الصحة والتأمين

ياسر سلامة

تصريح المتحدث الرسمي لوزارة الصحة للصحافة ولـ«عكاظ» في 5/5/1434 هـ، والذي أكد فيه «أن تفاصيل مشروع التأمين الطبي على المواطنين سترفع قريبا لاعتمادها، منوها إلى أنه سيتم الانتهاء من ذلك خلال خمسة أشهر، وسيشمل جميع المواطنين، كما سيتم الإعلان عن التفاصيل بعد إقرارها في مؤتمر صحافي، وأضاف أن التأمين سيغطي كافة الاحتياجات وخدماته متكاملة، ويشمل كافة الأعمال والأعمار». هذا نص التصريح والذي ــ من وجهة نظري ــ يعتبر تصريحا تاريخيا وغير مسبوق لمسؤول في وزارة الصحة.
وقد اعتدنا على تصاريح الإدارات السابقة للصحة عن ملف التأمين الطبي، وكان مجملها مفتوحا ومطاطا وغير محدد بزمن وموعد، ورغم تأكيد هذه الإدارات واعترافها بأهمية وقيمة التأمين الطبي للناس للمحتاجين للفقراء غير القادرين على العلاج، في ظل غلاء الخدمات الطبية غير المبرر والمقدم من القطاع الخاص الغلاء الجشع الذي لا يواجه بأنظمة وقوانين ومتابعة ومراقبة مناسبة من الصحة، ورغم كل ذلك إلا أن هذه الإدارات لم تتجرأ أو تفكر يوما في تحديد موعد للتأمين تلتزم به أمام الناس.
تصريح وزارة الصحة على لسان متحدثها الرسمي لم ولن ينساه الناس وبقي على تنفيذه شهر ونصف تقريبا، ما يعني أننا أمام أحد أمرين، الأول التزام الوزارة بوعدها للناس وفق خطة وهيكلة أعدتها من المفترض أن تكون جاهزة وظهرت بعض مسوداتها، وهذا ما لم يحدث ــ على حد علمي ــ إلى الآن، والأمر الثاني بأن وعد الوزارة عبر تصريح متحدثها لم يكن إلا وعدا وهذا ما لا أتمناه؛ لأن ذلك سيكون من دواعي ضياع الثقة بين الوزارة والمواطن، وأي تبرير غير تنفيذ الوعد المنتظر بإقرار التأمين الطبي كدراسة أو إقامة مؤتمر أو البحث عن التأمين الذي يناسب مجتمعنا أو العودة لذكر بعض المقولات المتكررة المحروقة كالتأمين التعاوني الذي سيدعم من كل الجهات والقطاعات أو دراسة النظام الكندي وإلى آخره من الأطروحات التي لا تغني ولا تغطي المريض المحتاج لن تكون حينها مقبولة.
الناس معظمهم خارج التغطية الصحية وفي حاجة لنظام واضح يضمن حق علاجهم، الدولة تنفق وبازدياد مطرد وليس لإنفاقها على الصحة مثيل في المنطقة والشكوى أيضا تزيد من القطاعات الصحية وما تقدمة من خدمات لا تليق وحجم الإنفاق الحكومي، ما يعني أننا أمام أزمة إدارة واضحة تعطل وتتأخر بسببها الكثير من المشاريع، وكان آخرها المراكز الصحية المعطل تنفيذ المئات منها، وكذلك زيادة وظهور الأخطاء الطبية وبشكل أصبح معه الناس في خوف وهلع من بعض المراكز الصحية، وكذلك تأخر افتتاح المشاريع الطبية الكبيرة، وعلى سبيل المثال لا يوجد مبرر مقنع يجعلنا نمرر ونرضى ببناء مستشفى وتجهيزها في ثماني سنوات تقريبا كمستشفى شمال جدة، والذي لم تقدم إلى الآن الوزارة سببا مقنعا لتأخر افتتاحه وتجهيزه.