تأمّـلات رمضانيـة !!

محمد بن علي الهرفي

• لشهـر رمضان وقع خاص على نفوس المسلمين جميعا، وعلى نفوسنا
ــ نحن ــ في هذه البلاد الطيبة المباركة لوجود مظاهـر الإيمان التي تساعد على الصيام الكامل بكل أركانه وأدواته ما ظهر منها وما بطن، وهذه منة من الله وفضل.
ومن أجل ذلك فقد حرصت أن أكتب عن بعض مزايا هذا الشهر ما دمنا فيه مبتعدا
ــ قدر الإمكان ــ عن قضايا السياسة وإشكالات المجتمع وغيرها وأعرف أن فيه كل ذلك ولعلي أشير إلى بعضها ولكن بنكهة رمضانية.
• تحدثت «عكاظ» يوم الأحد 5/9/1434 هـ عن مجموعة من المرشدات في جدة وبمشاركة نحو عشرين من المتطوعين بعمل جميل يتفق مع مكانة رمضان وأهدافه حيث شارك الجميع في توزيع مائتي سلة غذائية على بعض الأسر المحتاجة وذلك ضمن برنامج توزيع السلال الشهـري الذي تنفذه ضمن برنامج رسل السلام الكشفي.
هذا العمل التطوعي من الأجمل أن نراه في كل مدينة أو قرية في بلادنا؛ رمضان شهر التكافل والتعاون على البـر والتقوى، ولا يصح أن لا يجد أحد قوت يومه بينما هناك من يستطيع مساعدته، والواقع أن ما حدث في جدة يتكـرر وإن بصور متنوعة في معظم مدننا وقـرانا، فالجمعيات الخيـريـة المتنشرة في كل مكان تقوم بدور فعال في هذا السبيل وطيلة أيام رمضان، كما أن الأهالي يشاركون هذه الجمعيات عملها وبصورة فردية، يتم ذلك تعبيرا عن الإحساس بالواجب الإسلامي والإنساني الملقى على عواتقهم تجاه إخوانهم، وهذا الإحساس يكون في قمته في هذا الشهـر الكريم، ولكن هذا الشهر ــ كما نعـرف ــ يعلمنا أن نستمـر في عطائنا طيلة أيام السنة وأن لا نتوقف عن عمل الخير لوطننا وفي كل اتجاه.. فإذا كان رمضان شهـر التكافل والتـراحم فإنه ــ أيضا ــ شهر البناء والعمل فمعظم الانتصارات الكبرى في حياة المسلمين حصلت في هذا الشهـر، ابتدأت بفتح مكة المكرمة ثـم تلاها مجموعة من الانتصارات الباهرة كان منها انتصار مصر على الصهاينة في العاشر من رمضان عام 1973، ومن هنا فإن رمضان شهر عمل وبناء وإبداع ولعلنا في بلدنا نتمثل هذا المعنى لكن نفعل كل ما نستطيع من أجل المشاركة في بناء بلادنا وفي كل أمـر تحتاج إليه.
• يتكـرر الحديث في كل رمضان عن موضوع مكبـرات الصوت في صلاة التروايح، ويقول البعض : إن هذه المكبـرات قد تؤذي المرضى وكبار السن وهناك من لا يستطيع احتمالها.. وأقول : إن هذه المكبـرات لا حاجة لها أصلا خارج المساجد فالمعنيون بها هم من يصلون داخل المساجد وليس الذين يمشون في الأسواق، ولهذا يجب أن توقف بقـرار حازم من الوزارة.. وأضيف هنا إن هذا الإيقاف يجب أن يشمل كل الصلوات سواء في رمضان أو في سواه فالعلة واحدة، وهو الإسماع، وهذا يختص بالمصلين داخل المساجد وليس في خارجها.. بل إنني أرى أن في إعلان أصوات القـراءة خارج المساجد قد يكون فيه إثـم لأن الله سبحانه يقول «فإذا قرىء القرآن فاستمعوا له وأنصتوا».. والواقع أن الذين يستمعون للقـرآن من المارة أو الموجودين في بيوتهم لا يستمعون ولا ينصتون كما يجب وهذا يشكل لهم حرجا، ومن هنا فإن المصلحة تتفق مع الشرعية في وجوب إيقاف مكبـرات الصوت أثناء قـراءة القـرآن، وفي إعلان الأذان كافة لأنه هو الذي يشعر بدخول الوقت وهو الشيء الأهم بالنسبة للمصلين.
• البرامج الرمضانية ــ أي التي يقال إنها مخصصة لهذا الشهر الكريم ــ لا يكاد معظمها يتفق مع مكانة رمضان وروحانيته والهدف الذي أراده الله من هذا الشهر الكريم.. فـرمضان ــ كما نعرف ــ هو ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب في الوقت المحدد لذلك، فهذا جـزء من الدرس وليس الدرس كله، أما بقية دروس رمضان فهي نوع خاص من التربية المتكاملة للمـرء حتى يخرج وبعد انتهاء هذا الشهـر وقد اكتملت شخصيته وأصبح صاحب إرادة قوية في فهم طريقة البناء الأمثل لمجتمعه.. والإعلام الرمضاني في معظمه يضاد هذا التوجه ويعمل على إسقاطه أو إضعافه!!. لننظر كيف تتنافس معظم القنوات العربية على جذب المشاهدين وبوسائل شتى لكي يتابعوا برامجهم التي تبدأ غالبا بعد الإفطار مباشرة وحتى أذان الفجر أو بعده بقليل !.
إن حجم الإغـراء في تلك القنوات لبـرامجها المتنوعة جعل البعض لا يؤدي صلاته جماعة في المسجد، أو لايصلي صلاة التـراويح والقيام، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحديث عن القيام بطاعات أخرى يصبح نوعا من العبث.
كان بإمكان الإعلام أن يجمع بين المتعة والثقافة التي تلائـم شهرنا الكريم، وأيضا تحقيق المكسب المادي الذي يبحث عنه، هذا الهدف هو المطلوب من الإعلام وفي كل بلادنا العربية، فللإعلام رسالة واضحة لكنه لا يكاد يقوم ببعضها حاليا. هناك أمل أن نـرى تحسنا واضحا في الرسالة الإعلامية في الأعوام القادمة، تسعدنا بما نـراه، وتحقق لنا المتعة والفائدة، ولا تشغلنا عن أداء واجباتنا في هذا الشهـر الكريم.
• عمـرة رمضان لها مكانة خاصة ــ هذا صحيح ــ ولكن إذا كانت هذه العمرة ستتسبب في إيذاء الآخرين قد يصل إلى التسبب في وفاتهم فالواجب هنا التوقف عنها وهو الأفضل. نعلم حجم الإصلاحات القائمة حاليا في المسجد الحرام، وهذه تسبب ضيقا في مساحة المطاف ولكن لابد منها لكي نصل إلى ما نريـده من التوسعة التي تحقق راحة المسلمين، وفي مثل هذه الظروف فإن التوقف عن العمرة يصبح هو الأفضل وهذا ما سمعناه من مجموعة من علمائنا. والأولى بنا في هذه البلاد أن نبادر بالامتناع مـراعاة للظرف القائم وحفاظا على أرواحنا وأرواح الآخرين.




malharfi@hotmail.com


للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة