وعاد إلينا

محمد الأحمد

أحبابي، بارك الله فيكم جميعا، هذا شهر الخير قد عاد إلينا، فهنيئا لنا ولكم به.
هنيئا لنا بهذا الرزق الكريم والعطاء الجزيل من رب رحيم.
هنيئا لمن بلغه الله هذا الشهر العظيم وأعانه عليه.
هنيئا لمن عرف قدر هذا الشهر المبارك واجتهد فيه.
قال سلمان الفارسي ــ رضي الله عنه: خطبنا رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ آخر يوم من شعبان، فقال : (أيها الناس: قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر.. شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا.. من تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه.. وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة.. وشهر المواساة.. وشهر يزداد رزق المؤمن فيه.. من فطر فيه صائما، كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره، من غير أن ينقص من أجره شيء) قالوا: يا رسول الله: ليس كلنا يجد ما فطر الصائم! فقال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: (يعطي الله هذا الثواب، من فطر صائما على تمرة، أو على شربة ماء، أو مذقة لبن.. وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.. من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار.. فاستكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء لكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم، شهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه.. وأما الخصلتان اللتان لا غناء لكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار.. ومن سقى صائما، سقاه الله من حوضي، شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة).
ومن فضائل شهر رمضان المبارك:
ــ يصفد الله فيه الشياطين ومردة الجن.
ــ تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار
ــ تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا.
ــ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك.
ــ فيه ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر.
ــ يعتق الله من يشاء من عباده كل ليلة من ليالي رمضان.
ــ يغفر الله للصائمين في آخر ليلة من رمضان.
ومما لا شك فيه أن هذا الثواب العظيم الذي خص الله به الصائمين لا يكون للذين امتنعوا عن الشراب والطعام فقط خلال نهار رمضان، وإنما كما قال الرسول الكريم ــ صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله في حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).. وقال ــ صلى الله عليه وسلم أيضا: (الصوم جنة، فإذا كان أحدكم يوما صائما فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شتمه أو قاتله، فليقل إني صائم) رواه أحمد.
كان الرسول الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، قال ــ صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة صدقة في رمضان).
ومن صور الصدقات في رمضان: إفطار الصائم، فقد قال ــ صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء).
وبصفة عامة، فإن عبادة إطعام الطعام تنشأ عنها عبادات كثيرة، كالتحبب والتودد من الإخوان الذين أطعمتهم، فيكون ذلك سببا إن شاء الله لدخولك الجنة. قال ــ صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا). صدق رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم:
وقال تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا. إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) (صدق الله العظيم).
وأخيرا، وليس آخرا، فقد وعدنا الله ــ عز وجل ــ بكرامة في ختام هذا الشهر الكريم
وهي: ليلة القدر.
ثبت عن الرسول الكريم أنه كان يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها، فكان يوقظ أهله في العشر الأواخر رجاء إدراك هذه الليلة المباركة، وهي ليلة وترية (أي مفردة).. قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
وفي الحديث الصحيح عن عائشة ــ رضي الله عنها ــ قالت: (يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فبم أدعو؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني).
أسأل الله أن يبلغنا هذا الشهر الكريم.
وكل عام وأنتم بألف خير.