وتبقى «الصهاريج» الرقم الصعب في معادلة توفير المياه

الحل الجذري متعثر رغم مشاريع توسعة محطات التحلية وتطوير شبكات الضخ

وتبقى «الصهاريج» الرقم الصعب في معادلة توفير المياه

حسين هزازي (جدة)

تعتبر جدة واحدة من المحافظات التي تجسد مشكلة المياه في المملكة بشكل واضح، فالمحافظة اشتهرت بوجود واحدة من أكبر محطات التحلية ليس على مستوى المملكة فحسب، بل على مستوى العالم، وتخضع تلك المحطة بين فترة وأخرى لمشاريع توسعة وتطوير، يعلن معها في كل مرة عن زيادة في ضح كمية المياه لمختلف أحياء المحافظة، إلا أن الزيادة الطردية بين توسع المحافظة وزيادة عدد أحيائها وسكانها وبين كمية المياه المضافة حال فيما يبدو بين تلك المشروعات ونجاحها في القضاء على مشكلة انقطاع المياه بشكل كامل.
رغم المحاولات المعلنة من قبل الجهات المعنية لإعلان جدة محافظة آمنة مائيا، ورغم أن شيئا من ذلك الهدف قد تحقق وإن كان بنسب متفاوتة، إلا أن الوصول إلى الهدف وتحقيقه بشكل كامل لا زال فيما يبدو بحاجة إلى المزيد من الجهد والوقت وتوفير آليات أكثر فاعلية تضمن تدفق المياه إلى أحياء المحافظة الآخذة في التوسع والتزايد يوما بعد آخر.
في الشهرين الأخيرين شهدت محافظة جدة أزمة مياه حقيقية، عانى منها السكان بشكل ملحوظ، وشهدت مواقع توزيع المياه عبر الصهاريج «الأشياب» ازدحاما كبيرا اضطر معه المواطنون والمقيمون إلى الوقوف في طوابير طويلة للحصول على صهريج صغير، في ظل تعثر وصول المياه عبر شبكات الضخ الرئيسية. وما لبثت أزمة المياه تلك أن تلاشت تدريجيا، في ظل الجهود التي قامت بها الجهة المعنية، بمتابعة دقيقة من أمير المنطقة، إلا أنها لم تنته بشكل كامل بطبيعة الحال. فلا يزال بعض سكان أحياء شمال جدة، مثل البوادي والنزهة لم تستقر لديهم عملية ضخ المياه، وينتظرون تحرك الشركة الوطنية للقضاء على الإشكالية، وقال عدد منهم لـ «عكاظ» إن هذا الانقطاع غير المنتظم تسبب في قطع الإمدادات عن الأحياء زاد من معاناة السكان. واعتبروا أن المؤسسة العامة لتحلية المياه أعلنت اكتمال جاهزيتها لضخ كميات كبيرة من المياه تكفي لاحتياجات جميع أحياء مدينة جدة، بينما في الموقع لا تزال بعض المنازل تعاني من انقطاع المياه وعدم انتظام ضخ المياه، ونضطر إلى الذهاب إلى الاشياب للحصول على صهريج ماء.

تدخل حقوق الإنسان
طالبت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمنطقة مكة المكرمة في خطاب رفعته مؤخرا لإمارة مكة المكرمة، على ضرورة إيجاد حلول جذرية ونهائية لمشاكل نقص المياه في محافظة جدة، مؤكدة أن على الشركة الوطنية للمياه مسؤولية تهيئة الأشياب بالصورة اللائقة لاستقبال المواطنين والمقيمين: «بما يصون كرامة الراغبين في الحصول على المياه وإيصالها لهم في أسرع وقت». وأكدت الجمعية خلال خطابها على اطلاعها على الأوضاع «اللا إنسانية» في أشياب جدة، والصعوبات التي يواجهها المواطنون والمقيمون في سبيل الحصول على الماء، مؤكدا أن هناك تقسيما واضحا ما بين المواطنين والمقيمين الذين يتواجدون في الأشياب. وذكرت، «من السلبيات التي رصدت في وقت سابق في أشياب جدة، غياب التنظيم في عملية الحصول على الوايتات، لافتا إلى أهمية أن يتم انتظار المواطنين والمقيمين في مكان واحد يضمن كرامتهم وراحتهم بأرقام تظهر على الشاشة، ليخرج صاحب الرقم لاستلام وايته، وأن يكون الماء حقا للجميع يحصل عليه من يأتي أولا»، مشيرا إلى أن التكدس لا يكون عند الحصول على الأرقام بل عند انتظار الوايت، علما بأن الوايتات التي تصرف للمواطنين أكثر بكثير من الوايتات التي تصرف للمقيمين. وأشارت إلى أن الجمعية لاحظت أن سائقي الوايتات كانوا يعملون أكثر من 12 ساعة، ولا توجد أي زيارات لمكتب العمل لتفقد أوضاعهم وضمان حقوقهم، فالشركة -حسب إفادتهم- لا توفر لهم السكن المناسب، مشيرا إلى أن هناك مواطنين يحضرون بعض النساء إلى الأشياب لسرعة الحصول على الماء في ظل عدم وجود أي أماكن ملائمة لهن أو لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والعجزة والأيتام والمعوقين. وأكدت الجمعية أن مشكلة مياه جدة تكمن في انقطاعها المتكرر عن معظم الأحياء ما أدى لحدوث الأزمات المختلفة خصوصا في موسم الصيف ورمضان والإجازات، موضحة أن المشكلة تظهر عادة في أوقات معينة، خصوصا قبل فصل الصيف، ويعاني منها المواطنون والمقيمون على حد سواء.

انفجار المواسير
ومما ضاعف من مشكلة انقطاع المياه في الفترة الماضية ما شهدته محافظة جدة من مسلسل لانفجار مواسير المياه في عدة مواقع، رغم أن المسؤولين في حينها أعلنوا الاحتفاء بتدشين المحطة الجديدة والتي أكدوا أنها ستروي عطش «العروس»، وكان الانفجار الأول قد حدث في تقاطع طريق الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية) مع طريق الأمير سلطان، وتسبب في هدر كميات كبيرة من المياه، فما أن أصلحت شركة المياه الماسورة الثانية التي انفجرت أمام ميدان الفلك على تقاطع طريق الملك فهد (الستين) وشارع صاري بجوار فرع جامعة الملك عبدالعزيز للطالبات (كلية الفيصلية)، واستمرت في تهريب المياه أسبوعا كاملا، حتى انفجرت ماسورة أخرى في حي النزهة الشعبي المعروف بالصميدات شرق طريق المكرونة، وأكد السكان في حينها أن هذا الوضع أستمر لثلاثة أيام دون تدخل من الشركة رغم أنهم سجلوا لديها أربعة بلاغات. وقالوا لـ «عكاظ»: «حاولنا الاستعانة بالأمانة التي حضرت إلى الموقع وأخلت مسؤوليتها، ثم تواصلنا مع الجهات الأمنية، حيث تسببت الماسورة المكسورة في إغراق الشارع تماما، وأخيرا تخلت شركة المياه عن مسؤوليتها ولم تصلحها». وأضاف المواطنون: «هذا الخلل تسبب في قطع المياه عن منازل كثيرة في حي النزهة، ورغم أن الانفجار جاء بعد أزمة المياه التي عاشتها جدة، إلا أن كل الأحياء انتهت معاناتها عدا حيهم»، وطالب في حينها نيار البقمي من سكان الحي، بسرعة احتواء الخلل الذي أضر بكثير من المواطنين شمال جدة وبصفة خاصة حي النزهة. من جانبها، بررت المؤسسة العامة لتحلية المياه سبب الانفجارات إلى عدم جاهزية شبكة التوزيع، مشيرة إلى أن إيقاف الضخ في الأنبوب بناء على طلب من الشركة الوطنية للمياه التي قللت من حجم المشكلة، لافتة إلى أن ما حدث مجرد غسيل وتعقيم لأنبوب جديد.