فلسفـة
الجمعة / 23 / جمادى الآخرة / 1434 هـ الجمعة 03 مايو 2013 20:05
أنس أمين مدني
يقرأ في أحد الكتب العربية: « من نافل القول أن الاندراج العملي الكلي للمعرفة في المجتمع أو في الثقافة اليومية المعاشة ينطوي في التحليل الأخير على عدمية معرفية، ذلك أنه يمتنع كون المعرفة سياقا داخليا جوانيا إلا إذا كانت المعرفة أنانية. فإذا كانت المعرفة عمليا كليا، كانت واقعا دون أن تكون قولا يمكن أن يصل للآخرين المنفصلين حضاريا. يجري بذلك رد المعرفة إلى الوجود بوصفها قواما انطولوجيا فاعلا فيه». حقيقة الأمر إنه لم يفهم أي شيء من بعد جملة من نافل القول.
يقرر أن يوسع أفقه الفلسفي ليفهم ويهرع إلى كتب كبار الفلاسفة ليقرأ ويعي. المشكلة التي واجهته هي أنه وبرغم تكرار المحاولة وبرغم أكواب عدة من القهوة إلا أنه في كل مرة يستغرق في النوم قبل أن يستطيع أن يفهم شيئا. يقرر أن يستخدم الأسلوب الحديث للمعرفة بأن يكتفي بحفظ بعض من العبارات الشائعة لكبار الفلاسفة. يروقه الأمر وأصبح في كل مجال وموقف يطلق عبارات فلسفية تنم عن فهم عميق للأمور. يطلب منه رئيسه في العمل أداء مهمة لم يقتنع بها يردد على رئيسه وهو يخشى العواقب عبارة «راسل»: (لن أموت في سبيل معتقداتي لأنه يمكن أن أكون خاطئا) ويؤدي ما طلب منه. يحاول أن يضع نهاية لنقاش حاد بين أصدقائه عن تخوف البعض من أفكار البعض قبل فهمها، مستعيرا عبارة «فولتير»: (الأحكام المسبقة يستخدمها الحمقى كأسباب). يتعمق أكثر في علمه الفلسفي ويلقي على أصدقائه محاضرة عن الحرية، يبدأ حديثه بعبارة «روسو»: (الإنسان خلق حرا ولكن القيود في كل مكان). يتهمهم بأنهم في واقع الأمر لا يرغبون في الحرية مرددا عبارة «فرويد»: (معظم الناس لا يريدون الحرية في الحقيقة لأن الحرية تتطلب المسؤولية ومعظم الناس يهابون المسؤولية). ويقرر لهم بأن ماديات الحياة هي التي تقضي على الحرية باستخدام عبارة «كينتز»:
( لا شيء، كل شيء، أي شيء، شيء ما: إذا كنت تملك لا شيء فإنك تملك كل شيء، لأنك تملك الحرية بأن تقوم بأي شيء بدون أن تخاف أن تفقد شيئا ما). لا يرى أين التعارض سواء في عبارة «هينلين»:
(يمكن أن تحظى بالسلام أو أن تحظى بالحرية ولكن لا تعتمد أبدا أنك ستحظى بهما معا) أو في عبارة «فرانكلين»: (هؤلاء الذين يضحون بحريتهم الأساسية مقابل أمان مؤقت لا يستحقون لا الحرية و لا الأمان) لكنه لم تسعفه الذاكرة إلا بهما ليختم محاضرته..
مع الوقت يزداد قناعة بقدراته الفلسفية ويقرر أن يطلق عبارات فلسفية خاصة به. لا ينجح فيحاول تطبيق عبارة «كانت»: (أكثر شيئين يلهماني هما سماء مليئة بالنجوم فوقي ومبادىء أخلاقية داخلي). يعد فِراشه على سطح منزله ويقضي ساعات مستلقيا عليه وهو يحدق في السماء لينظر إلى النجوم، لا يتوصل إلى شيء ويعلل الأمر بأن وهج أضواء المدينة أخفى عنه النجوم. يأخذ فراشه وبعض الزاد ويذهب إلى أطراف الصحراء بعيدا عن العمران والأضواء ويحدق في السماء الصافية المليئة بالنجوم. بعد المكان وسكون الليل وتلألؤ النجوم يخلق في نفسه صفاء ويتفاءل بأنه على وشك أن يلهم بعبارته الفلسفية. فجأة يسمع نباح كلاب ضالة تقترب منه، يتملكه الرعب ويركض إلى سيارته تاركا خلفه كل شيء. عودة إحساسه بالأمان يلهمه أخيرا بعبارته الفلسفية: (الأمان قبل الفلسفة).. في طريق عودته إلى منزله يتخذ قراره بأن يعتزل الفلسفة.
يقرر أن يوسع أفقه الفلسفي ليفهم ويهرع إلى كتب كبار الفلاسفة ليقرأ ويعي. المشكلة التي واجهته هي أنه وبرغم تكرار المحاولة وبرغم أكواب عدة من القهوة إلا أنه في كل مرة يستغرق في النوم قبل أن يستطيع أن يفهم شيئا. يقرر أن يستخدم الأسلوب الحديث للمعرفة بأن يكتفي بحفظ بعض من العبارات الشائعة لكبار الفلاسفة. يروقه الأمر وأصبح في كل مجال وموقف يطلق عبارات فلسفية تنم عن فهم عميق للأمور. يطلب منه رئيسه في العمل أداء مهمة لم يقتنع بها يردد على رئيسه وهو يخشى العواقب عبارة «راسل»: (لن أموت في سبيل معتقداتي لأنه يمكن أن أكون خاطئا) ويؤدي ما طلب منه. يحاول أن يضع نهاية لنقاش حاد بين أصدقائه عن تخوف البعض من أفكار البعض قبل فهمها، مستعيرا عبارة «فولتير»: (الأحكام المسبقة يستخدمها الحمقى كأسباب). يتعمق أكثر في علمه الفلسفي ويلقي على أصدقائه محاضرة عن الحرية، يبدأ حديثه بعبارة «روسو»: (الإنسان خلق حرا ولكن القيود في كل مكان). يتهمهم بأنهم في واقع الأمر لا يرغبون في الحرية مرددا عبارة «فرويد»: (معظم الناس لا يريدون الحرية في الحقيقة لأن الحرية تتطلب المسؤولية ومعظم الناس يهابون المسؤولية). ويقرر لهم بأن ماديات الحياة هي التي تقضي على الحرية باستخدام عبارة «كينتز»:
( لا شيء، كل شيء، أي شيء، شيء ما: إذا كنت تملك لا شيء فإنك تملك كل شيء، لأنك تملك الحرية بأن تقوم بأي شيء بدون أن تخاف أن تفقد شيئا ما). لا يرى أين التعارض سواء في عبارة «هينلين»:
(يمكن أن تحظى بالسلام أو أن تحظى بالحرية ولكن لا تعتمد أبدا أنك ستحظى بهما معا) أو في عبارة «فرانكلين»: (هؤلاء الذين يضحون بحريتهم الأساسية مقابل أمان مؤقت لا يستحقون لا الحرية و لا الأمان) لكنه لم تسعفه الذاكرة إلا بهما ليختم محاضرته..
مع الوقت يزداد قناعة بقدراته الفلسفية ويقرر أن يطلق عبارات فلسفية خاصة به. لا ينجح فيحاول تطبيق عبارة «كانت»: (أكثر شيئين يلهماني هما سماء مليئة بالنجوم فوقي ومبادىء أخلاقية داخلي). يعد فِراشه على سطح منزله ويقضي ساعات مستلقيا عليه وهو يحدق في السماء لينظر إلى النجوم، لا يتوصل إلى شيء ويعلل الأمر بأن وهج أضواء المدينة أخفى عنه النجوم. يأخذ فراشه وبعض الزاد ويذهب إلى أطراف الصحراء بعيدا عن العمران والأضواء ويحدق في السماء الصافية المليئة بالنجوم. بعد المكان وسكون الليل وتلألؤ النجوم يخلق في نفسه صفاء ويتفاءل بأنه على وشك أن يلهم بعبارته الفلسفية. فجأة يسمع نباح كلاب ضالة تقترب منه، يتملكه الرعب ويركض إلى سيارته تاركا خلفه كل شيء. عودة إحساسه بالأمان يلهمه أخيرا بعبارته الفلسفية: (الأمان قبل الفلسفة).. في طريق عودته إلى منزله يتخذ قراره بأن يعتزل الفلسفة.