من غشنا..

عبدالمحسن هلال

تواترت خلال الأسبوعين الماضيين أنباء عن تعاظم حجم مضبوطات مصلحة الجمارك وحرس الحدود من البضائع الممنوعة لمستويات غير مسبوقة، تبين أن هناك بابا كبيرا للفساد لم يحكم إقفاله على مدار سنين، فئة من تجارنا ــ ولا أحسبهم تجارا فالتجارة أخلاق وذمة والتزام ــ امتهنوا توريد أو تهريب بضائع مضرة أو مقلدة للتكسب منها على حساب صحة وسلامة إخوانهم المواطنين. بالطبع الشكر والتقدير لكل من ساهم من رجال الجمارك وحرس الحدود في الكشف عن هذه الممنوعات، وإن كنت آمل من قيادتيهما الكشف أيضا عن أسماء المتورطين ليتم ردع غيرهم، فهذه جريمة بينة لا تحتاج ادعاء بعد الضبط بالمجرم المشهود.
لكن يظل السؤال لماذا؟ وقبل محاولة الإجابة، أنقل بعض الأرقام المفجعة، مجرد عناوين ونماذج، لوضعكم في الصورة، في عام واحد تم ضبط 80 مليون وحدة مقلدة، قبض على 834 متورطا في تهريب وترويج مخدرات بأكثر من مليار ريال، أحبطت عمليات تهريب 4 ملايين قرص «أمفيتامين»، ضبط أكثر من 6 ملايين لتر من المواد النفطية قبل تهريبها من ميناء واحد، جدة، ولا أخبار عن بقية الموانئ. بالطبع هذا ما تم الكشف عنه ولا شك أن ما خفي، مما هرب عبر الحدود أو خلفها، أعظم.
تعددت الآراء في شرح لماذا، قيل لتدني المستوى الأخلاقي الديني السلوكي والوطني لدى هؤلاء التجار ولدى من يبحث عن بضاعتهم من المواطنين، وقيل لتراخي المستوى الرقابي مما يغري هؤلاء التجار بالمغامرة وعدم وجود برامج توعية جيدة بمضار هذه البضائع لدى مستهلكيها من المواطنين، وقيل لقلة عدد وعدة رجال المراقبة سواء على الحدود أو في الموانئ الجوية والبحرية، تعددت الأسباب والعلة واحدة ظلت جاثمة كنقطة سوداء في ثوب تجارنا الأبيض.
إن كان لي المجازفة برأي فلعلي أضيف أن انخفاض الرادع النظامي الكابح لطمع هؤلاء التجار الموقف لتجاوزاتهم التي ترقى إلى مستوى الجريمة الموجبة والمستحقة لأشد العقوبات، هذا الرادع لا يتساوى مع حجم الجريمة، ديننا ونظمنا وقيمنا وأخلاقنا ترفض هذه الممارسات الخاطئة وتغلظ عقوبتها حد القطع والتعزير والإخراج من الجماعة، إن لم يكن من الملة، ونحن نكتفي بقرصة إذن.


Hadeelonpaper@gmail.com