هل نحن مجتمع متحضر؟

احمد عائل فقيهي

هناك ألفاظ وكلمات يتم تداولها وتناولها على ألسنة الناس من نخبة المجتمع ومن مثقفين وأدباء وعلماء وأساتذة جامعات، والذين هم على درجة عالية من الثقافة والعلم والمعرفة، والذين يفهمون ويدركون الأشياء والكون، إلى أولئك الذين لا يقرأون ولا يكتبون، ولكنهم يعرفون ويفهمون الحياة أسرارها وخفاياها وخباياها.
من هذه الألفاظ والكلمات: فلان متحضر، فلان متخلف، هذا المجتمع متقدم وذلك المجتمع متخلف.. وهكذا، كما هي الألفاظ والكلمات المتداولة والمتناولة التي تقال بلغة سريعة وبرقية؛ مثل هذا علماني، وذاك حداثي وليبرالي، إضافة إلى سلفي ووسطي وإخواني، والتي تلفظ ويتم نطقها على ألسنة كثير من الناس حتى ممن يدعون أنهم أدباء وممن ينتمون إلى فئة المتعلمين وشريحة من يعتقدون أنهم على دراية وإدراك وفهم دون وجود وعي حقيقي لما ترمز إليه هذه الألفاظ والكلمات وهذه المصطلحات والمفاهيم.
في حوار مع صديق، كان هناك نقاش طويل حول الكثير من القضايا والمسائل السياسية والاجتماعية والفكرية، وفاجأني بهذا السؤال: هل المجتمع السعودي مجتمع متحضر؟
توقفت أمام هذا السؤال طويلا، وسألته بعد طول تفكير: ماذا نعني أولا بكلمة متحضر، ذلك أن لفظة متحضر تتصل جذريا بمعنى الحضارة، والحضارة تشمل ميادين كبرى تجعل من المجتمع مجتمعا يملك شروط التحضر. هناك من يرى أن الحضارة هي كل ما حدث في الماضي، ويقال هذا المجتمع يملك حضارة يتكئ عليها من معرفة وتاريخ، والآثار شاهدة على هذه الحضارة وهذا التاريخ.
ثمة من يرى أن ما نعيشه اليوم من مظاهر الحداثة وما بعد الحداثة يتم ربطه بمنجزات العصر التي حققها الإنسان المعاصر، فيقال الحياة المدنية، أي كل ما ينتمي إلى المدينة التي هي نتاج منجزات العصر الحديث، ويقال دولة مدنية، ومجتمع مدني، وفكر مدني، ولكن ينبغي أن ندرك أن هناك من يرى من الباحثين والمفكرين أن كل ما نعيشه اليوم من مظاهر غيرت مسار الكون هو حضارة، والمجتمعات قد تنتمي إلى المدينة والحياة المدنية والحضارة، وقد تنتمي إلى حياة التخلف والبدائية، ولأننا مجتمع بكل جامعاته ومؤسساته العلمية والثقافية وبوجود نخبة تلقت العلم في الغرب الذي هو رمز التحضر والتمدن، هل يمكننا القول بأننا مجتمع متحضر ومتمدن، ليس على مستوى التفكير فقط، ولكن على مستوى السلوك والممارسة، هل كل التراكم المعرفي والعلمي والثقافي على مدى أكثر من خمسين عاما ساهم في صياغة مجتمع سعودي متحضر يحاول الخروج من ثقافة القبيلة والعشيرة ليكون مجتمعا حديثا ومدنيا ومتحضرا.
وأتساءل مع صديقي مرة أخرى: هل نحن مجتمع متحضر؟ أم متمدن، أم ماذا؟ أم أننا «لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية»، كما قال ذات مرة الشاعر الكبير نزار قباني.
إذن من نحن ومن نكون؟!.

a_faqehi@hotmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250
موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة