شهوة الكلام

عبدالمحسن هلال


لفتني أمران في أول تصريح للمتحدث باسم هيئة الرقابة والتحقيق بعد تعيينه، تعديده لمسؤوليات للهيئة لم أظن يوما أنها تدخل ضمن مهامها، ثم تبريره لرفض المحكمة الإدارية بجدة قبول الأدلة التي قدمتها الهيئة بخصوص «كارثة جدة» مع سيول العام 1430هـ، بالقول إن الحفظ ليس بسبب ضعف الأدلة، وإنما يعود لقناعات القضاة (الحياة، الأربعاء الماضي)، هل هذا تفسير للماء بعد الجهد بالماء، فلولا أن أدلته ضعيفة وغير متماسكة ــ برغم وضوح الجريمة ــ ما تحفظ عليها القضاء، وبدلا من تحمل المسؤولية ذهب يشكك في القناعات.
أتجاوز حديث الكارثة، فطول تحقيقاتها وتشابك ــ الأحرى تشبيك ــ خيوطها أدخلها موسوعة جينيس زمنيا، برغم أنها قمة الجبل الظاهر فوق سطح البحر للمهام المنقوصة للهيئة، إما لضعف أدلة أو عدم جدية تحقيق، وما خفي من الجبل لا شك أعظم. لنتأمل معا مسؤوليات الهيئة التي عددها، يقول سعادته إن اختصاص الهيئة يطاول مراقبة المناهج الدراسية ومعالجة تزايد خريجي الجامعات وحاملي الدبلومات الصحية ومراقبة شروط منح تراخيص لمزاولة نشاط النقل المدرسي والتأكد من مدى ملاءمة مدارس التعليم العام ــ عام وأهلي ــ لخدمة العملية التعليمية ومتابعة آلية توزيع الكتب المدرسية وتوافر المعلمين والمعلمات لتدريس المناهج ومدى ملاءمة المباني للخدمة التعليمية ومدى توافر وسائل السلامة. نقلتها حرفيا، مع الاختصار، خشيت أن تغطي مساحة الكتابة.
هل حقا هذه مهام هيئة للرقابة والتحقيق، ماذا ترك للوزارة المختصة بالتعليم، هل تبحث الهيئة عن مهام جديدة وهي دائمة الشكوى من نقص كوادرها، هل قامت بدورها الأساس كاملا ثم التفتت لهكذا قضايا تفصيلية، بمعنى هل أدت متطلبات ومهام بيتها قبل أن تؤدي مهام بيوت الجيران؟ إن كان، فما بال نسب الفساد تتزايد وترتفع مرتبتنا به بين الدول، ولم هذه المهام التربوية المضافة في تصريح متحدث الهيئة هي الأقل إنتاجية والأكثر فسادا، وإن لم يكن، فهل إن مهام الهيئة بهذه الضبابية وانعدام سلم للأولويات وغياب مفهوم الأهم قبل المهم، أم ترى أن الهيئة وجدت فراغا كبيرا ونقصا في عملها بعد سحب مهام الرقابة المالية منها وتحويلها لديوان المراقبة العامة فبدأت البحث عن مهام إضافية؟.

Hadeelonpaper@gmail.com