الشيطان ومعاصي رمضان!!

صالح عبدالعزيز الكريِّم

«أنطم»، «كل هوى»، «ما هو شغلك»، .. هذه هي ردودنا على من يسأل أو يستفسر خاصة في المدارس، وعندما سأل طالب أستاذ مادة العلوم الذي شرح لهم أن تحول المادة من الحالة السائلة إلى الصلبة إنما يكون بالتجميد، سأله الطالب: طيب لماذا عندما نغلي البيض يتجمد (يتحول من سائل إلى صلب) فبهت المعلم وما كان منه إلا أن قال له: اسكت ياغبي، مع العلم أنه بالإمكان أن يرد عليه قائلا: سؤالك جميل وفي مكانه وسوف أبحث لك عن الإجابة، وما من سؤال إلا وله إجابة وقد تكون إجابة السؤال أن البيض محتواه بروتينات وهذه البروتينات تتخثر عند التسخين والتعرض للحرارة، وأعجب كثيرا من ثقافة أن الأستاذ سواء في المراحل الأولى أو الجامعية أنه لابد أن يعرف كل شيء، إن الإنسان مهما أوتي من العلم يظل يجهل أمورا كثيرة، وكثيرا ما كنت أسمع أستاذي في مرحلة الدكتوراه يقول: لا أعرف، بينما اليوم بعض أساتذة الجامعات أو الأطباء ينتفشون مشعرين غيرهم أنهم يحيطون بكل شيء علما، صحيح أن هناك أسئلة محرجة أو أنها صعبة الإجابة أو قد تكون حساسة لكن يظل التعامل معها يجب أن يكون منطقيا، وعندما أتى بعض الصحابة رضوان الله عليهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وفي قلبهم استفهام كبير حول الإيمان بالله وهو: إن الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ طلب منهم عليه السلام أن يقولوا ما في نفوسهم فقال أحدهم: والله نخشى أن تخر علينا الجبال هدا مما نحن فيه من تفكير يا رسول الله، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قربهم وقال لهم: إنما أنتم فيه إنما هو من قمة الإيمان لكن إذا أردتم معرفة عن الله أكثر ففكروا بآيات الله وكونه لأن التفكير في ذات الله فوق طاقتكم العقلية والذهنية وذلك مهلكة لكم: لا تفكروا بذات الله فتهلكوا ولكن فكروا بآيات الله، لأن التفكير بآيات الله يقود إلى تعظيم الله والتعرف إلى صفاته، وعندما يصلك سؤال: الشيطان عندما عصى الله من كان شيطانه؟ قد ترتبش وتقول: أستغفر الله، ناسين أو متناسين أن دخول شهر رمضان هو شهر تصفيد (حبس) الشياطين، طيب المعاصي الكثيرة التي تقترف في شهر رمضان من وراءها؟ وبعض هذه الذنوب والمعاصي يقترفها أناس دينون فما الذي جرأهم على المعصية؟ إن النفس عامل من عوامل اقتراف المعصية لذلك ورد في القرآن الكريم قوله تعالى «وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء»، وقوله تعالى «وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى»، وقد وردت أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بها من شر النفس منها قوله عليه السلام: «اللهم فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه أعوذ بك من شر نفسي»، فالشيطان عندما عصى الله ورفض أن يأتمر بأمر الله في السجود لأبينا آدم، كان من ذاته وحض النفس الذي لعب به، والعجب (ضم العين) ملأ عليه دواخله وأخذ منه كل مأخذ فقال مستنكرا: أأسجد لمن خلقت طينا؟؟ خلقتني من نار وخلقته من طين، وقد نص القرآن الكريم على أن مشكلته كانت الاستكبار في قوله تعالى «إلا إبليس أبى واستكبر»، ولم يدرك بنفسه الأمارة بالسوء أنه يخاطب خالقه ويعترض على من صنعه وأوجده، وهي حالة نفسية لا تزال البشرية إلى اليوم تعاني منها وهي الغطرسة والخيلاء على خلق الله، لذلك من في قلبه مثقال ذرة من كبر لايدخل الجنة كما ورد في الحديث الصحيح، وكذلك في الحديث القدسي الصحيح: الكبرياء والخيلاء ردائي من نازعني فيهما قصمته، فسبحان الله الكبير المتعال، هذا المعنى من الإدراك لعظمة الله قد تجده عند الرجل البسيط عندما يقول لك: هذه الأرض ما عليها كبير إلا الله.