حسين سراج.. شاعر الوجدان

عائض الردادي

على ثرى الطائف ولد الشاعر حسين بن عبدالله سراج عام 1332هـ (1912م)، وفي القاهرة توفي يوم 29/1/1428هـ (17/2/2007م) وبين هذين التاريخين أبدع أعماله الأدبية شعراً ونثراً، ونشأ في بيت علم وتعلّم في مدارس مكة المكرمة والأردن ولبنان، وعمل في الدبلوماسية وفي رابطة العالم الإسلامي، وطاف العالم وظهر ذلك في شعره، وسرد سيرته الذاتية في (5) صفحات في الجزء الأول من أعماله الكاملة..
أشهر أعماله الشعرية مسرحية «غرام ولاّدة» وأهداها إلى الشيخ محمد سرور الصبان الذي وقف معه عندما نَبَا به الزمان والمكان، وطُبعت أكثر من مرة، وكشف سريرة ولادة بقوله على لسانها:
نحن النساء متى ثُرنا لعزتنا
نُلقي بمن يعتدي بطن الأخاديد
فإن أردنا انتقاماً يا لَنِقْمتنا
وإن وعدنا فيا حُسن المواعيد
وفي تقديمه لمسرحية «الشوق إليك» شكا ما اعتصره من ألم حينما لم يَرَ إنتاجه بين إنتاج الأدباء السعوديين في مؤتمر الأدباء السعوديين عام 1394هـ مع أنه من شعراء الرعيل الأول الذين احتواهم كتاب «وحي الصحراء» وحين هدأت نفسه بعد تلاوة آيات من القرآن الكريم ولدت هذه المسرحية على شاطئ البحر.
أكثر إنتاجه في المسرحيات الإذاعية، وهو رائد المسرح الشعري في بلادنا، واحتوى الجزء الأول من أعماله على شعره، وهو المسرحيتان السابقتان وديوان «إليها»، وهو كما قال في مقدمته «ليس فيه من أبواب الشعر إلا باب واحد هو باب الغزل، فإليها أُغلقت في وجهي جميع الأبواب إلا بابها».
ويقول عما عدا ذلك من شعره «ولئن تطرقت في ما ندر إلى باب غير باب الغزل، فإنما هو انفعال هزتني مناسباته» ويصرح بأن ما نُشر في هذا الديوان أقل بكثير مما نظمت» مما يعني أنه لا يشمل كل شعره، ومطلع الديوان قصيدته «إليها»:
يا وادي الغيد حدّثهم بمَسْرانا
على ضفاف الهوى والحب نجوانا
والخُرَّد الغيد ضمّخْن الطريق هوى
وقد خرجنا زرافات ووِحْدانا
وفي ندوة الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي في الرياض استمتع الحاضرون بالشاعر مراتٍ ينشد شعره، واستعادوا أكثر من مرة إنشاد قصيدة «أَلُوها» وهذه الكلمة هي التحية عند أهالي جزر (الهواي) في المحيط الهادي.
وذكر فيها جمال تلك البلاد في حوار أنشأه مع حسناء من تلك الديار.
ومنها عندما قالت له: أرابي أنتَ؟ أي عربي فكان الجواب:
أرَابي أنتَ؟ قلتُ أجل أرابي
ومن بلد الكرامة والإباء
بلادي قبلة الإسلام، أدري:
ورأس المال أيضاً والعطاء
بهذا المال تفعل ما تشاء
بهذا المال تسعى للبناء
ومما قرَّت به عين الشاعر قبل وفاته أنه رأى أعماله الشعرية والنثرية منشورة في حياته بعد ما شعر به من الحرمان من الدارسين، وقد أصدرها الأستاذ عبدالمقصود خوجه ضمن كتاب الإثنينية في عشرة مجلدات عام 1426هـ، كان الأول منها للشعر، والثاني للنثر، وبقية الأجزاء لمسرحياته الإذاعية، ولابد من الشكر لناشرها لأنه جعل الشاعر يرتاح نفساً ويشعر بتقديره، ولأنه جعل هذه الأعمال بين أيدي الدارسين.
لقد مات حسين سراج الباشا ورجل المراسم والديوان والدبلوماسية والإدارة، وبقي حسين الشاعر الأديب مستلهم التاريخ في مسرحياته، وبقي له من عمره عشرة مجلدات ضمت إنتاجه المعروف، وبقي له شعر الوجدان والطبع والأصالة، وهي العزاء لمن فقده شاعراً ينشد الشعر مسمّعاً ومبدعاً وممتعاً، رحمه الله.
ص.ب 45209 الرياض 11512 فاكس 012311053
IBN-JAMMAL@HOTMAIL.COM