«حجر إسماعيل» جزء من البيت العتيق

بناء مستدير على شكل نصف دائرة

«حجر إسماعيل» جزء من البيت العتيق

سلمان السلمي (مكة المكرمة)

حجر إسماعيل هو الجزء الشمالي من البيت العتيق وهو الذي قصرت النفقة بقريش عن شمول البناء له لما أرادوا بناء البيت، فجعلوا عليه جدارا مقوسا للتنبيه على أن هذا الجزء هو من البيت. وتسمية هذا الجزء من البيت بحجر إسماعيل هي تسمية عامية وليست شرعية، لأن بناء البيت الذي لم يشمل الجزء المعروف بالحجر كان بعد إسماعيل بأزمان متطاولة.
والحجر الذي يحيط بالجانب الشمالي من الكعبة المعظمة من جانب الميزاب والذي سمته قريش بالحطيم، وصف مقاساته إبراهيم رفعت باشا في كتابه مرآة الحرمين، فهو بناء مستدير على شكل نصف دائرة وارتفاعه من الداخل 123سم، وعرض جداره من الأعلى 152سم، ومن الأسفل 144سم، وهو بناء مغلف بالرخام، وأحد طرفيه محاذ للركن الشامي، والآخر محاذ للركن الغربي من الكعبة، وله من الجهتين فتحتان، سعة الفتحة من طرفها الشرقي وآخر الشذروان 2.30 م، وسعة الفتحة الأخرى التي بين طرفه الغربي ونهاية الشذروان 2.23م، والمسافة بين الطرفين 8م، أما مسافة الأرض بين جدار الكعبة الشمالي وبين الحجر 12م.


وكانت أن العرب في الجاهلية كانت تطرح بموضع الحطيم ما طافت به من الثياب، فيبقى حتى يتحطم بطول الزمان، فسمي الموضع حطيما، وكانوا يتحالفون ويحلفون عنده.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هذا الحجر يسميه كثير من العوام حجر إسماعيل، ولكن هذه التسمية خطأ ليس لها أصل، فإن إسماعيل لم يعلم عن هذا الحجر، لأن سبب هذا الحجر أن قريشا لما بنت الكعبة، وكانت في الأول على
قواعد إبراهيم ممتدة نحو الشمال، فلما جمعت نفقة الكعبة وأرادت البناء، قصرت النفقة فصارت لا تكفي لبناء الكعبة على قواعد إبراهيم، فقالوا نبني ما تحتمله النفقة، والباقي نجعله خارجا ونحجر عليه حتى لا يطوف أحد من دونه، ومن هنا سمى حجرا، لأن قريشا حجرته حين قصرت بها النفقة.
وقد ورد في فضل حجر إسماعيل أحاديث وآثار كثيرة، منها: عن عروة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ما أبالي صليتُ في الحجر أو في الكعبة. أي أن الحجر جزء من داخل البيت، ومن صلى فيه فكأنما صلى في الكعبة.
وعن ابن أبي علقمة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: «كنتُ أحب أن أدخل فأصلي فيه، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فأدخلني الحجر، فقال لي: صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت، فإنما هو قطعة من البيت، ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة، فأخرجوه من البيت».
ويبدو من القراءة التاريخية أن الحجر كان محل اهتمام من الملوك والأمراء، فلقد كان الحجر حجارته بادية، وأبو جعفر المنصور يحج فرآها، فقال: لا أصبحن حتى يستر جدار الحجر بالرخام، فدعا بالعمال فعملوه على السرج قبل أن يصبح، وجدد رخامه المهدي، وكان تبطين البلاط بالرخام عام 161هـ، وكان رخامًا أبيض وأخضر وأحمر وكان مداخلاً بعضه في بعض، ثم لما تكسر جدده أبو العباس عبد الله بن داود بن عيسى وهو أمير مكة سنة إحدى وأربعين ومائتين، ثم جدد بعد ذلك سنة ثلاث وثمانين ومائتين في خلافة المتوكل. وقام بتجديده وعمّره الناصر العباسي سنة 576هـ، والمستنصر العباسي سنة 631هـ، والملك المظفر صاحب اليمن سنة 659هـ، والملك محمد بن قلاوون سنة 720هـ، والملك علي بن الأشرف شعبان سنة 781هـ، والملك الظاهر برقوق سنة 801هـ، ثم جرت إصلاحات مختلفة فيه سنة 822هـ، وعمّره الملك قانصوة الغوري (916هـ)، والسلطان قايتباي سنة 888هـ، والسلطان عبد المجيد خان 1260هـ.
من المعلوم تاريخيا أنه لم تجر عادة بوضع كسوة على الحجر، غير أنه في عام (852)هـ وصلت كسوة إلى الحجر مع كسوة الكعبة من مصر؛ فوُضِعت في جوف الكعبة، ثم كسي بها الحجر من الداخل في السنة التالية.
** وفي العهد السعودي الزاهر عمر الحِجْر سنة 1397هـ تعميرًا في غاية الجمال والإتقان، وفرشت أرضه بالحجر البارد الذي جلب من اليونان، كما هو في أرض المطاف، وجعل على جداره ثلاثة فوانيس معدنية في غاية الجمال، تضاء بالكهرباء. وفي سنة1417هـ بعد الترميم الشامل للكعبة المشرفة الذي تم في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، تم إزالة الرخام القديم لجدران وأرضية الحجر، واستبداله برخام جديد، كما تم تنظيف الفوانيس الموجودة على الجدران وإعادتها إلى موقعها السابق، وتم عمل حاجز من الحبال لمدخل الحجر متين القوام، منمق الشكل يتناسب مع مكانة الحجر وتعظيمه، ويفتح الحاجز بصورة دائمة، ويغلق عند الحاجة فقط.

فوانيس جديدة

في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ تم وضع أبواب للحجر كما تم تغيير الفوانيس السابقة بفوانيس جديدة.