السرقة الأدبية في عصر الإنترنت

رؤى صبري

كثيرون منا لا يعلمون بما يسمى السرقة الأدبية أو ما يعرف بـ(Plagiarism) وهي باختصار عبارة عن نسب أي نوع من الكتابة لغير كاتبها، أما بالنسبة للمجتمعات الغربية فهي تمتد لسرقة الفكرة أيضا وليس النص فحسب.
وعلى عكس ما يظن كثيرون فإن السرقة الأدبية منتشرة وبشدة، تبدأ مع طلاب المدارس الذين كانوا يستعرضون الصحف والمجلات وفي الوقت الراهن الإنترنت لسرقة بعض واجبات المواد العربية وغيرها من المواد العلمية، وتنتهي بسرقة أدبية كبيرة كسرقة الروايات والقصص والنصوص الشعرية وربما البحوث والدراسات.
والواقع أن مشكلة السرقة الأدبية تفاقمت اليوم خصوصاً مع وجود الشبكة العنكبوتية الكبيرة وكل ما تعرضه من خيارات لدرجة يحتار معها اللص!!! فلا يعرف ماذا يترك لكنه في النهاية يختار الأفضل ويغير حروفا معدودة هي حروف اسم الكاتب بل إن هناك من يسرقون عبارات أدبية شهيرة ويضعونها تحت اسمهم في «توتير» أو «فيس بوك» دون أن يذكروا اسم الكاتب في آخر العبارة كما تشترط الأمانة الأدبية وبالتالي يظن أغلب الناس أنه الكاتب ولو بحثوا عن العبارة عند «عمو» «جوجل» لقال لهم الكثيييير!
وفي أحيان كثيرة نجد أن مشكلة السرقة الأدبية تمتد إلى حقوق المؤلف والناشر، والواقع أن كثيراً من الناس لا يعرفون معنى كلمة (حقوق النشر محفوظة) وكثيرون أيضاً لا يعرفون أن تصوير الكتب تعتبر سرقة، وإخلالا بحقوق الناشر وفي الغرب تعتبر جريمة يعاقب عليها القانون.
بل إن كثيرا من دول العالم المتحضرة تعتبر مجرد سرقة الفكرة جريمة يعاقب عليها القانون على عكس ما هو سائد في وطننا العربي، فلو نظرنا لهذه الإشكالية من وجهة نظر العدالة لوجدنا أن السرقة سرقة سواء كانت مادية أو غير مادية وما ينتج من أضرار عن السرقة الأدبية توازي ضرر السرقة المادية بل تفوقها بشاعة كونها تمتد إلى ملكية فكرية، فلماذا نحقر منها أو نقلل من شأنها، ألا يتضرر المؤلف حيت يرى اسم شخص ما يتصدر فكرته التي نتجت من بنات أفكاره؟ ألا يؤثر ذلك على إنتاجيته وتمكنه؟ ثم ألا يعتبر من قمة الظلم أن يرى من يستولي على ملكتيه؟ نعم ملكية ولذلك اعتبرت سرقة، إنها الاستيلاء على حقوق الغير بدون وجه حق، وهذا ما يجب أن يفهمه الناس، فكثيرون يقولون إنه مجرد كلام وكثيرون لا يعتبرون أن سرقة الكلام تدخل في مفهوم السرقة.
ولو أخذنا الأمر من منطلق ديني بحت فكيف يقوم شخص ما بسرقة عبارات أو غيرها، أين الأخلاق ؟ وكل ما حثنا عليه الدين ألا يكفينا الدقة التي كانت تروى بها الأحاديث؟ وكيف كان كل حديث ينسب إلى راويه بكل دقة؟ لماذا لم يتفكر الناس بأن في ذلك رسالة ما؟ يحملها ديننا على أهمية الأمانة والحفاظ على الكلمة.
وختاما أقول إن السرقة تظل سرقة، مهما كان شكلها أو لونها، وعلينا أن لا ننسى أن هناك كلمات وعبارات لكثير من الأدباء والمفكرين عاشت بعدما رحلوا وظل الناس يتناقلونها عبر العصور، وما كانت لتعيش وتصل إلينا لولا أن هناك من حافظ عليها ولم يسرقها.