«سين» .. حين يكون للنص موقع

شتيوي الغيثي

قليلة تلك المواقع التي تهتم في مجالات الإبداع التي من خلالها يستطيع المبدع ــ أيا كان نشاطه الإبداعي ــ أن يمارسه بعيدا عن ضوضاء النقد والصح والخطأ وافعل ولا تفعل وقل ولا تقل. هناك فقط تمارس لعبك الطفولي مع الكلمات. تعيد تشكيل الكلمات كقطع المكعبات الملونة التي كنا نبني بها حينما كنا صغارا بيوتا أو سيارات أو دمى لا يردنا الخيال ولا يعيقنا التصور ولا كيمياء الحياة الاجتماعية المحيطة.. هكذا كان الإبداع، وهكذا كان لباد أن يكون.
بعض المواقع الالكترونية الخاصة بالإبداع تمنحك عودة الطفولة إلى الكلمات. عودة اكتشاف اللغة. عودة تشكيلها بتصور جديد، ولغة جديدة، وإبداع متميز. عودة الوقوف أمام الكلمات التي تراها لأول مرة ثم تعيد رصفها بغير ما اعتدت عليه من لغة الجمود والغة التحنيط.
«سين» هذا الموقع الإبداعي المتميز يحاول أن يعيد وهج اللغة الإبداعية إلى الوجود، ويعيد مواقع الإبداع الإلكترونية إلى الصدارة بعد أن خفت وهجها في ظل المواقع التواصل الجديدة توتير والفيسبوك. يبقى «سين» وهج الإبداع الذي ما زال بين حروف من يكتبونها حين ماتت اللغة بكلمات القانون والسياسية. وتجمدت الكلمات بعبارات العلوم والنقد.
في «سين» تجد كل النصوص الإبداعية الشبابية تتكلم عن نفسها. تشير إلى ذاتها. تحاول أن تقول ما في نفوس مبدعيها من شباب وشابات. النثر والشعر يمتزجان لتنهدم تلك التشكيلات التي تفرز ما هو نثري عن ما هو شعري، فيصبح الشعر نثرا والنثر شعرا والقصيدة إبداعا جديدا له رؤيته الخاصة. أنت أمام النص خالصا من غير أي رتوش، وبعيدا عن تصنيفات النقاد.
أكتب بعد سنوات من ظهور «سين» في الفضاء الالكتروني. والرهان ليس أن تنطلق سريعا إنما أن تبقى في الصدارة سنوات طويلة. هذا ما فعله شباب موقع سين حين يقيمون مهرجانا سنويا يجمعهم على قلة الموارد المساعدة. هنا يكون الإصرار على البقاء، وهنا يكون المعنى من أن تكون مبدعا، ولا تنحاز إلا للإبداع.