ثورات أكثر تنمية أقل

احمد عائل فقيهي

ما يحدث في بعض الدول العربية من ثورات والتي انحرفت إلى مسارات أخرى باتجاه الفوضى ونحو سلوكيات فردية وجماعية أضرت بالدولة العربية والمجتمع، هو ناتج لضياع البوصلة وضياع الهوية لهذه الثورات التي يرى المتابعون لها أنها لم تحقق شيئا على أرض الواقع.. ولم تضف شيئا على الإطلاق.. وثمة من يرى أن الأوضاع الماضية كانت أكثر استقرارا وأكثر أمنا.. وأكثر تماسكا على مستوى هيبة الدولة وتماسك المجتمع وحماية المواطن.
هناك ركائز تقوم عليها الدولة منها الحرية والعدالة والتنمية والإعلاء من قيمة الفرد والمواطن ومؤسسات مجتمع مدني وهو ما يشكل ركيزة ورافعة للدولة وهناك وعي عام يتأسس من خلال تراكم معرفي ومؤسسات علمية ومراكز بحث واستراتيجات فكرية وسياسية وثقافية وتنموية واقتصادية من خلال اتجاهات الدولة والمجتمع نحو المستقبل في العالم العربي لم يتحقق كل ذلك خاصة في تلك الدول التي قامت فيها الثورات وهي دول كان لها السبق في الريادة الحضارية والسياسية والثقافية والفكرية وتمثل واجهة في الخارطة العربية.
لقد بدأت فيها الثورات والانقلابات العسكرية من الخمسينيات والستينيات وأعني بها مصر وسورية وليبيا والعراق واليمن وكان حكم العسكر فيها طاغيا من خلال طغيان حكم الجنرالات وها هي تدخل في ثورات لا يقودها العسكر لكن تقودها الأجيال الجديدة الغاضبة وبين الثورات الأولى في الخمسينيات والستينيات وثورات اليوم غاب عنصر مهم إلى جانب غياب عناصر الحرية والعدالة والمساواة هو عنصر التنمية.. ذلك أنني من الذين يرون أن التنمية هي الأساس والقاعدة.. تنمية العقل والوجدان.. علميا ومعرفيا والتنمية بالمفهوم الشامل للمواطن وجعله يعيش حياة كريمة وإنسانية وكما يقول أحد الباحثين:
«لا يتحقق الاستقرار في أي مجتمع إلا بحفظ حقوق الشعوب الذين يتمثلون في الأفراد والجماعات ذلك أن الاستقرار على أرض الواقع لا يتحقق إلا بوجود التنمية وعقد اجتماع بين الدولة والمجتمع».
إن العالم العربي يحتاج كما قلت في مقالات سابقة إلى ثورات علمية وفكرية وثقافية من خلال إنشاء جامعات حقيقية يحتل العقل فيها مكانة عليا.. ومراكز بحوث وإعطاء العقول العربية مساحة كبيرة من الحرية لكي تفكر وتبدع.. لا أن يتم قمعها وإقصاؤها ونفيها ومحاربتها وبالتالي نرى أنفسنا أمام هجرة هذه العقول إلى الغرب حيث نرى هناك احترام العقل.. كما ينبغي أن يكون هذا الاحترام.
بالعلم تتقدم المجتمعات وبالمعرفة والإبداع تضيء الشعوب وتنمو.. ولكي لا نرى ثورات أكثر.. وتنمية أقل في العالم العربي.. لابد من أن يحمل المستقبل بشارات تقول:
بثورات أقل.. وتنمية أكثر.. ذلك أننا بحاجة إلى ثورات علمية وثقافية وفكرية وتنمية للإنسان والمجتمع من أجل بناء دول تنتمي لعالم التقدم والتطور.. لا التخلف والانحدار.


a_faqehi@hotmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة