تصحيح أوضاع العمالة الوافـدة ... تصحيح أوضاع المجتمع
الجمعة / 14 / رجب / 1434 هـ الجمعة 24 مايو 2013 19:54
أميرة كشغري
خلال عقود من النمو الاقتصادي، وما رافقها من استقدام كثيف للعمالة الوافدة كان لا بد أن يتطور في المجتمع نمطان: نمط العمل الملتزم بالقوانين، ونمط العمل المنفلت من عقاله والضارب بالقوانين عرض الحائط. والنمط الثاني هو هجين ناشئ من تواطؤ مقصود ــ بهدف الربح المالي السريع ــ بين العامل وصاحب العمل وهذا النمط لا يمكن أن يستمر دون تواطؤ الطرفين.
في العمالة المنزلية على وجه التحديد، أدى الاعتماد المتزايد على العمالة المنزلية إلى وصول المجتمع إلى حالة من الكسل بحيث أصبح العامل المنزلي أو العاملة المنزلية هم أصحاب القرار وهم من يفرضون الشروط والأجور. وفاقم من تلك الظاهرة عقم في الإجراءات التي توفر البديل السريع لربة المنزل في حال الاحتياج الحقيقي.
وفي العمالة التجارية أصبح التستر نشاطا اقتصاديا مشرعنا يوفر للعامل دخلا معقولا ولصاحب العمل الوهمي دخلا معقولا وللمواطن خدمات رخيصة تعينه على تحمل أعباء الحياة المتزايدة. فأصبح المجتمع بأسره مرتهنا بالتستر إلى الحد الذي تنادى البعض فيه أن محاربة التستر سوف توقف عجلة الاقتصاد!.
لقد وصل سوق العمل السعودي إلى مرحلة التأزم بشكل أصبح واضحا أن لا خروج من الأزمة دون قرارات حازمة وقوانين واضحة تعيد للسوق توازنه وتحفظ للعامل ورب العمل حقوقهما وتعطي الوطن اقتصادا حقيقيا وشفافا. ومهما كانت فداحة الثمن الذي ندفعه وقتيا فهو خير من الاستمرار في الأزمة دون حلول. وكما يجبر الفرد منا على القيام بعملية جراحية أو علاج صعب من مرض مزمن سنجبر على خوض تلك التجربة بكل مرارتها أملا في التخلص من الأمراض والتشوهات التي أصابت مجتمعنا.
لن أتحدث عن تفرعات سوق العمل، وهي كثيرة، ولكني سأركز على العمالة المنزلية من خادمات وسائقين، وإن كانت للسائق اعتبارات أخرى فرضتها تشنجات اجتماعية من نوع آخر. ومكامن الخلل في تركيبة العمل هنا هي الخلل الواضح في الحقوق الضائعة لجميع الأطراف. النتيجة الحتمية لهذه التركيبة هي ظهور السوق السوداء للخادمات المنزليات أو ما يمكن تسميته بمافيا العاملات. تعمل تلك المافيات على تشجيع هروب العاملات المنزليات من البيوت حيث يعملن بأجور منخفضة إلى حيث يجدن طلبا متزايدا وأجورا أعلى. ولكن هذه الظاهرة لا يمكن أن تلام فيها العاملة فقط، بل إن البيت الذي تعمل فيه والظروف التي تعمل فيها هو أيضا عامل في هذه الظاهرة. أي أن علينا أن نراجع أنفسنا بذات القدر الذي نلوم فيه الجانب الآخر.
إن وجود عاملة في المنزل 24 ساعة خطأ اجتماعي واقتصادي. إذ إن هذا الوجود يقحم عنصرا غريبا داخل الأسرة. ولقد تطرقت الكثير من المقالات عن هذا الشأن سابقا. إلا أننا لم نكن جادين في طرح البديل. وكما يقال دائما: أين البديل؟ البديل ــ في نظري ــ بالنسبة للأسر التي تحتاج إلى خدمات من هذا النمط هو ما كان سائدا في أرامكو في السبعينيات من القرن المنصرم وقبلها. وهو نظام العامل بالساعة والذي يأتي (أو تأتي) إلى المنزل في ساعات محددة من اليوم وفي أيام محددة من الأسبوع لينجز بعض الأعمال اللازمة كالنظافة أو الغسيل والكي أو تنسيق الحديقة. وفيما عدا ذلك فالأسرة وحدها هي من يقطن الدار. وبتوفر العنصر البشري الرخيص وغير المتعلم، انجرف المجتمع نحو العامل المقيم الذي يخدم على مدار الساعة.
لقد سمعت كثيرا عن شركات تأجير العمالة، والتي تشكل في نظري الخطوة اللازمة الأولى لعلاج المجتمع من مرضه العضال هذا. ولكن شركات التأجير هذه ينطبق عليها المثل القائل: أن تسمع بـ .... خيرا من أن تراه. فلا هي تأسست ولا هي وفرت البديل. ومن المفترض أن تكون قد بدأت نشاطها منذ مدة كما قرأنا وسمعنا..
وربما جاءت فرصة القرار الملكي الأخير، بمنح مهلة للعمالة الوافدة، لتصحيح أوضاعها وتقنينها، لتأكيد هذه الاستراتيجية، والتخلص من سلبيات عديدة تضرب سوق العمل السعودي، وتعيده إلى ما يمكن اعتباره «شرعنة» العمالة وتصحيح مساراتها. ولعل فرص الاستفادة من الاستثناءات والتسهيلات تضفي على المهمة أبعادا وطنية واجتماعية أخرى، لا تقل أهمية عن الأبعاد التنظيمية في مضمون القرار الملكي بشرط التزام المواطنين وتفعيل القوانين.
في العمالة المنزلية على وجه التحديد، أدى الاعتماد المتزايد على العمالة المنزلية إلى وصول المجتمع إلى حالة من الكسل بحيث أصبح العامل المنزلي أو العاملة المنزلية هم أصحاب القرار وهم من يفرضون الشروط والأجور. وفاقم من تلك الظاهرة عقم في الإجراءات التي توفر البديل السريع لربة المنزل في حال الاحتياج الحقيقي.
وفي العمالة التجارية أصبح التستر نشاطا اقتصاديا مشرعنا يوفر للعامل دخلا معقولا ولصاحب العمل الوهمي دخلا معقولا وللمواطن خدمات رخيصة تعينه على تحمل أعباء الحياة المتزايدة. فأصبح المجتمع بأسره مرتهنا بالتستر إلى الحد الذي تنادى البعض فيه أن محاربة التستر سوف توقف عجلة الاقتصاد!.
لقد وصل سوق العمل السعودي إلى مرحلة التأزم بشكل أصبح واضحا أن لا خروج من الأزمة دون قرارات حازمة وقوانين واضحة تعيد للسوق توازنه وتحفظ للعامل ورب العمل حقوقهما وتعطي الوطن اقتصادا حقيقيا وشفافا. ومهما كانت فداحة الثمن الذي ندفعه وقتيا فهو خير من الاستمرار في الأزمة دون حلول. وكما يجبر الفرد منا على القيام بعملية جراحية أو علاج صعب من مرض مزمن سنجبر على خوض تلك التجربة بكل مرارتها أملا في التخلص من الأمراض والتشوهات التي أصابت مجتمعنا.
لن أتحدث عن تفرعات سوق العمل، وهي كثيرة، ولكني سأركز على العمالة المنزلية من خادمات وسائقين، وإن كانت للسائق اعتبارات أخرى فرضتها تشنجات اجتماعية من نوع آخر. ومكامن الخلل في تركيبة العمل هنا هي الخلل الواضح في الحقوق الضائعة لجميع الأطراف. النتيجة الحتمية لهذه التركيبة هي ظهور السوق السوداء للخادمات المنزليات أو ما يمكن تسميته بمافيا العاملات. تعمل تلك المافيات على تشجيع هروب العاملات المنزليات من البيوت حيث يعملن بأجور منخفضة إلى حيث يجدن طلبا متزايدا وأجورا أعلى. ولكن هذه الظاهرة لا يمكن أن تلام فيها العاملة فقط، بل إن البيت الذي تعمل فيه والظروف التي تعمل فيها هو أيضا عامل في هذه الظاهرة. أي أن علينا أن نراجع أنفسنا بذات القدر الذي نلوم فيه الجانب الآخر.
إن وجود عاملة في المنزل 24 ساعة خطأ اجتماعي واقتصادي. إذ إن هذا الوجود يقحم عنصرا غريبا داخل الأسرة. ولقد تطرقت الكثير من المقالات عن هذا الشأن سابقا. إلا أننا لم نكن جادين في طرح البديل. وكما يقال دائما: أين البديل؟ البديل ــ في نظري ــ بالنسبة للأسر التي تحتاج إلى خدمات من هذا النمط هو ما كان سائدا في أرامكو في السبعينيات من القرن المنصرم وقبلها. وهو نظام العامل بالساعة والذي يأتي (أو تأتي) إلى المنزل في ساعات محددة من اليوم وفي أيام محددة من الأسبوع لينجز بعض الأعمال اللازمة كالنظافة أو الغسيل والكي أو تنسيق الحديقة. وفيما عدا ذلك فالأسرة وحدها هي من يقطن الدار. وبتوفر العنصر البشري الرخيص وغير المتعلم، انجرف المجتمع نحو العامل المقيم الذي يخدم على مدار الساعة.
لقد سمعت كثيرا عن شركات تأجير العمالة، والتي تشكل في نظري الخطوة اللازمة الأولى لعلاج المجتمع من مرضه العضال هذا. ولكن شركات التأجير هذه ينطبق عليها المثل القائل: أن تسمع بـ .... خيرا من أن تراه. فلا هي تأسست ولا هي وفرت البديل. ومن المفترض أن تكون قد بدأت نشاطها منذ مدة كما قرأنا وسمعنا..
وربما جاءت فرصة القرار الملكي الأخير، بمنح مهلة للعمالة الوافدة، لتصحيح أوضاعها وتقنينها، لتأكيد هذه الاستراتيجية، والتخلص من سلبيات عديدة تضرب سوق العمل السعودي، وتعيده إلى ما يمكن اعتباره «شرعنة» العمالة وتصحيح مساراتها. ولعل فرص الاستفادة من الاستثناءات والتسهيلات تضفي على المهمة أبعادا وطنية واجتماعية أخرى، لا تقل أهمية عن الأبعاد التنظيمية في مضمون القرار الملكي بشرط التزام المواطنين وتفعيل القوانين.