حوار المركزيات
الأحد / 09 / ذو القعدة / 1434 هـ الاحد 15 سبتمبر 2013 19:45
حسن النعمي
الله سبحانه وتعالى حمل الإنسان مسؤولياته، وجعله مركز نفسه والعالم من حوله دوائر تمر به حسب تفاعله مع محيطه الخاص والعام. بهذا يسعى الإنسان للتميز واستثمار هذه الهبة الإلهية التي تجعله قادرا على تحمل المسؤولية التي وضعها الله على عاتقه. هذا على المستوى الشخصي، أما على المستوى الجمعي فالأمر يختلف من مجتمع لآخر. فكلما كان المجتمع هرميا، قاعدة عريضة ورأس حاد، تضخمت المركزية، وزادت المسؤوليات حتى فقدان السيطرة على قاعدة الهرم العريضة.
في علم الإدارة الحديثة يتم التخلص من المركزية الشاملة أو العامة باستحداث مركزيات صغرى تتقاطع مع المركزية العامة. والفكر الديمقراطي هو أحد أسس هذا المنحى الذي يعود لفكرة المركزية الفردية لينطلق منها لبناء المركزية العامة، لكنها مركزية منظمة غير سلطوية، إذ تستمد وجودها من تغذية راجعة من المركزيات الصغرى.
التجارب العالمية في نضج الإدارة، وفي تفتيت هيمنة الإدارة المركزية كثيرة وناجحة. وهي أساليب إدارية أخذت بها الشركات العالمية وكثير من الدول ذات المنحى الديمقراطي. ففي الشركات العالمية مركز عام يتغذى من مركزيات صغرى لها القرار والتنفيذ عبر استراتيجية عامة تؤكد فلسفة الدوائر حول المركزية الفردية. فكل مركزية صغرى مسؤولة عن إدارتها، إذ لها استقلال مالي وإداري، وعليها واجبات يجب أن تفي بها، ثم تتم مراجعتها من قبل الإدارة المركزية فيما بعد.
ولعل هذا ما نجحت فيه الدول ذات المنحى الديمقراطي في منح كل إقليم مركزيته في الإدارة، حيث يسن كل إقليم أو منطقة قوانينه بما يتوافق مع طبيعة مواطنيه، وهذا يحقق فكرة تعدد التجارب واحترامها داخل البلد الواحد. وهذا لا يتحقق إلا في بيئة تسمح بالتمايز وقبول الآخر بوصفه مركزية في ذاته إلى جانب مركزيات أخرى داخل المركزية الأم. والولايات المتحدة الأمريكية نموذج حي لهذه الممارسة الإدارية. فكل ولاية من ولاياتها الخمسين مستقلة بمركزيتها الإدارية والمالية، لها حق سن قوانينها الخاصة بما يلائم مواطني كل ولاية. غير أن كل ولاية مرتبطة بالمركزية العامة للبلاد التي تمثل مواطنيها أمام العالم، وتسمح بالتمثيل السياسي لممثلي كل ولاية عن طريق انتخابهم من قبل ولاياتهم. فهم صوت كل مركزية صغرى داخل المركزية العامة التي تتحدد سلطاتها بتفاهمات خاصة مع كل مركزية صغرى.
من فوائد تفتيت المركزية العامة ظهور تنافسية داخل هذه المركزية من قبل المركزيات الصغرى، فأنماط الإنتاج تظهر تمايز النشاط الاقتصادي وتمايز روح الإنسان التي تتجلى في فنونه وآدابه وخصوصياته اللهجية. وهذا من شأنه أن يجدد الصلات ويظهر السعي نحو التميز بما تملكه من قدرة على ابتكار وسائل التمدن الحضاري.
وفي تجربتنا الإدارية في المملكة، وهي بلد مترامي الأطراف نحتاج لإعادة النظر في تمكين المناطق من إدارات مركزية فاعلة تمتلك القرار الإداري وتستطيع أن تظهر تمايزها بما تملك من صلاحيات مالية وإدارية. فاحتياجات المناطق تختلف بعضها عن بعض، وعليه يمكن لكل إدارة تفهم احتياجاتها الخاصة بطريقة مرنة تسمح بالتطوير والتجديد بعيدا عن بيروقراطية القرار الإداري الذي يثقل المركزية العامة بتفاصيل مفرطة ليس من اختصاصها الدخول في التفاصيل، بل دورها الحقيقي في رسم الملامح العامة ووضع استراتيجية وطنية شاملة تعتمد المتابعة والمراقبة والمحاسبة بعد أن تكون قد أعطت مسؤولية الإدارة وما يتبعها من قرار لمصلحة الإدارات المركزية في كل منطقة.
الفارق بين إدارة مركزية عامة وأخرى محلية أو صغرى، أن الأولى تغرق في تفاصيل دقيقة، أما المركزيات المحلية فقادرة على تجاوز المعوقات بنسبة كبيرة، وقدرتها على تلبية الاحتياجات المحلية بشكل فاعل. فإلقاء المسؤولية على الإدارات المحلية عبر مجالس المناطق وتفعيل دورها في سن القوانين يمنحها القدرة على مباشرة المتابعة والمراقبة بما يضمن جودة المنتج الإداري سواء كان في مجال الخدمات البلدية أو غيرها. وهذا بدوره يخفف من الأعباء البيروقراطية التي تعطل مسيرة التمنية سواء في إدارة المشاريع أو إدارة شؤون الأفراد اليومية.
من نعم الله على هذه البلاد تنوع البيئة الطبيعية بين سهل وجبل وساحل بما تستدعي جميعها من تفاصيل الإنسان وثقافته وخصوصياته. وهذا مدخل ملائم للتكامل بين البيئات المختلفة اجتماعيا واقتصاديا. الالتفات إلى المكونات الطبيعة ووضعها تحت إدارات محلية فاعلية يحقق لها التميز وإظهار شخصيتها بما يعود بالنفع على الصورة العامة للوطن.
في علم الإدارة الحديثة يتم التخلص من المركزية الشاملة أو العامة باستحداث مركزيات صغرى تتقاطع مع المركزية العامة. والفكر الديمقراطي هو أحد أسس هذا المنحى الذي يعود لفكرة المركزية الفردية لينطلق منها لبناء المركزية العامة، لكنها مركزية منظمة غير سلطوية، إذ تستمد وجودها من تغذية راجعة من المركزيات الصغرى.
التجارب العالمية في نضج الإدارة، وفي تفتيت هيمنة الإدارة المركزية كثيرة وناجحة. وهي أساليب إدارية أخذت بها الشركات العالمية وكثير من الدول ذات المنحى الديمقراطي. ففي الشركات العالمية مركز عام يتغذى من مركزيات صغرى لها القرار والتنفيذ عبر استراتيجية عامة تؤكد فلسفة الدوائر حول المركزية الفردية. فكل مركزية صغرى مسؤولة عن إدارتها، إذ لها استقلال مالي وإداري، وعليها واجبات يجب أن تفي بها، ثم تتم مراجعتها من قبل الإدارة المركزية فيما بعد.
ولعل هذا ما نجحت فيه الدول ذات المنحى الديمقراطي في منح كل إقليم مركزيته في الإدارة، حيث يسن كل إقليم أو منطقة قوانينه بما يتوافق مع طبيعة مواطنيه، وهذا يحقق فكرة تعدد التجارب واحترامها داخل البلد الواحد. وهذا لا يتحقق إلا في بيئة تسمح بالتمايز وقبول الآخر بوصفه مركزية في ذاته إلى جانب مركزيات أخرى داخل المركزية الأم. والولايات المتحدة الأمريكية نموذج حي لهذه الممارسة الإدارية. فكل ولاية من ولاياتها الخمسين مستقلة بمركزيتها الإدارية والمالية، لها حق سن قوانينها الخاصة بما يلائم مواطني كل ولاية. غير أن كل ولاية مرتبطة بالمركزية العامة للبلاد التي تمثل مواطنيها أمام العالم، وتسمح بالتمثيل السياسي لممثلي كل ولاية عن طريق انتخابهم من قبل ولاياتهم. فهم صوت كل مركزية صغرى داخل المركزية العامة التي تتحدد سلطاتها بتفاهمات خاصة مع كل مركزية صغرى.
من فوائد تفتيت المركزية العامة ظهور تنافسية داخل هذه المركزية من قبل المركزيات الصغرى، فأنماط الإنتاج تظهر تمايز النشاط الاقتصادي وتمايز روح الإنسان التي تتجلى في فنونه وآدابه وخصوصياته اللهجية. وهذا من شأنه أن يجدد الصلات ويظهر السعي نحو التميز بما تملكه من قدرة على ابتكار وسائل التمدن الحضاري.
وفي تجربتنا الإدارية في المملكة، وهي بلد مترامي الأطراف نحتاج لإعادة النظر في تمكين المناطق من إدارات مركزية فاعلة تمتلك القرار الإداري وتستطيع أن تظهر تمايزها بما تملك من صلاحيات مالية وإدارية. فاحتياجات المناطق تختلف بعضها عن بعض، وعليه يمكن لكل إدارة تفهم احتياجاتها الخاصة بطريقة مرنة تسمح بالتطوير والتجديد بعيدا عن بيروقراطية القرار الإداري الذي يثقل المركزية العامة بتفاصيل مفرطة ليس من اختصاصها الدخول في التفاصيل، بل دورها الحقيقي في رسم الملامح العامة ووضع استراتيجية وطنية شاملة تعتمد المتابعة والمراقبة والمحاسبة بعد أن تكون قد أعطت مسؤولية الإدارة وما يتبعها من قرار لمصلحة الإدارات المركزية في كل منطقة.
الفارق بين إدارة مركزية عامة وأخرى محلية أو صغرى، أن الأولى تغرق في تفاصيل دقيقة، أما المركزيات المحلية فقادرة على تجاوز المعوقات بنسبة كبيرة، وقدرتها على تلبية الاحتياجات المحلية بشكل فاعل. فإلقاء المسؤولية على الإدارات المحلية عبر مجالس المناطق وتفعيل دورها في سن القوانين يمنحها القدرة على مباشرة المتابعة والمراقبة بما يضمن جودة المنتج الإداري سواء كان في مجال الخدمات البلدية أو غيرها. وهذا بدوره يخفف من الأعباء البيروقراطية التي تعطل مسيرة التمنية سواء في إدارة المشاريع أو إدارة شؤون الأفراد اليومية.
من نعم الله على هذه البلاد تنوع البيئة الطبيعية بين سهل وجبل وساحل بما تستدعي جميعها من تفاصيل الإنسان وثقافته وخصوصياته. وهذا مدخل ملائم للتكامل بين البيئات المختلفة اجتماعيا واقتصاديا. الالتفات إلى المكونات الطبيعة ووضعها تحت إدارات محلية فاعلية يحقق لها التميز وإظهار شخصيتها بما يعود بالنفع على الصورة العامة للوطن.