أنقذوا الطبقة المتوسطة
الأحد / 27 / رمضان / 1434 هـ الاحد 04 أغسطس 2013 19:02
حسن النعمي
التنمية عمل دائم لا ينتهي بانتهاء مشروع معين، بل يمتد مع مسيرة الأجيال. فالاحتياجات دائمة، وضروريات الحياة لا تنتهي. لكن أهم ما في التنمية هو تنمية الإنسان وهو هدف الخطط التنموية الجادة. فمن أجله تقوم مشروعات عامة؛ مثل المستشفيات، والجامعات، والتخطيط العمراني، والطرق، والمطارات، وخدمات الموانئ، وغيرها. فالمستفيدون منها لا يمكن تحديد شرائحهم الاجتماعية، بل الجميع مستفيدون منها. وهناك مشروعات خاصة أو خدمات ربحية تتطلب مستهلكين للكسب ولتطويرها أحيانا. في الغالب تستهدف المشروعات الخاصة مثل المولات، والفنادق، ومنتجعات السياحة، والمدن الترفيهية، تستهدف الطبقة المتوسطة بالدرجة الأولى. فالطبقة الغنية محدودة، والحصول على احتياجاتها يتم بطرق مختلفة، والطبقة الفقيرة مشغولة بلقمة عيشها. فمن الوجهة الاقتصادية تؤدي الطبقة المتوسطة دورا اقتصاديا واستقرارا أمنيا وازدهارا اجتماعيا مؤثرا في مسيرة أي مجتمع.
كيف نمت الطبقة المتوسطة في مجتمعنا؟
حتى مرحلة الطفرة الاقتصادية في حقبة الثمانينات لم يكن التصنيف الاقتصادي واضح المعالم، ذلك أن معظم أفراد المجتمع كانوا ينتمون إلى مستوى اقتصادي متقارب يقوم على العمل في الزراعة وتربية الماشية، ويستهلكون كثيرا من محاصيلهم ويستوردون القليل مما يحتاجون. وتلك كانت مرحلة عاشها المجتمع عند حد الكفاية. أما في مرحلة الطفرة الاقتصادية فقد تغيرت معايير الحياة الاجتماعية، وزادت مخرجات التعليم وزاد الإنفاق الحكومي بمعدلات غير مسبوقة، وزادت مع الإنفاق الحكومي الوظائف الحكومية بنسب كبيرة، وتحسنت الرواتب، مع القوة الشرائية للريال. كما تركت المشاريع الحكومية التي نفذت في تلك المرحلة أثرها على مداخيل بعض أفراد المجتمع وخاصة الذين وجدوا تعويضات مالية مجزية مقابل أراضيهم أو البيوت التي دخلت ضمن المشاريع المنفذة. كل هذا أوجد طبقة جديدة في المجتمع تعيش على الإنفاق الحكومي أو المساعدات والقروض الحكومية أو الفرص الكبيرة في القطاع الخاص. تأثرت هذه الطبقة بالفرص التجارية المتاحة، وفرص التعليم الجامعي التي وجد فيها أبناء الطبقة المتوسطة فرصة لتحسين وضعهم الاقتصادي.
ازدهرت الطبقة المتوسطة في المملكة منذ أوائل الثمانينات الميلادية وحتى أواسط التسعينات الميلادية. شكلت هذه الطبقة نسبة معقولة من بين أفراد المجتمع. حيث خرج الناس من قراهم واستقروا في المدن والحواضر المحيطة، حيث التعليم لأبنائهم، والوظائف وفرص التجارة، وهذا بدوره أثر في اقتصاديات العديد من الأسر. من هنا ظهرت المشروعات الخاصة من أجل استثمار القوة الشرائية لهذه الأسر، مثل المولات الكبيرة والمراكز السياحية والفنادق والمنتزهات، وكافة أشكال الكماليات التي تحولت إلى ضرورات للحياة اليومية. فتمدد الطبقة المتوسطة يمثل الضمان لتطور واستمرار هذه المشروعات التي استثمر فيها رجال الأعمال الأموال الطائلة.
لكن يبدو أن الصورة الوردية لاستثمار الطبقة المتوسطة في المملكة لم يكن مبنيا على دراسات واقعية، بل كان مبنيا على التفاؤل أكثر من التقييم الاقتصادي الجاد، أو ربما لم يكن هناك دراسة اجتماعية للتحولات التي مرت بها الطبقة المتوسطة. فمنذ حرب تحرير الكويت والطبقة المتوسطة تعاني من ظروف اقتصادية حادة، من هذه الظروف قلة الإنفاق الحكومي الذي مس جوانب كثيرة منها تعطل مسيرة الإقراض على مشروعات الإسكان والتنمية الزراعية وغيرها. ومع عودة التحسن في بداية الألفية وخاصة مع ارتفاع موازنات الدولة صادف ذلك بداية التضخم وضعف القوة الشرائية للريال مقارنة بما كان عليه في الثمانينات الميلادية، إضافة لعدم وجود زيادات في الرواتب التي بقيت عند حدها منذ بداية الثمانينات. في 2006 اجتاحت البلاد موجة غلاء ما زالت متصاعدة إلى الآن، ولم تلق معالجة مؤثرة، حتى بدل الغلاء لم يكبح جماح الغلاء، نتيجة لغياب دراسة أسباب المشكلة.
هذه التطورات أدت إلى تآكل الطبقة المتوسطة وانزلق كثير من أفرادها إلى حافة الفقر، وخرج من منظومتها آلاف الشباب المؤهلين للعمل الذين لم يجدوا فرصا حقيقية أمامهم لأسباب مختلفة. والأسر التي نعمت باقتصاديات معقولة لم تعد قادرة على التكيف بعد أن كبر الأبناء وزادت مطالبهم في ظل بطالة قاتلة.
إن خسائر الاقتصاد ستكون فادحة لو خرجت الطبقة المتوسطة نهائيا من المعادلة الاقتصادية، وهو ما توشك أن تقع فيه، فهي التي تنفق، وهي التي تستهلك. من هنا فالمعالجات ملحة ومركبة، منها تحسين دخل المواطن ومكافحة الغلاء ليس من باب حل المشكلة، بل من باب حفظ أمن البلاد والعباد.
كيف نمت الطبقة المتوسطة في مجتمعنا؟
حتى مرحلة الطفرة الاقتصادية في حقبة الثمانينات لم يكن التصنيف الاقتصادي واضح المعالم، ذلك أن معظم أفراد المجتمع كانوا ينتمون إلى مستوى اقتصادي متقارب يقوم على العمل في الزراعة وتربية الماشية، ويستهلكون كثيرا من محاصيلهم ويستوردون القليل مما يحتاجون. وتلك كانت مرحلة عاشها المجتمع عند حد الكفاية. أما في مرحلة الطفرة الاقتصادية فقد تغيرت معايير الحياة الاجتماعية، وزادت مخرجات التعليم وزاد الإنفاق الحكومي بمعدلات غير مسبوقة، وزادت مع الإنفاق الحكومي الوظائف الحكومية بنسب كبيرة، وتحسنت الرواتب، مع القوة الشرائية للريال. كما تركت المشاريع الحكومية التي نفذت في تلك المرحلة أثرها على مداخيل بعض أفراد المجتمع وخاصة الذين وجدوا تعويضات مالية مجزية مقابل أراضيهم أو البيوت التي دخلت ضمن المشاريع المنفذة. كل هذا أوجد طبقة جديدة في المجتمع تعيش على الإنفاق الحكومي أو المساعدات والقروض الحكومية أو الفرص الكبيرة في القطاع الخاص. تأثرت هذه الطبقة بالفرص التجارية المتاحة، وفرص التعليم الجامعي التي وجد فيها أبناء الطبقة المتوسطة فرصة لتحسين وضعهم الاقتصادي.
ازدهرت الطبقة المتوسطة في المملكة منذ أوائل الثمانينات الميلادية وحتى أواسط التسعينات الميلادية. شكلت هذه الطبقة نسبة معقولة من بين أفراد المجتمع. حيث خرج الناس من قراهم واستقروا في المدن والحواضر المحيطة، حيث التعليم لأبنائهم، والوظائف وفرص التجارة، وهذا بدوره أثر في اقتصاديات العديد من الأسر. من هنا ظهرت المشروعات الخاصة من أجل استثمار القوة الشرائية لهذه الأسر، مثل المولات الكبيرة والمراكز السياحية والفنادق والمنتزهات، وكافة أشكال الكماليات التي تحولت إلى ضرورات للحياة اليومية. فتمدد الطبقة المتوسطة يمثل الضمان لتطور واستمرار هذه المشروعات التي استثمر فيها رجال الأعمال الأموال الطائلة.
لكن يبدو أن الصورة الوردية لاستثمار الطبقة المتوسطة في المملكة لم يكن مبنيا على دراسات واقعية، بل كان مبنيا على التفاؤل أكثر من التقييم الاقتصادي الجاد، أو ربما لم يكن هناك دراسة اجتماعية للتحولات التي مرت بها الطبقة المتوسطة. فمنذ حرب تحرير الكويت والطبقة المتوسطة تعاني من ظروف اقتصادية حادة، من هذه الظروف قلة الإنفاق الحكومي الذي مس جوانب كثيرة منها تعطل مسيرة الإقراض على مشروعات الإسكان والتنمية الزراعية وغيرها. ومع عودة التحسن في بداية الألفية وخاصة مع ارتفاع موازنات الدولة صادف ذلك بداية التضخم وضعف القوة الشرائية للريال مقارنة بما كان عليه في الثمانينات الميلادية، إضافة لعدم وجود زيادات في الرواتب التي بقيت عند حدها منذ بداية الثمانينات. في 2006 اجتاحت البلاد موجة غلاء ما زالت متصاعدة إلى الآن، ولم تلق معالجة مؤثرة، حتى بدل الغلاء لم يكبح جماح الغلاء، نتيجة لغياب دراسة أسباب المشكلة.
هذه التطورات أدت إلى تآكل الطبقة المتوسطة وانزلق كثير من أفرادها إلى حافة الفقر، وخرج من منظومتها آلاف الشباب المؤهلين للعمل الذين لم يجدوا فرصا حقيقية أمامهم لأسباب مختلفة. والأسر التي نعمت باقتصاديات معقولة لم تعد قادرة على التكيف بعد أن كبر الأبناء وزادت مطالبهم في ظل بطالة قاتلة.
إن خسائر الاقتصاد ستكون فادحة لو خرجت الطبقة المتوسطة نهائيا من المعادلة الاقتصادية، وهو ما توشك أن تقع فيه، فهي التي تنفق، وهي التي تستهلك. من هنا فالمعالجات ملحة ومركبة، منها تحسين دخل المواطن ومكافحة الغلاء ليس من باب حل المشكلة، بل من باب حفظ أمن البلاد والعباد.