الفـن الموسيقي والغنائي بلا كيان

محمد السنان

منذ ما ينوف على سبعة أعوام مضت كان هناك حراك من قبل غالبية الفنانين في المملكة من أجل إنشاء كيان يضمهم تحت اسم قد تم اقتراحه من قبل كاتب هذه السطور وهو (اتحاد جمعيات المهن الموسيقية)، تناولته معظم الصحف المحلية والخليجية وبعض المنتديات على الشبكة العنكبوتية. وقد سبق ذلك الحراك ما يقارب من عامين من الدراسة والمشاورات المتواصلة بين أقطاب الفن في المملكة في كل من جـدة والرياض والشرقيـة حيث تم مناقشـة هذا المشروع من كل الجوانب الفنية والاجتماعية والاقتصادية، أسفر عن صياغة خطاب تم رفعه إلى معالي وزير الثقافة والإعلام آنذاك الدكتور إياد مدني... ضم الخطاب أكثر من خمسين اسما من الفنانين من موسيقيين وملحنين ومطربين وشعراء أغنية، كان على رأس القائمة أسماء من كبار نجوم الموسيقى والغناء في المملكة مثل طارق عبد الحكيم ومحمـد شفيق وسامي إحسان (رحمهم الله)، وغازي علي، وجميل محمـود، وأبو بكر سالم بلفقيه، وسراج عمـر وعبد الله رشاد، ود. عبد الرب ادريس والشاعـر إبراهيم خفاجي وكاتب هذه السطور وغيرهم الكثير من الفنانين من مختلف مناطق المملكة، واشتمل الخطاب على قائمة بأهـداف الاتحاد. وقد بقي الخطاب في أدراج الوزارة حتى تم إعادة رفعه لمعالي الوزير الدكتور عبـد العزيز خوجة الذي وعـد كاتب هذه السطور خيرا عندما قام بالتعقيب على الخطاب نيابة عن بقية زملائه الفنانين... وهاهي السنون تمضي دون ان تحرك الوزارة ساكنا (فلا حس ولا خبر).
قبل أن يقـدم الفنانون على تلك الخطوة، كانوا جميعا يدركون بأن الطريق لتحقيق ذلك الحلم سوف لن يكون مفروشا بالورود، بل إنهم كانوا على يقين بوجود عوائق كثيرة ومتشعبة، وكانوا يعلمون أيضا ما هي مصادر تلك العوائق وحجمها وتأثيرها على هذا المشروع (الحلم). لكن كان يحدوهم الأمل في دعـم ومؤازرة وزارة الثقـافـة والإعـلام لهم لكي يرى هذا المشورع النــور بشكل أو بآخر.
إننا نعيش في زمن العولمة، وامتزاج الحضارات ببعضها مما قد يشكل خطرا على ذوبان الفنون والتراث التاريخي لجميـع مناطق هذا الوطن وفقدان هويتها مالم توجـد بعض الآليات للمحافظة عليها وصونها من الضياع لتكون إرثا ثقافيا للأجيال القادمة. لذلك، بات إنشاء كيان للمهن الموسيقية أمرا تستدعيـه الضرورة، كما أنه سـوف يكــون النافذة الحضارية التي تطل من خلالها فنوننا الجميلة وتراثنا الأصيل وإرثنــا الفـني ــ الـذي يضـرب بجـذوره إلى ما قبـل ظهـور الإسـلام ــ على العالم العربي بشكل خاص والعالمي بشكل عام. كما أن كيانا مثل هذا سوف يساعـد على أن تتبوأ المملكة مكانتها المرموقة على خارطة العلوم والثقافـة والفنون العالمية.
وأعتقد أن المحاولات التي تبذل الآن من قبل الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون لإعادة احتواء الأنشطة الموسـيقية والغنائية تعتبر خطوة إيجابية في الطريق الصحيح برغم المضايقات التي تتعرض لها من وقت لآخر، لكنها على المدى البعيـد لن تستطيـع أن تحقق أهداف وطموحات الفنانين..
وتجـدر الإشارة هنا إلى أن من ضمن أهداف هذا الكيان التي وردت في الخطاب الموجه للوزارة هي تغيير النمط السائد من الأغاني الهابطة بكل المقاييس وترويض هذه الانطلاقـة الجامحة من الغنـاء الهابط والمبتذل، والارتقـاء به ليكون واجهة مشرفة وحضارية وليس عبثا وانحلالا وإثارة للغرائز التي تتنافى مع قيمنا وديننا، والتي تسـيئ إلى مفهوم الفـن الموسيقي والغنـائي، الأمر الذي أوجد ولازال يوجد المبرر لقيام البعض بمحاربته باعتباره ــ أي الموسيقى والغنـاء ــ يحض عـلى الانحطاط الخلقي ويتعارض مع قيمنا الاجتماعيه والأخلاقيـة.

Alsenan_composer@hotmail.com