الجيش المصري

أنور ماجد عشقي

في العام الماضي وفي أحد المؤتمرات الدولية التي عقدت في أثينا وبحضور مراكز دراسات وخبراء استراتيجيين من 15 دولة، ألقى أحدهم محاضرة عن الديمقراطية، وتوجهت له بسؤال، ماذا بعد الديمقراطية؟ وأردفت قائلا: إذا كانت الديمقراطية هي نهاية الطريق، فنكون قد حجرنا الفكر تماما، أجابني بقوله: لم أفكر في الموضوع. واليوم نجد أن الديمقراطية تصبح تسلطية إذا اعتمدت على صندوق الانتخابات، فالعالم ما زال يعاني من وصول هتلر إلى الحكم بالأسلوب الديمقراطي، فتحولت إلى ديكتاتورية الفرد وديكتاتورية الحزب، وهدمت أوروبا، وقتل من جراء ذلك الملايين.
ورأينا كيف وصل الإخوان إلى الحكم وأصبحوا يتذرعون بالصندوق، ولكنهم للأسف لم يتمكنوا من إدارة الدولة، فتسببوا في الضائقة الاقتصادية، وارتفاع الأسعار، وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه، وقطع الكهرباء، وصعوبة الحصول على الوقود، واستخدام اللهجة التسلطية في عبارات استفزت الشعب المصري الذي التف حول المعارضة التي طالبت بسقوط النظام وإعادة الانتخاب. وهذا ما تم مؤخرا.
إن دكتاتورية الحزب لا تختلف عن ديكتاتورية الفرد، بل هي أسوأ، وجدناها في الحزب النازي، وبعث العراق، وبعث سوريا. لكن شعب المصر بخلفيته الحضارية رفض أن تسقط مصر، أو أن تنهار، فهب بالملايين ليس لإسقاط النظام بل لإنقاذ مصر، وبهذا يكون الشعب المصري قد أعطى درسا في الديمقراطية الحديثة.
وتجاوبا مع رغبة الشعب المصري، وإنقاذا للأمن القومي، وقف الجيش المصري ليلقي بثقله في الأزمة عندما وجد الملايين يرفضون إدارة الإخوان التي لم تحقق رغبات الشعب، وأمهل مرسي يومين للاستجابة لمطالب الشعب، الا انه لم يستجب، فتدخل الجيش وطرح خارطة للمستقبل، وبهذا خفف من الاحتقان، وأوقف العنف، وقطع الطريق على الحرب الأهلية.
لقد دار بيني وبين المرشد العام في حج العام الماضي في دار الزبير حوار، قلت له: لا بد من استقرار الأوضاع في مصر كي تتغلب على الأزمة الاقتصادية، ولا يتأتى ذلك إلا بتقبل الآخر وعدم إقصائه، فاستجاب لي، لكني صدمت حينما سألته: ما هو هدفكم الاستراتيجي؟ فقال: الوصول إلى السلطة، لأني أعلم أن الرغبة في الوصول إلى السلطة سوف تتحول إلى التسلط.