إلى معالي وزيـر التعليم العالي !!

صالح عبدالعزيز الكريِّم

وزارة التعليم العالي هي الجهة المسؤولة عن مئات الألوف من خريجي وخريجات الثانوية العامة ــ طلابا وطالبات ــ كل عام، وقد نجحت الوزارة في التمدد واحتواء أكبر عدد ممكن من الأبناء والبنات، ولقد وصل افتتاح الكليات إلى قرى ومحافظات كثيرة، فبارك الله في خادم الحرمين الشريفين، وتبعا لهذا التمدد فإن متابعة الجودة والتميز النوعي يضعف وهو شيء طبيعي، خصوصا في وضع «اعطي حبيبك موجودك» من الأساتذة والفنيين، فالعملية التعليمية فيها تفاوت كبير من جامعة إلى جامعة، ومن كلية إلى كلية، ومن إدارة إلى إدارة، ويجابه الطلاب الجدد بنظام السنة التحضيرية الذي دخل الجامعات فرضا ورضيت به قسرا؛ لدرجة أن تسكين الطلاب والطالبات في الكليات والتخصصات بعد السنة التحضيرية يعتمد 100% على مواد السنة التحضيرية، وليس هناك أي اعتبار للجهد التأسيسي في «اختبار القدرات أو التحصيلي أو درجات الثانوية العامة»، وقد يقول قائل إن دخول الجامعات كان بناء على «القدرات والتحصيلي ودرجات الثانوية»، وهذا صحيح، لكن لم يحققوا عبره الكليات التي يرغبون فيها، لأنها سنة واحدة يتيمة يشوبها ما يشوبها من غربة وتباين أساتذة ودروس خصوصية، وهناك من ليس لديهم ما يدفعونه، إن الهدف من السنة التحضيرية في أساسه مبني على إعطاء الطالب والطالبة فرصة للتعرف على الجو الجامعي ومعايشته والتأقلم ليكون هناك اختيار صحيح للتخصص، وليس للمنافسة في الدراسة؛ لأنه جو جديد ويربك الطالب والطالبة، خصوصا الذين يبتعدون عن أهلهم. إن الوسط الجامعي الدراسي لتعدد وكثرة الجامعات والكليات والتفاوت الكبير في التدريس بين الأساتذة والفرق البائن في طريقة معاملتهم وغير ذلك من أمور جعل النتائج للسنة التحضيرية الاعتماد عليه وحده في التسكين للتخصص غير مطمئن، وليس فيه عدالة ويذكر فيما كانت تشكو منه الجامعات سابقا من نتائج ثانويات تصل إلى 100%، وهي واهية ومن صناعة المدارس نفسها.
يا معالي الوزير، من باب غيرتي على التعليم العالي، وأعرفك جيدا أنك مِن من يحب الخير لوطنه ويقابل النصيحة بالمتابعة حتى تتحقق ويهمك مستقبل التعليم العالي، كما أنك رجل حصيف لا يكتفي بقول من يقول: «كل شيء تمام يا أفندم» ، فعليه أقترح جعل تسكين التخصص 60% منه في يد السنة التحضيرية و20% منه لاختبار القدرات و10% منه لاختبار التحصيلي و10% منه لدرجات الثانوية، إن ذلك على الأقل كنسبة موزونة يقرب إلى الجودة ويحقق العدالة ويرفع من مستوى التعليم العالي ويقلل من اللعب بالدرجات في داخل الجامعات، ومعروف إحصائيا أن مثل هذا الإجراء يقلل من الخطأ، ويكفي أن تثق الوزارة فيما تقوم به من عمل في اختبار القدرات والتحصيلي، وقد يعارض هذا الاقتراح البعض لما يشعر فيه من إمكانية للتدخل لتضبط ما يريد، وقد ذكرت في مقالات سابقة في صحيفة عكاظ أن الجامعات تحول في نتائج بعض المواد التدريسية؛ لأنه عندما تكون نتائج الطلاب صادقة (نسبة الرسوب عالية) تضطر إلى تعديلها لكثرة اعتراضات الطلاب والطالبات، وهذا كله لا يخدم العملية التعليمية. أتمنى من معاليكم تشكيل لجنة وطنية تعليمية تبحث بمصداقية السنة التحضيرية وتعديل وضعها في تسكين الطلاب والطالبات في الكليات بناء على رؤية المعادلة الموزونة التي ذكرتها.