ما قل ودل في «العرض الأقل»

رؤى صبري

حوادث انهيار المشاريع تحت الإنشاء أو تلك المنجزة والتي لم تصمد طويلا خلال عمرها الافتراضي، بل وتسقط عند أول اختبار لن تنتهي.
قد يسأل أحدنا لماذا تنهار تلك المشاريع بهذه الطريقة ؟ وهو سؤال وجيه، وجوابه أن المشاريع التي انهارت لم يتم فيها اتباع الإجراءات الصحيحة عند طرح المشاريع في مناقصات عامة تلتزم بالخطوات اللازمة لترسية المشاريع على المقاول المتقدم بالعرض الأفضل، وليس الأقل، أيضا، لأنه لابد من عدم السماح لأي متقدم بعرضه ما لم يكن مؤهلا ماليا، فنيا، إداريا وتنفيذيا لذلك، لأن معرفة تلك الجوانب من شأنه التسهيل على الجهة المعنية بتحليل العروض وبالتالي اختيار الأفضل منها، وليس الأقل سعرا، حيث إن البعض يقوم بتقديم عرض أقل وهو لا يمتلك القدرات الكافية لإنجاز المشروع بالمواصفات المطلوبة، والزمن المحدد، وبالتالي يقوم ببيعها في حالة ترسية المشروع عليه لمقاول آخر من الباطن، وهذا يؤدي إلى ما نراه اليوم من فشل لأكثر من مشروع في أكثر من منطقة.
وبالطبع هذا لا يعني أن أقل العروض دائما يكون فيه جانب سلبي، بل إن ذلك يظهر بوضوح عندما لا يتم التحليل الدقيق للعرض المقدم، لأن إغراءات العرض الأقل يجب أن لا تنسينا المشاكل المحتملة في حالة كان المتقدم به غير مؤهل للتنفيذ بما يكفي وعندها نعض أصابع الندم عندما يتوقف المشروع أو يتم سحبه وتسليمه لمقاول آخر مما يعني خسائر مضاعفة وتأخير في مدة التنفيذ وبالتالي أضرار منظورة وغير منظورة قد تطال المستفيدين من المشروع .
وبناء على ما تقدم أرى أن تقوم الجهات المعنية الراغبة في إنزال إعلانات في الصحف لمناقصات تنفيذ المشاريع بإضافة جملة على سبيل المثال (والوزارة غير ملزمة بأقل الأسعار).
ونحن عندما نطالب بهذا الأمر فإننا ندرك عواقب تسليم المشاريع الحكومية لمقاولين غير مؤهلين بكل ما تعنيه الكلمة، ويأتي على رأس تلك العواقب هدر المال العام في مشاريع غير ذات جدوى وبجودة أقل تنتهي وتتلاشى بعد أشهر وربما سنوات قليلة، هذا إذا لم تتوقف عن التنفيذ في وسط المدة المحددة للإنجاز أو انهيارها على رؤوس العاملين في تنفيذها.
وأخيرا يجب على الجهات المعنية التدقيق ثم التدقيق عند استلام المشاريع من المقاول، وتحميل لجنة استلام المشاريع عواقب أي قصور أو عيوب إنشائية قد تظهر في تنفيذها مستقبلا.