أوكار تحت التشييد لإغتصاب البراءة .. وهيروين في «العظم»

أوكار تحت التشييد لإغتصاب البراءة .. وهيروين في «العظم»

عدنان الشبراوي (جدة)تصوير: سعيد الشهري

لا يخلو حي او ربما شارع في جدة من عمارة تحت الانشاء او اخرى مهجورة تركها اصحابها سنوات، لتصبح مسرحاً لجريمة تهتز لها القلوب والابدان او ملاذاً آمناً للمنحرفين والمدمنين وتجار المخدرات وهواة استدراج واغتصاب الصبية والاطفال الصغار. ويدخل ملاك هذه العمائر بعد ذلك في دوامة لا تنتهي من التحقيقات كانوا في غنى عنها لو انهم تابعوا بيوتهم او عهدوا بها الى شركة حراسة او حتى الى من يعنى بها، حتى لا تصبح اوكاراً لضعاف النفوس، او تتحول الى مستودع للنفايات والمخلفات.«عكاظ» دخلت هذه العمائر ليلاً ونهاراً ورصدت ما يحدث بها من انحراف وخرجت منها باكثر من قصة وحكاية.
تنقسم هذه المباني التي تستخدم اوكاراً لضعاف النفوس الى جزءين الاول يشمل مباني يعمل فيها بعض العمال من وقت لآخر، ويمكن لأي شخص دخول المباني في أي وقت مدعياً أي شيء كونها بدون حارس او رقيب. والجزء الثاني مباني مهجورة يطلقون عليها «عظم» وهذه تركها اصحابها اعمدة خرسانية فقط الا من بعض الحجرات ولا يعرف لهذه المباني الفترة التي ستنتهي فيها، حيث يبدو من رؤيتها ان عليها مشكلة او مخالفة او توفى صاحبها او سافر وهاجر او افلس وسجن وغيرها من الاسباب التي جعلتها مهجورة لسنوات. في احدى هذه العمائر، وبينما كانت الشمس في كبد السماء استدرج شاب طفلاً في العاشرة، وكما قال خلال التحقيق معه ادخله العمارة «العظم» في عز الظهر واعتدى عليه معتقداً ان امره لن ينكشف ولكن الطفل كان اذكى منه وحفظ المكان ومعالمه وتشجع واخبر اسرته التي ابلغت الجهات الامنية وتم على الفور القاء القبض على المتهم ومن ثم سجنه.
وفي مبنى آخر القت الدوريات الامنية القبض على لص شاهده الجيران وهو يكسر سيارة داخل الحي وعندما شعر برؤيتهم له اختفى عن الانظار وتم ابلاغ الجهات الامنية التي عثرت عليه في عمارة «عظم» اتخذها اللص مخبأ يلوذ به عقب تنفيذ كل سرقة يرتكبها.
ويعترف احد المدمنين انه كان يشتري المخدرات من احد المروجين داخل عمارة تحت الانشاء بحي البوادي وذلك في موعد محدد بعد منتصف الليل، ولكن اكتشف الامر احد الجيران عندما لاحظ تكرار دخول الاثنين مرتين اسبوعياً وربما ثلاث، فابلغ الجهات الامنية حتى تتبعاتهما وضبطتهما.
واذا كانت هذه المباني تشكل هاجساً مخيفاً للذين يسكنون بجوارها فهي تمثل مصدراً للقلق والازعاج لعمد الاحياء لما يحدث بداخلها من جرائم وسلوكيات منحرفة تسيء الى سمعة الحي والمجتمع ولذا يطالب العمد ومنهم محمود عبدالصمد عمدة محلة الشام واليمن ومنصور عقيل «الصحيفة والكندرة» وعبدالعزيز عمرو «الرويس» وعوض المالكي «بني مالك» بضرورة معاقبة كل صاحب بيت يتركه مهجوراً لمدة طويلة او لم يستكمله بدون سبب او مبرر مقنع مع تحديد مدة محددة لاستئناف تشطيبه او تسكينه والا يلاقي اشد الجزاء الذي يتدرج بالغرامة وحتى سحب رخصة البناء، كما طالبوا المواطنين بالابلاغ الفوري عن أي مخالفة تحدث داخل هذه المباني وذلك لردع المشبوهين والمجرمين وتقليص معدل الجريمة، وفي الوقت نفسه تخليص البيئة من اضرار جسيمة ناتجة عن المخلفات التي بهذه العمائر حيث يتخذها البعض احياناً مستودعاً للمخلفات فضلاً عن لجوء القطط والكلاب والحيوانات الضالة اليها وتصبح الخطورة اكبر وكما يقول محمد الموسى «عقاري» عندما يكون صاحب المبنى خارج المدينة نفسها وليس له مسكن بداخلها حيث تكون المتابعة ضعيفة ويزداد الامر سوءاً اذا كانت تعود ملكية العقار لورثة لا يوجد بينهم أي شخص متفرغ لمتابعة العقار.
ومن واقع خبرته كمقاول يؤكد عبدالله نواف الشمراني تحول بعض العمائر الى اوكار خطيرة ويقول: في احيان كثيرة يختلف صاحب العقار مع المقاول فيتوقف العمل فجأة، فينتهزها ضعاف النفوس فرصة وخاصة تجار ومدمني المخدرات ويعتبرونها ملاذا آمناً والشيء نفسه يحدث ايضاً -ولا يزال الحديث للشمراني- عندما ينتهي المقاول من اعماله ويغلق ابواب ونوافذ العمارة يسلم مفاتيحها لصاحبها الذي ينشغل عنها ولا يتابعها فتتحول لاحقاد ومع مرور سنوات عليها او حتى شهور الى وكر للمجرمين واللصوص.
ويعتقد المهندس احمد الشريف ان اول خطوة لوقاية المجتمع تبدأ من البلدية التي يجب عليها حصر كل هذه المباني ثم تطلب من اصحابها إحكام اغلاقها اذا لم يتم تسكينها قريباً او خلال فترة وجيزة.ومتابعة هذه الاوكار من وجهة نظر اللواء متعب العتيبي مدير الامن الوقائي بشرطة منطقة مكة المكرمة ليست مسؤولية رجال الامن فقط وانما المجتمع وسكان الحي ايضاً فالمواطن يظل حجر الزاوية في الابلاغ عن أي امر او سلوك او مخالفة، حيث لا يمكن تخصيص رجل امن لكل بناية وكل شارع ومع ذلك فان الاجهزة الامنية المختصة ترصد وتتابع هذه العمائر، ويبقى هناك مسؤولية اصحابها الذين يجب ان يأخذوا الحيطة والحذر من استخدام عقاراتهم في حوادث جنائية.