الأمن الغذائي للمملكة يبدأ من جازان!

منصور الطبيقي

مبادرة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله لتأمين مخزون استراتيجي كافٍ من السلع الأساسية مثل: الأرز والقمح والشعير والثروة الحيوانية، بما يعزز الأمن الغذائي للمملكة ويقي الوطن بحول الله أزمات غذائية عالمية مستقبلية متوقعة، والمحافظة أيضا على استقرار أسعار المواد الغذائية داخليا، هي مبادرة رائعة بكافة المقاييس وتعتمد على الاستثمار الزراعي خارج المملكة، وتتركز معظمها في دول السودان ومصر وإثيوبيا وبعض الدول الآسيوية وتستهدف الحبوب والأعلاف بالدرجة الأولى.
المبادرة ومنذ أطلقها ملكنا المفدى تلقفتها أيدي المستثمرين السعوديين وبدأوا بتشكيل تكتلات اقتصادية في هذه الدول، وشرعوا في استصلاح واستزراع الأراضي بمساحات كبيرة، وكانت تجربة جيدة في المجمل، لكنها لم تخلُ من بعض الإشكاليات والصعوبات مثل فرض الرسوم والضرائب والسمسرة في البلدان وحتى التهديد للجوء للقضاء، كما حدث في الشقيقة مصر بعد الثورة، وأدى إلى تنازل مستثمر سعودي لجزء كبير من أرضه في منطقة توشكى، كما أنها لم تساعد في دعم أسعار الغذاء داخليا.
أستغرب اقتراح بعض المختصين الاتجاه للاستثمار الخارجي الزراعي بحجة شح المياه بالمملكة مع وجود منطقة جازان الغالية التي تزخر بوفرة مائية كبيرة، وهي تعتبر ومنذ قديم الزمن رافدا أساسيا للغذاء في الوطن بما حباها الله من المقومات الأساسية للزراعة، من خصوبة شديدة في الأراضي والمناخ الاستوائي المناسب ومياه جوفية وأمطار وسيول متدفقة على مدار العام تصلح لزراعة مختلف المحاصيل بأسهل الطرق وأقل التكاليف، وأخبرني بعض المزارعين في جازان أن المياه الجوفية العذبة يمكن أن يتحصل عليها بالحفر لأمتار قليلة وهذه ميزة لا توجد إلا في جازان.
للتنوع الجغرافي العجيب في منطقة جازان تأثير في زراعة المحاصيل فمنها التي تصلح في الزراعة على سفوح الجبال تروى بمياه الأمطار كالبن، أو في السهول والأودية لمختلف أنواع الحبوب كالدخن والشعير والخضروات والفواكه ويزرع في جازان أكثر من ثلاثين نوعا من المانجو كثير منها عالي الجودة ويصدر للخارج بكميات معقولة.
الدولة يحفظها الله أمدت المواطنين بالدعم المادي لتنمية المنطقة زراعيا، ولكن ظلت اجتهادات فردية من المواطنين لزراعة أراضيهم وبعض المشاريع لم تكن مجدية اقتصاديا، لا سيما في ظل عدم وجود سياسات تسويقية جيدة لمحاصيلهم. أما المستثمرون السعوديون فقد تخلوا عن هذه الأراضي الذهبية وطفقوا يدفعون أموالا طائلة في استصلاح بعض الأراضي الميتة خارج الوطن ويدخلون أيضا في بعض الإشكاليات القانونية، وحتى نكون منصفين هناك بعض الصعوبات قد تواجه المستثمرين في جازان ومنها قلة الأراضي الزراعية كبيرة المساحة المملوكة بصكوك شرعية والتي تكون مطلبا للشركات الكبرى ولجوء أغلب المزارعين لاستثمار أراضيهم بأنفسهم حتى بلغ مجمل القروض الزراعية الممنوحة للمواطنين أكثر من ستة عشر ألف قرض، وعدم وجود رؤية واضحة للهيئة العامة للاستثمار لخلق فرص استثمارية زراعية في المنطقة بالتعاون مع الوزارات ذات العلاقة في الحكومة ولجوء فريق من المواطنين لتحويل أراضيهم من سكنية لزراعية لتكون مجدية اقتصاديا في ظل غياب المحفزات للمواطنين إما ببيع أراضيهم الزراعية بأسعار جيدة، أو استثمارها أو الدخول في شراكة اقتصادية مع المستثمرين.
وفي الختام أقول وفي ظل التقلبات السياسية في العالم، وللميزات التي ذكرت، سلة خبز المملكة هي الخيار الاستثماري الأمثل!