شبكشي وزوجته تأقلما سريعاً مع حياة السفير

يتنافسان «مين يحب الثاني اكثر» .. ويوافقها على ان الزوجة السعودية اسيرة حرب بنصف هوية

شبكشي وزوجته تأقلما سريعاً مع حياة السفير

حاوره : عثمان عبده هاشم«3 »

بالامس عشنا مع الدكتور اسامة شبكشي حياته الجديدة «القديمة» في المانيا سفيراً لخادم الحرمين الشريفين، وكشف لنا وزير الصحة السابق سر قدراته على التكيف مع أي منصب او محطة عملية يتوقف عندها لتحقيق احلامه وطموحاته المشروعة واشباع رغبته في العطاء المستمر.. وبلا حدود . وبنظرته الثاقبة للامور وبحكم قربه من صانع القرار وعمله كمستشار لخادم الحرمين الشريفين ادرك ان المرء يتم تقييمه بشخصيته واحترامه لنفسه وقدرته على تحمل المسؤولية واعبائها وهو ما جعله يحظى بثقة دائمة من اولي الامر والمسؤولين الذين عرفوه جاداً مخلصاً ومعطاءً منذ ان كان عميداً لكلية الطب ثم مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز.. ولم ينس الدكتور شبكشي ان يروي جانباً من صفحات ذكرياته وطفولته وحمله لصاج العجين في حارة المظلوم حتى مغادرته الى المانيا لاكمال تعليمه.. واليوم تكشف زوجته وشريكة دربه د. هيفاء اليافي الاستشارية الاجتماعية والكاتبة الصحفية «الخلطة السرية» لهذا النجاح العلمي والعملي للرجل الذي ارتبطت به منذ ان كان طالباً في الطب واعتبرته المسؤولية الاكبر في حياتها. وبكل هذا الحب الذي لازمهما كزوجين حرص الدكتور اسامة على ان يترك لشريكته حرية الرأي واتخاذ القرار في اشارة داعمة للمرأة ومساندتها كي تقوم بدورها في خدمة الوطن.. وقد وضح ذلك جلياً عندما سألناه بالامس.. كيف تنظر لرأي د. هيفاء القائلة بان الزوجة السعودية ما زالت تعيش بنصف هوية وبعض الرجال يعاملونها كأسيرة حرب؟ فلم يقدم نفياً ولم يتهرب بدبلوماسية او يدفع برأي آخر يوازن ان لم يسر في عكس الاتجاه مثلما يفعل البعض ولكنه احترم رأيها..


وقال بالحرف الواحد «ما بلورته رفيقة دربي جاء من خبرتها الاجتماعية وما سمعته من الكثير من السيدات السعوديات واستناداً الى دراساتها التخصصية.. ولقد حباها الله بعد نظر وقوة تأمل ومقارنة مكانتها من بلورة آرائها الصائبة».
ولم يأت هذا الاحترام وتلك الشهادة من رجل بقامة د. شبكشي من فراغ.. فالرفيقة ليست سيدة عادية بل تحمل فكراً وثقافة واسعة اهلتها لان تسكن في قلب زوجها وتسافر الى قلوب البشر بهمسات غير مسموعة ككاتبة صحفية ومستشارة اجتماعية تؤمن بان المرأة قادرة على التعاطي مع كافة انواع البروتوكولات وعلى ادارة دفة العمل وانجازه تحت أي ظروف مناخية او اجتماعية او اقتصادية.. حتى ولو كانت خارج وطنها زوجة دبلوماسي ضيفة اكثر منها صاحبة دار.
ومثلما يقولون ان وراء كل عظيم امرأة لا تبخس د. هيفاء الرجل حقه وتقول: «وراء كل امرأة ناجحة رجل يرعاها ويحبها ويساندها وتجده دوماً الى جانبها في وقت الشدة قبل الرخاء» فهناك رجال تتمنى المرأة تقبيل التراب الذي يمشون عليه.. وكما تعتبر د. هيفاء الحياة الزوجية شراكة انسانية رأسمالها الحب والاحترام والتضحية تعترف بانها لا تستطيع منافسة زوجها الا في الحب او كما قالت «التنافس الوحيد بيننا مين يحب الثاني اكثر».
شخصية بهذه الصفات كان من الطبيعي ان تتأثر وتؤثر في مسيرة وحياة الدكتور شبكشي، فكلما كانت المرأة اكثر وعياً وتنظيما لاوقات العمل الوظيفي والاسري كانت اكثر قدرة على تحقيق ذاتها واكثر حفاظاً على استمرار نجاح زوجها وابنائها وقد اكدت ذلك د. هيفاء التي تهرب الى واحة الاحلام لتفادي مطارق الحياة الأليمة، وتسعى لإنقاذ ما تبقى من مشاعر انسانية واقعية وتحاول ان تمتص صواعق الواقع والعالم المخيف، دون ان تقف مكتوفة الايدي تنظر الى نزف الجراح.
* سألتها.. ايهما حملك مسؤولية اكبر، معالي الوزير ام معالي السفير؟
- لا هذا.. ولا ذاك.. ولكن مسؤوليتي الاكبر هي اسامة شبكشي!
* كيف تتعاملين الآن مع الحياة الدبلوماسية بصفتك زوجة معالي السفير؟
- تربينا وترعرعنا بين احضان اسرة فطرتها الاخلاق والمثاليات.. وحضارتها الدبلوماسية والاحترام وحسن التعامل.
فكان من الطبيعي ان اتأقلم سريعاً مع الحياة الدبلوماسية التي استحدثتها ظروف حياتنا.. فالدبلوماسية لقب له رنين وهيبة.. والحقيقة انه حسن تعامل وذكاء في تقبل آراء الآخرين والتعلم منهم بحذر وفطنة.. وبالتالي تعريفهم بالصورة اللائقة التي يعيشها مجتمعنا.. كما ان المواهب الشخصية التي تأثرت واثرت في البيئة التي عاشت وسطها والمكتسبات الثقافية الهامة.. تضفي على سلوكيات الدبلوماسي بريقاً اكبر..
بروتوكول مختلف
* هل تغير البروتوكول بالنسبة لزوجة السفير عن زوجة الوزير؟
- هناك اختلافات طفيفة في البروتوكول داخل الوطن عنه في الخارج.. فالاحتكاك بالشعوب والثقافات المختلفة يفرض عليك تقبل جميع المستجدات بصورة دبلوماسية وبروتوكول اشد حذراً واتقاناً.
فزوجة الوزير تعيش داخل وطنها بنفس العادات والتقاليد التي نشأت عليها.. وخارج الوطن تكون ضيفة اكثر منها صاحبة دار وهناك فرق.. ولكنه ليس جوهرياً او صعباً.
المناخ الاسري اللائق اولاً
* ما هو دوركم كزوجة سفير؟ وهل هناك مهام تضطلعين بها في هذا الاطار؟
- دوري كزوجة سفير لا يختلف عن مهام أية زوجة.. واجبها الاول تأمين الراحة والمناخ الاسري اللائق بالزوج.
اضافة الى ذلك على زوجة السفير مشاركته في الكثير من المناسبات الاجتماعية.. البروتوكولية التي تخلق نوعاً من التآلف والتقارب بين الشعوب.. وتوطيد العلاقات بينهم.. فلا يكاد يمر يوم دون ان نشارك في مناسبات وطنية او استقبال شخصيات من الدول المختلفة خاصة البلد المضيف.. بالاضافة الى الندوات العلمية والثقافية التي تلقي الضوء على نشاطات الدول وحضارتها.
* دعينا نعود للبداية.. اين ولدت ودرست وتربيت؟
- ولدت في جدة ودرست الابتدائية والمتوسطة في القاهرة ثم عدت الى الوطن لاكمل دراستي الثانوية ثم تزوجت ورافقت زوجي الى المانيا حيث كان يدرس الطب وبدأت دراستي هناك معه وانهيتها ايضاً في المملكة.. ثم حصلت على مؤهلاتي العليا من بريطانيا.
كنت اعيش في القاهرة في منزل عم والدتي- رحمهما الله- العم عبدالمجيد شبكشي والد زوجي كما ان والدته هي خالة والدتي ايضاً وهكذا عشت معهم منذ ان كان عمري 7 سنوات حتى الثالثة عشرة.
وعدت اليهم بعد 3 سنوات لاعيش مع ابنهم كزوجة يعرفونها تماماً وترعرعت على يديهم كما يقولون لي دائماً بحب ومودة.
احلامي عظيمة
* ماذا كانت تطمح الدكتورة هيفاء في صغرها وهل حققت احلامها؟
- كنت صغيرة.. وكانت احلامي صغيرة ولكنها عظيمة..
كنت احلم بأسرة واطفال.. احسن تربيتهم.. وزوج ادفعه للامام وامنعه من الفشل او التراجع.. وقد تحققت تلك الاحلام الرائعة.
* الحياة الزوجية ماذا تعني لـ «هيفاء»؟
- الحياة الزوجية هي شركة انسانية رأسمالها الحب والاحترام والتضحية.
* كيف ترى «هيفاء» الكتابة الصحفية ومن شجعها على ذلك؟
- الكتابة الصحفية اعتبرها نعمة من نعم الله عز وجل لانها النافذة التي تصلنا بمن حولنا دون ان نعرفه وتجعلنا ننقل كلماتنا وافكارنا الطيبة اليهم كي يستفيدوا منها.. ان اعجبتهم او يتركوها ان لم ترقهم.
فكم من البشر يتمنى ان يجد من يسمعه ويحاوره ويشيره ويستشيره في كثير من مجريات الامور في هذه الحياة.
والكتابة الصحفية حققت لي هذه الامنية التي لاتحتاج لغير ورقة وقلم وكلمة صادقة من القلب.. تسافر كي تستقر في قلوب البشر.
واذكر انني كنت اتابع اعمال العم عبدالمجيد- يرحمه الله- «والد زوجي» حين كان رئيس تحرير جريدة البلاد وتمنيت ان اكون مثله وبالفعل فقد بدأت الكتابة في جريدته في ركن الاطفال منذ الصغر واسميت الزاوية «براعم الجزيرة» وما زالت بعض تلك الاعداد لدي اطالعها واتذكر كلماتي البسيطة المغلفة بطموح الطفولة.
* قيل انها كانت تنافس زوجها «د. اسامة شبكشي» عندما فتحت عيادة خاصة للاستشارات الاجتماعية.. فما صحة ذلك؟
- لا تنافس بيننا غير شيء واحد سأذكره في نهاية الاجابة.. وهذه المقولة لا اساس لها من الصحة.. فتخصص زوجي يختلف تماماً عن تخصصي كما انني بدأت العيادة بعدما انتهى منها باعوام منذ ان اصبح وزيراً للصحة..
وكنت اتمنى حقاً ان اعمل معه.. فعملي من العوامل المساعدة التي تخفف من آلام الجسد في كثير من الاحيان وكنت اتخيل اننا سنصبح فريقاً مبدعاً.. ناجحاً لو تم التعاون بين عيادتينا..
ولكن التنافس الوحيد الذي بيننا هو «مين يحب الثاني اكثر».
ساكن في قلبي
* مر معالي الدكتور اسامة شبكشي بعدة محطات في الجامعة فوزارة الصحة ثم وزارة الخارجية.. فأي المحطات اقرب الى نفس «هيفاء»؟
- هذا صحيح معالي الدكتور مر بمحطات ومناصب كثيرة..
ولكن اسامة الحبيب الغالي.. قد مر على جميع محطات قلبي فسكن فيها وهذه المحطة الوحيدة التي احبها.. وجوده في قلبي ومعي.
* كيف ترين الفرق بين الحياة الجامعية والمهنية والدبلوماسية؟
- فرق كبير بالطبع بين الحياة الجامعية والمهنية بما فيها الدبلوماسية.. فالحياة الجامعية.. هي فترة الزراعة ان جاز التعبير.. نغرس فيها بذور شبابنا وجهدنا وكفاحنا.. ننهل فيها العلم والمعرفة كي نطبقه على مستقبلنا المنسوج بمعاناة التحصيل وعرق الهدف النبيل.. هنا الحياة اجمل باحلامها وطموحاتها وانطلاقتها العنفوانية.. وحين نمتهن حياة العمل نبدأ في حصاد ما زرعناه ان خيراً طرح.. وان كان غير ذلك فالنتيجة معروفة..
وظائف المرأة
* كنت رئيسة قسم الترشيح والدراسات الميدانية بوزارة الخدمة الاجتماعية لمدة عشرين عاماً.. ماذا كانت طبيعة عملك؟
- بدأت حياتي الوظيفية قبل حوالى عشرين عاماً بوزارة الخدمة المدنية حيث باشرت اعمال التوظيف والترشيح والدراسات الميدانية.. وكنت أول من قام بهذا العمل في فرع جدة النسائي.. حيث كنت أذهب الى الادارات الحكومية المختلفة لدراسة اوضاعها وامكانية توظيف المرأة السعودية دون الإخلال بالعقيدة والعادات والتقاليد التي تحفظ لها انسانيتها وعفافها.
وأحمد الله انني استطعت تقديم اول دراسة مكتملة عن امكانية عمل المرأة في القطاع الصحي بوزارة الصحة.. ولا اقصد طبيبة أو ممرضة.. فهاتان الوظيفتان كانتا موجودتين منذ زمن طويل وإنما فتحت المجالات للأعمال الادارية والاجتماعية والمحاسبة وأعمال المختبرات والتغذية..
وهكذا طبقنا الدراسة على عدة اماكن اخرى مثل الجوازات والأمن.
اما عن عملي داخل المكتب فكان استقبال المتقدمات للوظيفة من الخريجات بمختلف التخصصات وايجاد الوظيفة الملائمة لتخصصهن حسب المتاح لدينا من الوظائف المرسلة من الجهات المختلفة.. أي وضع الشخص المناسب في الوظيفة المناسبة.. وبالطبع تدرج قوائم المتقدمات وعادة ما تكون اكثر من عدد الوظائف المتاحة ويتم التفاضل بينهن حسب اجراءات معتمدة من الوزارة..
وفي نهاية كل عام يتم ترشيح اعداد كبيرة جداً اغلبهن من المعلمات للمدارس المختلفة في مختلف المدن والقرى والهجر التابعة لمنطقتنا.