نص في الكمبيوتر.
ففي المشهد الاول تقول لزوجها وهما في الطريق الصحراوي بين الاسكندرية والقاهرة ان سيارة أجرة مرقت بجوارهم وتسير بلا سائق وهو لا يصدق ويدعوها الى النوم قليلا ثم تفيق على صوت قارئ القرآن في الراديو يقرأ آية «إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون» وفي مشهد الرواية الاخير «ستعود الى عالمها الحقيقي» الذي لا يراه غيرها.
وبين هذين القوسين أو المشهدين تدور الاحداث التي تبدأ بقيام « أمان» بترتيب ملابس « أواب» استعدادا لولادته ولن تجد اللوح الخشبي في خلفية الدولاب الذي سيفضي الى فجوة في الجدار تؤدي الى سلم حلزوني يأخذها الى تفاصيل وأغراض تخص طفولتها. وحين يصل زوجها يدهشه إصرارها على ترتيب ملابس الوليد في الدولاب للمرة السادسة وهي تصر على أنها المرة الاولى.
ويلاحظ «عمرو» تبدل أحوال «أمان» من الانطلاق الى الشرود والعزلة واذا تكلمت فاجأته بما يجبره على اليقين بأنها مجنونة مثل سؤالها له «عن رأيه في دورها القوي» في فيلم «في الهوا سوا» الذي أنتج عام 1951 وحين يصمت «عمرو» تخبره أنها فهمت أن الدور لم يعجبه وأن الحرج يمنعه أن يقول ذلك.
وأمام حيرة «عمرو» ينصحه الطبيب المشرف على الحمل أن يعرضها على طبيب متخصص في الامراض النفسية ولا تبالي «أمان» اذ «تضحك من كونها تعتقد نفسها نبية. المشكلة أن لكل نبي رسالة وهي بلا رسالة حتى الآن» ولكن ما تتصور أنه نبوة سيجعلها تدرك ساعة موتها بعد الولادة بل ستسعى الى هذه النهاية بنفس مطمئنة وتتجه الى ظلام الفجوة بعد أن «تخبرهم أن رسالتها انتهت».