أمريكا ترقص على النغم الإيراني النشاز
الخميس / 25 / محرم / 1435 هـ الخميس 28 نوفمبر 2013 19:39
د. رامي الخليفة العلي
نغم إيراني نشاز انتشر في الشرق العربي، صاحبه الرقص فوق جثث الضحايا وصيحات الأطفال من الأنبار إلى تلبيسة. نغم نشاز لم ولن تألفه الأذن العربية. كان الكثير منا يشكك عندما كان يصيح البعض بأن الاحتلال الإيراني سيكون أسوأ بمراحل من أي احتلال غربي، كان البعض يهزأ وربما يسخر من هذا المنطق، ولكن بعد مرور أكثر من ثلاثين شهرا من الثورة السورية كتبت إيران بمداد الدم تاريخا لن ينساه العرب أبدا. محملة بكل أعباء الأحقاد التاريخية والعقد العرقية تخوض طهران حربها المقدسة ضد الأطفال والنساء وتدك هي وأذنابها القرى والبلدات، لا تأخذها في دم الشعوب إلا ولا ذمة.
هل تتغير الأفعى عندما تغير جلدها، هل تكف عن غدرها ولسعتها القاتلة عندما تنزع جلدها المخشوشن لتظهر جلدا ناعما. هل من عاقل يتخيل أن حسن روحاني سيغير استراتيجيات رسمها علي خامنئي وملاليه. ألم يدرك البعض أن خامنئي هو من يرسم السياسة الخارجية واستراتيجيات الغزو والهيمنة وأن الرئيس ليس أكثر من مجرد واجهة، سواء كان صقرا أو حمامة أو حتى غراب ينعق. ولكن يبدو أن الغرب لم يتعلم من الدرس وها هو يمد يده إلى الجحر مرة أخرى. عندما وصل محمد خاتمي إلى سدة الرئاسة سارع الغرب إلى مد السجاد الأحمر واستقبلته العواصم الغربية بالأحضان والقبل، ولكن ما هي إلا هنيهة حتى اكتشف هذا الغرب أن الرجل لا يملك من الأمر شيئا، ولم يتغير أي شيء في أي ملف. وها هو الغرب يعيد مد السجاد الأحمر أمام روحاني وكأنه لم يقرأ قول أحدهم (التاريخ لا يعيد نفسه، فإن عاد، ففي المرة الأولى مهزلة وفي الثانية مأساة). في التفاتة سريعة إلى ثلاثة عقود مرت، حيث المظاهرات التي تصف الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر، وحديث يعلو حينا ويخفت حينا في أروقة البيت الأبيض عن اقتراب ضربات عسكرية وشيكة على طهران. ولكن في المحصلة بات المرء يتمنى أن يحظى بعداء الولايات المتحدة، شريطة أن يكون من نمط عدائها لإيران. فبعد فضيحة إيران غيت، حيث ورَّدت الولايات المتحدة وإسرائيل أسلحة إلى نظام الملالي أثناء حربه مع العراق، قامت الولايات المتحدة بعد عقدين بتقديم العراق على طبق من ذهب إلى إيران وأوصلت أذنابها إلى سدة الحكم في بلاد الرافدين، وقبل أن تخرج لم تترك سلاحا إلا واستخدمته في محاربة أولئك الذين لا يرضون بالهيمنة الإيرانية. في لبنان ومبكرا ألزمته الولايات المتحدة إلى حافظ الأسد حليف النظام الإيراني في دمشق، والذي استمرت سيطرته لأكثر من عقدين من الزمن، ولكي ينتج زواج السفاح بين النظامين السوري والإيراني نسخة منهما على هيئة حزب الله، وها هو الحزب يفرض سيطرته على الوطن الصغير، يقرر الحرب كما يقرر السلم، يقدم طائفة ويغضب على أخرى، فهنيئا للولايات المتحدة بهذه النتيجة. وعندما انتفض الشعب السوري لكرامته وراح يطالب بحريته، وراحت إيران تدعم تابعها وذيلها في دمشق بالمال والسلاح والرجال، منعت الولايات المتحدة عن المعارضة السورية أبسط حقوقها وهو حق الدفاع عن النفس، تحت حجة واهية وهي منع وصول السلاح إلى الأيدي الخطأ، ولكنها في الحقيقة هي التي قوت شوكة المتطرفين وأضعفت كل المجموعات المعتدلة. ومع مجيء روحاني أهداه نظام الأسد ضربة كيميائية استهدفت النساء والأطفال، ليهنأ النظامان بحروبهما المقدسة. أرعدت الولايات المتحدة وأزبدت واهتز الجبل فولد فأرا ميتا.
ما كان نجوى ليل بين الشيطان الأكبر ونظام الممانعة، أصبح غزلا فاضحا فوق الطاولة وعلى رؤوس الأشهاد. فتحول الشيطان الأكبر في شوارع طهران إلى شيطان أصغر وربما في قادم الأيام إلى ملاك أكبر، وأصبحت إيران التي كانت جزءا من الأزمة السورية، ضيفا مرحبا به على طاولة جنيف 2، وما كان مستحيلا في الملف النووي منذ العام 1984 أصبح ممكنا ومرجحا. وتفجرت بركات الشيخ روحاني حتى أوقفت معاقبة النظام السوري وأعادت الحرارة إلى الخط الهاتفي بين واشنطن وطهران، وأنتجت اتفاق جنيف حول المشروع النووي الإيراني.
تخطئ إيران وتخطئ ذيولها، بل ويخطئ الغرب، إذا اعتقدوا أن القصة انتهت هنا، هناك نصف آخر من القصة لم يكتب منه إلا الجزء اليسير. جزء تكتبه الشعوب العربية من صعدة إلى المنامة ومن بغداد إلى دمشق وبيروت. جزء تكتبه الشعوب بدماء أبنائها وبناتها، أطفالها ورجالها ونسائها، جزء يرفض الضيم ويأبى الهيمنة ويدفع الغالي والنفيس لاستعادة حريته. وحسنا فعل الأمير سعود الفيصل عندما أعطى التوصيف الدقيق للوجود الإيراني في المنطقة على أنه احتلال يريد السيطرة والهيمنة على المنطقة بالحديد والنار. الكرة في ملعب الشعوب وها هي تهب للدفاع عن وجودها وهويتها، عن حاضرها ومستقبلها. فهذه الأرض عربية والنغم الفارسي شاذ وطارئ ولن يعلو فيها إلا النغم العربي إن شاء الله.
هل تتغير الأفعى عندما تغير جلدها، هل تكف عن غدرها ولسعتها القاتلة عندما تنزع جلدها المخشوشن لتظهر جلدا ناعما. هل من عاقل يتخيل أن حسن روحاني سيغير استراتيجيات رسمها علي خامنئي وملاليه. ألم يدرك البعض أن خامنئي هو من يرسم السياسة الخارجية واستراتيجيات الغزو والهيمنة وأن الرئيس ليس أكثر من مجرد واجهة، سواء كان صقرا أو حمامة أو حتى غراب ينعق. ولكن يبدو أن الغرب لم يتعلم من الدرس وها هو يمد يده إلى الجحر مرة أخرى. عندما وصل محمد خاتمي إلى سدة الرئاسة سارع الغرب إلى مد السجاد الأحمر واستقبلته العواصم الغربية بالأحضان والقبل، ولكن ما هي إلا هنيهة حتى اكتشف هذا الغرب أن الرجل لا يملك من الأمر شيئا، ولم يتغير أي شيء في أي ملف. وها هو الغرب يعيد مد السجاد الأحمر أمام روحاني وكأنه لم يقرأ قول أحدهم (التاريخ لا يعيد نفسه، فإن عاد، ففي المرة الأولى مهزلة وفي الثانية مأساة). في التفاتة سريعة إلى ثلاثة عقود مرت، حيث المظاهرات التي تصف الولايات المتحدة بالشيطان الأكبر، وحديث يعلو حينا ويخفت حينا في أروقة البيت الأبيض عن اقتراب ضربات عسكرية وشيكة على طهران. ولكن في المحصلة بات المرء يتمنى أن يحظى بعداء الولايات المتحدة، شريطة أن يكون من نمط عدائها لإيران. فبعد فضيحة إيران غيت، حيث ورَّدت الولايات المتحدة وإسرائيل أسلحة إلى نظام الملالي أثناء حربه مع العراق، قامت الولايات المتحدة بعد عقدين بتقديم العراق على طبق من ذهب إلى إيران وأوصلت أذنابها إلى سدة الحكم في بلاد الرافدين، وقبل أن تخرج لم تترك سلاحا إلا واستخدمته في محاربة أولئك الذين لا يرضون بالهيمنة الإيرانية. في لبنان ومبكرا ألزمته الولايات المتحدة إلى حافظ الأسد حليف النظام الإيراني في دمشق، والذي استمرت سيطرته لأكثر من عقدين من الزمن، ولكي ينتج زواج السفاح بين النظامين السوري والإيراني نسخة منهما على هيئة حزب الله، وها هو الحزب يفرض سيطرته على الوطن الصغير، يقرر الحرب كما يقرر السلم، يقدم طائفة ويغضب على أخرى، فهنيئا للولايات المتحدة بهذه النتيجة. وعندما انتفض الشعب السوري لكرامته وراح يطالب بحريته، وراحت إيران تدعم تابعها وذيلها في دمشق بالمال والسلاح والرجال، منعت الولايات المتحدة عن المعارضة السورية أبسط حقوقها وهو حق الدفاع عن النفس، تحت حجة واهية وهي منع وصول السلاح إلى الأيدي الخطأ، ولكنها في الحقيقة هي التي قوت شوكة المتطرفين وأضعفت كل المجموعات المعتدلة. ومع مجيء روحاني أهداه نظام الأسد ضربة كيميائية استهدفت النساء والأطفال، ليهنأ النظامان بحروبهما المقدسة. أرعدت الولايات المتحدة وأزبدت واهتز الجبل فولد فأرا ميتا.
ما كان نجوى ليل بين الشيطان الأكبر ونظام الممانعة، أصبح غزلا فاضحا فوق الطاولة وعلى رؤوس الأشهاد. فتحول الشيطان الأكبر في شوارع طهران إلى شيطان أصغر وربما في قادم الأيام إلى ملاك أكبر، وأصبحت إيران التي كانت جزءا من الأزمة السورية، ضيفا مرحبا به على طاولة جنيف 2، وما كان مستحيلا في الملف النووي منذ العام 1984 أصبح ممكنا ومرجحا. وتفجرت بركات الشيخ روحاني حتى أوقفت معاقبة النظام السوري وأعادت الحرارة إلى الخط الهاتفي بين واشنطن وطهران، وأنتجت اتفاق جنيف حول المشروع النووي الإيراني.
تخطئ إيران وتخطئ ذيولها، بل ويخطئ الغرب، إذا اعتقدوا أن القصة انتهت هنا، هناك نصف آخر من القصة لم يكتب منه إلا الجزء اليسير. جزء تكتبه الشعوب العربية من صعدة إلى المنامة ومن بغداد إلى دمشق وبيروت. جزء تكتبه الشعوب بدماء أبنائها وبناتها، أطفالها ورجالها ونسائها، جزء يرفض الضيم ويأبى الهيمنة ويدفع الغالي والنفيس لاستعادة حريته. وحسنا فعل الأمير سعود الفيصل عندما أعطى التوصيف الدقيق للوجود الإيراني في المنطقة على أنه احتلال يريد السيطرة والهيمنة على المنطقة بالحديد والنار. الكرة في ملعب الشعوب وها هي تهب للدفاع عن وجودها وهويتها، عن حاضرها ومستقبلها. فهذه الأرض عربية والنغم الفارسي شاذ وطارئ ولن يعلو فيها إلا النغم العربي إن شاء الله.