«الإنـكار» الثـقافي ..!

شتيوي الغيثي

في سوق عكاظ خرجت الشاعرة جميلة الماجري لتقديم ما لديها من كلمة أمام الحضور على المنصة المجاورة لمنصة الرجال مما حدا بأحدهم لإنكار ذلك حسب ما انتشر في الفيديو المصور من كاميرا جوال أحد الحضور مما استلـزم تدخل أحد المسؤولين مـع بعض رجال الأمر لإخراجه بهدوء من المكان، لتكمل الشاعرة ما بدأتـه في ذات المنصة البعيدة عن الحضور كثيرا وبعيدة عن كراسي الرجال في المنصة نسبيا.هذه الحادثة تتكرر كثيرا بشكل أو بآخر في كثير من الفعاليات الثقافية في السنوات الأخيرة سواء كان ذلك معرض كتاب أو ملتقى ثقافيا أو مهرجانات، وهو الأمر الذي أصبح وكأنه من طبيعة هذا الحراك أن يحصل فيه مثل هذه الأشياء.. حتى أني أذكر كيف يتباشر المثقفون في معرض الكتاب الفائت أنه من أجمل المعارض لأنه مـر بهدوء من غير أي منغصات على متبضعي الكتب. أذكر قبل حوالى ثلاث سنوات كيف كانت فكرة الاحتساب حتى على الدور نفسها. كونها تعرض فكرا يختلف عن فكر المحتسبين فضلا عن احتساب الاختلاط الذي دائما ما كان هو محور الاحتدام الطويل بين المجتمع والمحتسبين. في الجنادريـة الكثير من عمليات الاحتساب التي تتكرر كل سنة بشكل حملات تخرج من قبل بعض «المتحمسين» لإنكار المنكر. هذا التكرار السنوي في كل الفعاليات الثقافية يتعدى كونه احتسابا على المنكرات كما يدعيها هؤلاء إلى الاحتساب على المعطى الثقافي المخالف لفكرهم قبل أي شيء آخر. فكرة «الإنكار» الثقافي هي فكرة ناتجة عن رؤية حقيقة العمل الثقافي سواء جاء من رجل أو امرأة، ولا علاقة له بالمنكر الديني لأنه بكل بساطة منكر مختلف عليه، ومشهور فيه الاختلاف الديني، لذلك هو موقف يستخدم المنكر الديني على الثقافي رغم أنهما مجالان مختلفان في طبيعة تعاملهما مع الواقـع.
كلنا نذكر قبل سنوات في بدايـة فكرة عودة سوق عكاظ كيف كان الإنكار على عودته كونه كان سوقا جاهليا!.. حتى إذا انطلق ونجح لسنوات متعددة، تحول الإنكار من الإنكار الثقافي، إلى الإنكار الديني/ الاجتماعي.