مصير الأموال بعد غسلها

توفيق حسن جوهرجي

أود في هذه العجالة أن أشير إلى رأي الإسلام ــ دين الفطرة ــ في جرائم غسل الأموال (وأعني بذلك غسل الأموال القذرة التي تأتي من موارد يحرمها الدين الحنيف).
يظن بعض الناس أن المال الحرام الذي يأتي من مصدر غير مشروع يتحول إلى مال حلال إذا أدخل في عمل يقره النظام، وأنه بذلك يتحول من مال قذر إلى مال نظيف، وهذا خطأ فادح يقع البعض فيه. لا يصح أبدا إلا الصحيح. إن غسل المال الحرام بهذه الطريقة ــ في رأيي المتواضع ــ يتنافى مع مبادئ الشريعة وأحكامها ولا يتفق مع قواعدها وأصولها. الإسلام يحرم كل كسب يأتي من عمل غير مشروع. ولما كانت الأموال التي تخضع لعمليات الغسل والتبييض تنشأ في الأصل عن أعمال لا يجيزها الإسلام ولكونها نتاج جرائم تعرض فاعلها لأشد العقاب. فإن حكم هذه الأموال المحرمة بعد غسلها كحكمها قبل غسلها. هذا يعني أن من يرتكب جريمة من هذا القبيل يجب عليه أولا أن يتوب وأن يندم على ما فعل وأن يعزم عزما صادقا على عدم العودة إليه. وبعد التوبة والإنابة يجب عليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها. وقد أفاض العلماء في شرح كيفية رد الحقوق إلى أصحابها. فالمال الحرام المكتسب عن طريق السرقة والغصب يجب رده إلى أصحابه أو إلى ورثتهم إذا كان أصحابه قد فارقوا هذه الدنيا. فإن لم يعرف أصحابه أو ورثتهم تصدق به عنهم. فإذا تعذر عليه ذلك يجب عليه أن ينفق هذا المال في ماينفع المسلمين وخاصة فقراء المسلمين. وكذلك الحال بالنسبة للأموال المكتسبة من أعمال محرمة مثل: ممارسة الرذيلة، وبيع الخمور والمخدرات، وما ماثل ذلك من أعمال إذ يجب إنفاقها فيما ينفع المجتمعات الفقيرة. وماأكثر المشروعات التي يمكن تنفيذها لتدريب العاطلين عن العمل وتأهيلهم للعمل في مهن شريفة تفيد البلاد والعباد، وتمهد الطريق للشباب الباحثين عن عمل، وتساعدهم على أداء دورهم في تنمية المجتمع بإنشاء مشروعات صغيرة تنمو تدريجيا، وتدر على أصحابها دخلا حلالا، ويصرفهم العمل الحلال عن التسكع في الطرقات، ويحميهم من الوقوع في فخاخ المخدرات والموبقات.