الــطــبــيــب إذا نــعـــر 1 - 2

عبدالعزيز معتوق حسنين

النعرة هي الخيلاء والكبر، ومنه قولهم: إن في رأسه نعرة. ويقال: لأطيرن نعرتك أي كبرك وجهلك من رأسك. وفي حديث سيدنا عمر رضي الله عنه: «لا أقلع عنه حتى أطير نعرته. وروي: حتى أنزع النعرة التي في أنفه»، أخرجه الهروي في الغريبين، وجعله الزمخشري حديثا مرفوعا. أكتب هنا قصة طبيب أصابته النعرة التي وصفتها هنا بكل معانيها. فكان هناك طبيب عمل معي وقد نقلته من مستشفى في إحدى مدن المملكة ليعمل معي كطبيب مقيم في قسم الباطنية الذي كنت أترأسه في أحد مستشفيات الدولة في جدة في عام 1987م. وبعد فترة وجيزة ترك هذا الطبيب العمل وهو لا يزال في مستوى طبيب مقيم ولم أعد أعلم عنه شيئا. وذات يوم ليس ببعيد أصيبت إحدى معارفي بارتفاع في درجة حرارتها وقليل من الغثيان وألم ضئيل في رأس المعدة بصفة مفاجئة. وحيث إن المريضة يهمني أمرها ذهبت فورا لقسم الطوارئ لأطمأن عليها وبعد معاينة المريضة من قبلي ذكرت لوالدة المريضة أن ابنتها مصابة بإنفلونزا الأمعاء فلا حاجة للقلق وكل ما تحتاجه هو الراحة والماء ولا غير. وتركت المريضة مع أمها في الطوارئ وعدت لبيتي. صباح اليوم الثاني اتصلت وفوجئت بأن الطبيب الاستشاري المشرف على المريضة قد أمر بإدخالها وتنويمها في المستشفى. فور علمي بهذا ذهبت إلى المستشفى، حيث المريضة وأمها وأخبرتني والدة المريضة أن ابنتها تعاني من مرض خطير يسمى بمرض «كرونز» للأمعاء حسب تشخيص الطبيب المشرف وقد أمر ببدء إعطاء المريضة أدوية خطيرة من ضمنها الكورتزون. سألت والدة المريضة كيف شخص الطبيب هذا الداء في ابنتك بهذه السرعة وعلى أي بينة بدأ علاجها بالأدوية الخطيرة في شابة لم يتجاوز عمرها 16 عاما. ردت علي الأم تقول لا أعرف حيث إنني لست طبيبة وقد أجرى الطبيب لابنتي أشعة مقطعية وتحاليل دم مختلفة وينوي إجراء عملية منظار للقولون والأمعاء الدقيقة. سألت الأم لماذا هذا التسرع في التشخيص لداء ليس له شفاء وعلاجاته مضرة ولها سلبيات جانبية خطيرة وكثيرة وابنتك لا تشكو سوى من ارتفاع بسيط في درجة حرارتها وقليل من ألم ضئيل في رأس المعدة وقليل من الغثيان وهي في صحة جيدة لا خطورة على حياتها ولا موجب للاستعجال لا في التشخيص ولا في بدأ علاجات مضرة. ردت الأم تقول: اسأل الطبيب المشرف فكان سؤالي: من هو؟ فكان هو ذاك الطبيب المقيم الذي عمل معي. خرجت من غرفة المريضة وذهبت إلى منصة الممرضات وتأكدت من اسم الطبيب المشرف على المريضة. وحصلت على رقم جوال الطبيب واتصلت به ورد علي وطلبت منه بكل تقدير أن يأتي لغرفة مريضته لكي يشرح لي وضعها وأخبرته من هي المريضة بالنسبة لي. رد علي الطبيب بأنه يجري عملية منظار وحال انتهائه سيحضر. شكرته وانتظرت ساعات طويلة ولم يحضر الطبيب ولم يرد على جواله مرات عديدة. نصحت أم المريضة برفض إجراء المنظار وتوقف كل الأدوية حيث إن المريضة لا تعاني سوى من انفلونزا القولون ولا تحتاج لأي دواء لا سيما أدوية خطيرة، وعدت إلى منزلي. وللنعرة بقية.
للتواصل فاكس: 6079343