فـقـط أريـد أن أفـهـم

اعتدال عطيوي

أريـد أن أفهم الحكمة من وراء منع المرأة المتزوجة من استقدام العمالة المنزلية وبالأخص السائق لأنها ممنوعة من قيادة سيارتها ولا يقولن قوال إن لديها زوجا وابنا ومحرما فكل في حياته وعمله وجامعته أو خلافه وتعدد الوظائف والأدوار واتساع المدن لايتيح للرجل حتى لو أراد القيام بكل مهمات الأسرة.
وإذا كان الزوج لايستطيع الاستقدام لأي سبب من الأسباب المنطقية تبعا لظروفه أو غير منطقية كالعناد، والهجر، والسفر المستمر أو الانشغال الذي لا يجد معه وقتا لاستخراج المستندات كما يردد بعضهم فماذا تفعل السيدة في هذه الأحوال تحترق في مكانها أو تستقدم باسم ذكر آخر من أسرتها وما قد تلاقيه من هذا الحل من تسويف ومذلة وربما ابتزاز، واسألوا السيدات في ذلك فلدينا حكايا تشيب الوليد من المضحك المبكي، كما أن النظام الحالي لايسمح للسائق المستقدم باسم الغير بقيادة سيارتها، فما الحل إذن.
أليست المرأة مواطنة لها نفس الحقوق إن احتاجتها استعملتها وإن لم تحتجها كفى الله المؤمنين القتال، فلماذا تحرم ذلك الحق.
حتى أن النظام غير واضح في ذلك حيث إن وزارة العمل تردد بالسماح كما قرأت مؤخرا وعند التصدي للاجراءات يصبح الامر مرفوضا مرفوضا يابنتي.
ذهبت للاستقدام وواجهتني «لا» كبيرة ناقشت حاورت بلا فائدة، ألف «لا» وقفت في وجهي وذهبت صديقتي غير المتزوجة وهي استاذة في الجامعة وللغرابة واجهت «لا» أيضا وطالبوها بإحضار ما يثبت عملها ودخلها وعمرها أيضا حيث لابد أن تكون جاوزت الأربعين كما قيل لها وبعد أخذ ورد وافقوا أخيرا.
أنا لا أبحث عن حل شخصي بل عن حق جماعي لكل نساء الوطن الذي تكفل لي مواطنته كل حقوقي كإنسانة بالغة عاقلة راشدة لدي القدرة على المالية على تسديد الخدمات المقدمة لي.
كما أريد أن أفهم الحكمة من منع المرأة المتزوجة من الاستفادة من قروض البنك العقاري بينما يسمح للذكور بذلك بمجرد أن يتحصل على البطاقة الشخصية أي يسمح لابني وأحرم منه بحجة أن الزوج يحق له وهو المطالب بتوفير السكن واليست الذمة المالية للزوجات منفصلة في الاسلام وإن لم يفعل الزوج ذلك رفضا أو مماطلة تجد نفسها في النهاية مكبلة بالإيجار أو على قارعة الطريق بحفنة من أولادها.
وإذا ترملت المرأة أو طلقت أو هجرت تكون قد حرمت حقها فترة طويلة وضاعت فرصتها بحكم السنين في تلك المنحة نظرا لطول الوقت الذي يستغرقه الموافقة عليها وكلنا يعرف ذلك.
أريد أن أفهم الحكمة من رفض تأكيد هوية المرأة إلا من قبل اثنين من ذكور أسرتها أو من الغرباء حتى لو كان أحدهم سائقها الخاص، أليست الهوية الوطنية كافية لإثبات ذلك أم عليها أن تسترضي هذا وذاك ليذهب معها لإثبات هويتها أو تبحث عن أقرب رجلين تجدهما عند مكاتب العدل من الغرباء لمجرد أنهما ذكور يعرفون امرأة مواطنة لديها هوية مثبتة من الدولة.
أريد أن أفهم تعذر الوصول إلى الكثير من الجهات والوكالات دون وكيل أو ممثل من الذكور لسيدات الأعمال وما يعنيه ذلك من مخاطر وتلاعبات قد تحدث من غرباء تأتي بهم السيدات لينوبوا عنهن في تسيير تجارتهن وأموالهن على الرغم من أن وزارة التجارة قد أزالت هذا الشرط فلماذا لم يطبق تماما وفي كل الحالات.
ثم نتحسر على الأموال النسائية المجمدة في البنوك والتي يفيد تحريكها في تغذية الاقتصاد الوطني ياقانون، يا مجتمع، يا مشرع، ألم تتاجر السيدة خديجة بنت خويلد زوجة النبي صلى الله عليه وسلم بمالها دون وكلاء.
كما أريد أن أفهم إلزام الكثير من الجهات والمؤسسات بالحصول على إذن ولي الامر في العمل رغم إسقاط وزارة العمل ذلك الشرط مما يعيدنا إلى الدائرة المفرغة ذاتها، فإذا كانت القوانين موجودة وواضحة فلماذا يخالفها البعض عيانا وتجد النساء كل هذا العنت من بعض أولياء الامور الذين يستفيدون من هذه الأوضاع بحرية كاملة تذهب ببعض أولياء الامور إلى الكثير من السلوكيات الممجوجة كالمطالبة بفصل المرأة عن عملها أو ابتزازها ماديا مقابل موافقته، ولا أستطيع أن أنسى كيف أثـر أشقاء زميلة لنا على فصلها من العمل لولا تدخل بعض الصالحين رغم أنهم لاينفقون عليها بل تنفق على نفسها وأبيهم من هذا العمل الذي يريدون حرمانها منه.
هذا غيض من فيض مما يواجه النساء.. فقط أريد أن أفهم الحكمة من وراء انتقاص المرأة كمواطنة لها كل الحقوق كأخيها وزوجها وابنها الرجل.. وإلى متى.