الأيتـام وعنف اللئام

اعتدال عطيوي

لا أحد يستطيع أن يتجاهل جهود الدولة في تربية الأيتام ومجهولي النسب ومن يحذو حذوهم ممن تقلب في التفكك الأسري وفق نظام متكامل يتطلع إلى تنشئة تربوية سليمة محققة للتكيف النفسي والاجتماعي وتهيئة المناخ المناسب لذلك في دور الرعاية المختلفة التي تشكل عائلا مؤتمنا وبديلا عن الأسرة الطبيعية وتتواصل رعايتها لهم حتى ينهوا مراحل تعليمهم ويخرجوا إلى الحياة ويكونوا الأسر.
وحيث إن الأسرة هي المحضن الطبيعي الآمن نفسيا واجتماعيا للطفل فقد كان إيجاد أسر حاضنة بديلة بمثابة أحد الحلول والمخارج الصديقة للأطفال تضمن لهم جوا أسريا حميما دافئا.
وقد تبنت وزارة الشؤون الاجتماعية هذا الحل الإنساني الموجود في كل أنحاء العالم سواء كان تلقائيا أو منظما فأقرت نظاما للأسر الكافلة يمكنها من احتضان الأطفال ورعايتهم وفق الضوابط الشرعية.
وصحيح إن كفالة الأيتام تحكمها إجراءات وقوانين صارمة في المرحلة الأولى للاحتضان يتصدرها تقييم الأسرة الحاضنة من كافة النواحي وهو أمر حيوي هام ولكنه خطوة لابد أن تتبعها خطوات أهم منها وهي المتابعة الدورية المقيمة لوضع الأطفال في الأسر الحاضنة صحيا واجتماعيا ونفسيا.. وهنا بيت القصيد فعلى محك الواقع نجد أن هذه المتابعة وإن كانت نشيطة في بداياتها ما تلبث أن تتقهقر تدريجيا حتى تتلاشى بعامل الوقت كما قد يكتفى بالتقييم المكتبي وما يورده رب الأسرة الحاضنة من معلومات.
وهناك حالات أعرفها شخصيا لم تقيم منذ سنوات طويلة وهنا تكمن خطورة الوضع فقد يكتوي الأطفال المحتضنون بنار العنف وسوء المعاملة والحرمان بل والانحرافات دون أن يعلم بهم أحد.
خاصة أن المعلومات في مجتمعنا مبهمة لا يعرفها أحد أو يسأل عنها ولا تعلنها الجهات المختصة بينما نجد في مجتمعات أخرى ينزعون الطفل من والديه إذا عرضاه للعنف.
وليس أدل على ذلك التراخي في متابعة حالات الاحتضان إلا الحادثة الأخيرة التي قتل فيها الطفل على يد حاضنة بدعوى ضبط تبوله ألا إرادي.
ربما يتورى للبعض أنها حالة فردية لا يقاس عليها الواقع المقر لكثير من النجاحات في هذا المجال، ولكن هل ننتظر أن تتحول تراكمات العنف والحرمان والنبذ التي تواجهها الكثير من الحالات إلى جناية حتى نوليها الاهتمام..
إن نظام الأسر البديلة بحاجة إلى تقييم دوري شامل من كافة النواحي يتماثل مع المعطيات العلمية الحديثة في هذا المجال ويستوعب التغيرات الاجتماعية العميقة ويستفيد من التقنية العلمية في متابعة برنامج الأسر البديلة وأوضاع الأيتام فيها حتى لايقعوا ضحية للاضطهاد ومرضى النفوس وتقلبات الأمزجة وتغير ظروف الأسر الحاضنة الاجتماعية والمادية.. إنهم أمانة في عنق المجتمع لابد لنا من المحافظة عليها وضمان سلامتها من كافة النواحي.