لبنان بلاد العجائب

محمد حسن أبوداود

هنالك تقريـبا 193 دولة أعضاء في الأمـم المتحدة طبعا منهم جـزر بحجم محافظة في المملكة العربية السعودية ومنهم دول أكبر منا حجما . وكما في الحجم هنالك أهمية جيو بوليتيكيه مثـل جبـل طارق أو مصر أو اليمـن وأهمية استراتيجية مثـل السعودية والصين وروسيا وأهمية عسكرية وسياسية مثـل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأهمية أشبه بالعصابات مثـل إسرائيل ومالية مثـل قطر والإمارات وأبو ظبي تحديدا. لكن لبنان ليست أيا من هذه الدول، وبعده الاستراتيجي هو موقعه بين إسرائيل وسوريا وميدان لأكبر خليط اثني وديني في المنطقة. ولبنان هي قريبة في حجمها من محافظة جدة وسكانها مثـلها تقريبا وإن كان عدد سكانها خارجها أكثر من المقيمين فيها. اقتصادها يعتمد على المغتربين وتحويـلاتهم، وهم في كل القارات ومن أنجح الشعوب في أعمالهم وأكثرهم ذوقا وإبداعا وأولهم إيلي صعب وزهير مراد وإيلي حبيقة وداني أطرش وتوني ورد ، هزموا الفرنسيين ملوك التصميم والتطريـز في العالم وفي كل مجال من إدارة الأموال والمقاولات والفن، إنه شعب عجيب وجميل وخفيف الظل. حتى في الكلام يتغنجون باللغة فتكون أقل وقعا من جفاف غيرهم من العرب وخاصة شمال أفريقيا واليمن وحتى الخليج وإن كنت مغرما بجمال لغات أهل الخليج وخاصة لغات مناطقنا المختلفة. اختلطوا بالفرنسيين فتخصصوا في علوم الثقافة والإعلام والأدب ووصلوا للعالمية وجبران خليل جبران وشعراء لبنان الأشهر وإن حظي نجيب محفوظ بنوبل ولكن جبران أشهـر ولا يعاتبني إخواننا من مصر.
لبنان مزعج سياسيا لكل العالم فخاض حروبا أهلية كثيرة وهربت منه أمريكا وفرنسا وخرجت منه منظمة التحريـر الفلسطينية وإسرائيل وسوريا وإن كانت نشاطاتـهـم واضحة على الأرض مثـل إيـران وسوريا عبر حزب اللـه.. تعقيدات الهيكل السياسي الديموقراطى الأكثر في العالم العربي معقد جدا ولا يفهمه حتى اللبنانيون أنفسهم. لبنان بـلا حكومة وهي ليست أول مرة في تاريخها. هي الدولة الوحيدة التي كان فيها رئيسا جمهورية في نفس الوقت عام 1988 عسكرية ومدنية. والآن لم يتمكن رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة لاختلاف الأطراف ومضت ثمانية عشر شهرا. إنها تعقيدات لبنان الأزلية.
أسعار العقار في لبنان مرتفعة واقتصادها يعمل بكفاءة وإن تقلصت مبيعات العقار للأجانب والميزان التجاري الصناعي القريـب من خمسة عشر مليار دولار سنويا.
مازال الشعب اللبناني يعاني وخاصة الأقليات. هنالك أموال تدخل لبنان وهنالك من ينفق بسخاء على الحلفاء السياسيين فيه لأغراض تخدم دولا منحرفة سياسيا ودينيا ومتطرفة. هذا السبب الأساسي في مشكلات لبنان، بينما دول الخليج تدعم السلام في لبنان وتدعم الأعمال الخيرية وتدعم العملة والبنك المركزي، وهذا يفيد كل اللبنانيين بكل أديانهم واثنياتهم بدون تمييز. وتحتضن مليون لبناني في دول الخليج وبعضهم تصاهر معهم وصار منهم. هنا الفرق نحن نخدم الإنسانية وغيرنا مغرضون وانتهازيون. كان اللـه في عون لبنان ونصر لبنان وشعب لبنان الطيب من المؤامرات..
قول مأثور لتشرشل: لا يوجد شيء أسوأ على موضوع معين من اتخاذ قـرار إلا عدم اتخاذ أي قـرار فيه.