الاحتفاء باليوم الوطني.. وما يجب أن يكون

عبدالإله ساعاتي

تعاودنا مناسبة اليوم الوطني المجيد في عامها الثالث والثمانين يوم غد الثالث والعشرين من شهر ديسمبر الحالي.. ومناسبة اليوم الوطني ذكرى عزيزة علينا.. فهي ذكرى توحيد هذا الكيان الكبير (المملكة العربية السعودية) تحت راية التوحيد.. وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار على امتداد مساحة البلاد.. عقب القضاء على الفرقة والتناحر والشتات والانفلات الأمني.. ومن ثم انطلاقة مسيرة حافلة بمعطيات البناء والنماء أوصلت المملكة إلى ما وصلت إليه بفضل المولى سبحانه وتعالى أولا وأخيرا، ثم بفضل قيادة رشيدة وشعب كريم.
وتعكس وحدة هذه البلاد نموذجا متفردا مضيئا في التاريخ الإنساني الحديث.. ترسخت فيه رؤية ورسالة موحدة.. وانصهار Integration سياسي واجتماعي ملفت، حيث ذابت كافة الفوارق ومظاهر التباين في بوتقة الوطن الواحد.
ومن هذا المنطلق فإن من حق إنسان هذا الوطن أن يحتفل بذكرى توحيد هذه البلاد المباركة.. وأن يحتفي بمقدمها كل عام.. فهذا أمر محمود ومطلوب.. نستعيد فيه الذكرى ونستقرئ التاريخ المجيد ونستخلص الدروس والعبر.. بما يخدم مسيرتنا المستقبلية.
من حق المواطن أن يعلن فخره وانتماءه ويعبر عن فرحه ويرفع الأعلام فوق واجهات المؤسسات والمنازل وينشر الشعارات الوطنية. فالاحتفاء باليوم الوطني هو احتفاء بالأمن والاستقرار والرخاء والتفاؤل في بلاد عمتها معطيات البناء والنماء.
ولكن يجب أن يكون الاحتفاء بطريقة حضارية سوية.. وليس بإثارة الفوضى والتخريب وتعطيل سير حركة المرور في الشوارع وإزعاج الناس ومخالفة الأنظمة والضوابط والآداب العامة.. فذلك لا يعد احتفاء ولا احتفالا، بل إساءة وانحراف عن الطريق السوي القويم.
فلقد حول بعض الشباب اليوم الوطني إلى يوم للفوضى والإزعاج.. بدلا من أن يكون يوما نعبر فيه عن شكرنا للمولى عز وجل على نعم الأمن والاستقرار والرخاء التي أنعم بها علينا.. فحوله البعض إلى يوم لجحود النعمة من خلال إثارة الشغب والإزعاج والعبث والفوضى والأفعال الخاطئة المسيئة التي لا يمكن تبريرها على الإطلاق.
ولعل المؤسف أن المشاهد المسيئة التي تشهدها مناسبة اليوم الوطني في المدن الرئيسية أصبحت تتكرر كل عام دون أن تواجهها مبادرات وآليات تتصدى لها وتعالج تداعياتها.. وتضع أطرا جديدة تقودها إلى المسار الصحيح المأمول.
كان من الواجب أن تخضع هذه المظاهر في اليوم الوطني لدراسات معمقة تنتهي بتوصيات فاعلة.. تصحح مساراتها وتضعها في بوتقة الاحتفال الحضاري اللائق بالمناسبة والذي يعكس حضارية الإنسان السعودي وما وصل إليه من تقدم فكري وثقافي وعلمي واجتماعي.
وكثيرا ما أتساءل لماذا لا تشرع أبواب الأندية الرياضية، ومراكز الأحياء ومراكز التربية ومدارس التعليم الثانوية لاحتضان الشباب واحتواء احتفالاتهم بصورة منظمة ومقننة تحقق الهدف الأسمى من الاحتفال بمناسبة اليوم الوطني. وتتيح للشباب مجال التعبير عن مشاعر الفرح والسرور بهذه المناسبة الوطنية المجيدة ؟.
لماذا لا تقدم في هذه المناسبة برامج مشوقة عروض ومسرحيات ومهرجانات وحفلات غنائية.. يتنفس من خلالها الشباب ويشبع رغباته ويعبر عن فرحه ؟.
لماذا لا تقام مباريات ومنافسات رياضية بهذه المناسبة تحتضن الشباب وتستقطبهم؟.
لماذا لم تنفذ برامج توعوية مبنية على أسس علمية من خلال وسائل الإعلام الجديد ووسائل الإعلام التقليدي لتوعية الشباب بالطرق المثلى للاحتفال الحضاري الواعي بأهم مناسبة وطنية؟.
إن على المؤسسات الحكومية المعنية واجبا حيويا حيال هذا الأمر كما أن على مؤسساتنا الأهلية واجبا، بل إن على كل مواطن كل في موقعه وحسب قدرته واجب المساهمة في تصحيح مسار المشاهد المزعجة التي تتكرر كل عام لتحول مناسبة وطنية هامة إلى متلازمة فوضى.
نريد احتفالات تعكس حضارية الإنسان السعودي.. في بلد الحرمين الشريفين.. نريدها مناسبة لتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ أي صورة للتصنيفات والنظرات العنصرية.. لتكون نظرة كلية شمولية في وطن شمولي واحد.


assaati@gmail.com


للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 147 مسافة ثم الرسالة