تعليم لا يحتاج «مدرسين» !

صيغة الشمري

إن الدولة التي لا تهتم بأمر التعليم ستظل دولة تقبع في ذيل قائمة دول العالم، وستجد نفسها تنتج أجيالا يشكلون عبئا على كاهلها، بل قد يصل الأمر إلى ما هو أشد من ذلك، أمر تعليم الأجيال لا يخص وزيرا دون غيره أو وزارة دون غيرها، بل يخص جميع سلطات الوطن التي تهتم بأمره وأمر تطوره، الذين هاجموا مناهجنا التعليمية واتهموها بالضعف كان معهم جانب من صواب، ولا يكفي معالجة هذا الضعف بالاهتمام بالموهوبين من التلاميذ دون غيرهم، فهذا قد يصبح مع مرور الوقت يشكل عنصرا من عناصر ضعف مخرجات التعليم، إذ ليس من المنطق أن أركز اهتمامي على نسبة 1% من تلاميذ يبلغ عددهم ما يقارب الخمسة ملايين، تاركا البقية في مهب ريح الإهمال، مع ملاحظة أن الموهوبين الحقيقيين الذي نقلوا البشرية بعلمهم لم تكن مؤشراتهم توحي بأنهم موهوبون حقا، بل على العكس كانت مؤشراتهم توحي بأنهم أقل من عاديين إن لم يكونوا يظهرون للآخرين كأغبياء، كانت أكبر التهم التي تواجهها مناهجنا أنها تدعم موهبة الحفظ أكثر من التحفيز على التفكير، مع أهمية أن أنوه بأني أقصد التهم الداخلية وليست تلك التهم التي أتتنا من الخارج؛ ليقيني بأن الخارج لا يمكن أن يتمنى أن تكون مناهجنا قوية، نعم إن مناهجنا لا تساعد على التفكير والتطوير بقدر ما تجعل طالب العلم أسيرا لمواهبه في الحفظ، والذي لا يعرفه الإخوة في التعليم أن الإنسان السوي الطبيعي تكون طاقة حفظه متوسطة، ولذلك أكثر خريجي مدارسنا هم من أصحاب المستويات التعليمية المتوسطة، وهو أحد أسباب انتشار حبوب (الكبتاجون المدمرة) للبحث عن طاقة حفظ أكثر (من وجهة نظري المتواضعة)، الحل الجذري السريع والساحر الذي يحول مناهجنا من داعمة لعدم التفكير إلى مناهج محفزة للعقل تنتج أجيالا تفكر وتنقل وطننا معها نحو النمو هو إلغاء طريقة الأسئلة المقالية الشارحة التي لا حل معها سوى الحفظ لا غيره، واعتماد أسئلة الاختيارات المتعددة والصح والخطأ، مع تدريس المعلمين مهارة وضعها، ستقضي على نسبة كبيرة من انتشار حبوب الكبتاجون، وسننتج أجيالا ينحازون للفهم والتفكير، وسنجبر طالب العلم على أن يركز مع كل كلمة يقولها المدرس؛ لأن دور المدرس هو إفهام التلاميذ وليس تحفيظهم، ومع الأسئلة المقالية لا أرى ضرورة للمدرس، كما يفعل بعض التلاميذ من إهمال شرح المدرس ومذاكرة الكتاب عندما يحين وقت الاختبار وإلغاء جدوى وأهمية المدرس!.