العراق على شفا جرف هار

أنور ماجد عشقي

تتفاقم الأحداث وتدخل منعطفا خطيرا يهدد بحرب طائفية في العراق كالتي حدثت قبل ستة أعوام، مما يتطلب حكمة بالغة من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، فالمناطق التي اندلع فيها العنف، تعتبر من أكثر المناطق خطرا وحساسية، فهي الأماكن التي كانت معقلا لتنظيم القاعدة في العراق، قبل انتشار قوات الصحوة التي شجعت على المصالحة بين العرب والسنة، والحكومة التي يتحكم فيها شيعة بغداد، وتمت آنذاك المصالحة بين الشيعة والسنة وجرت الانتخابات البرلمانية عام 2010م وتقاربت نتائج الانتخابات.
لكن اعتقال حراس طارق الهاشمي نائب الرئيس، والإمعان في السجون، واغتصاب النساء، والاغتيالات، كل ذلك رفع من درجة الغليان، لأن ذلك كان موجها للسنة، فخرجت المظاهرات السلمية في ست محافظات سنية، ظلت أربعة أشهر، وتحول الأمر إلى عصيان مدني، فقتل ثمانية من السنة في الفلوجة، وذلك في يناير الماضي، ثم تحول الأمر إلى العصيان المسلح بعد مجزرة الحويجة قرب كركوك على حدود إقليم كردستان، مما جعل الأكراد يتحركون.
لقد أخذت القبائل تجمع المتمردين السابقين استعدادا للقتال، ومع هذا فقد قدم نوري المالكي تنازلات هامشية لم ترق إلى لائحة المطالب، فأسقط المحتجون اللائحة ومزقوها، وطالبوا بإسقاط النظام، وهذا ما ينذر بحرب لا هوادة فيها.
إن على رئيس الوزراء العراقي أن يستمع إلى المطالب من جديد، وأن يوقف جرائم الاغتيال لقادة السنة، وأن يشركهم في الحكومة، وأن يوقف عمليات التخوين، وأن يتحول وبسرعة إلى رئيس وزراء لكل العراقيين، وإلا فإن الخطر قادم، وستدخل العراق في نفق مظلم، وعلى الذين يؤججون الصراع أن يتذكروا بأن القتال يخسر فيه الطرفان، وأن الغلبة في النهاية للعمق الاستراتيجي، فهناك من يتربص بالأمة شرا ويرغب بدفع المنطقة إلى حرب استنزاف قد تنهار معها دول.