العاطلون: الخبرة تعوقنا .. امنحونا الفرصة

مدير صندوق الموارد البشرية: توظيف 250 ألف مواطن ومواطنة سنوياً

العاطلون: الخبرة تعوقنا .. امنحونا الفرصة

عبدالله الداني، فوز الغامدي (جدة)، أشواق الطويرقي (مكة المكرمة)، عبد العزيز الربيعي (الطائف)، يحيى الفيفي (أبها)، محمد العبدالله (الدمام)

تتحول مكاتب العمل صباح كل يوم إلى خلية نحل، مجموعة من الشباب يدخلون المبنى وآخرون يغادرونه يتأبط كل منهم ملفا يحوي مؤهلاته وأوراقه الثبوتية وكافة متطلبات التوظيف.. بعضهم تعلو الابتسامة محياه فيما العبوس يكسو وجوه من لم يحالفه الحظ في مسعاه.. إنهم طالبو الوظائف من الشباب السعودي. «عكاظ الأسبوعية» تفتح هذا الملف الشائك.. وتلتقي عددا من الشباب وتستمع لآرائهم والعوائق التي تواجههم خلال مشوار البحث عن الوظيفة إلى جانب آراء عدد من المسؤولين عن ملف التوظيف، فضلا عن الخبراء ورجال المال والأعمال.
بداية أوضح الشاب راكان السهلي، أن الحصول على الوظيفة بات أصعب من تصديق السراب في سطح شديد الحرارة، مبينا أنه تقدم بطلب توظيف إلا أن التشديد في طلبات المؤهلات والتخصصات وبقية الشروط أحبطته كثيرا، في حين دعا ثامر مرجان وزارة العمل إلى تضييق الفجوة بينها وبين الشباب باللقاءات المتواصلة في كافة المناطق لمعرفة احتياجاتهم وتأهيلهم وتعريفهم باستراتيجيتها في التوظيف.
وفي المقابل، يرى صالح باحميشان أن جهود وزارة العمل واضحة للجميع، وقال «حصلت للتو على وظيفة بعد أن تقدمت إلى مكتب العمل وتقديم كافة الأوراق والشهادات وكنت اراجع الموقع الإلكتروني الخاص بذلك إلى حين توفرت لي الوظيفة ولله الحمد».
وذكر الشاب مصلح العرياني الذي تواجد في مكتب العمل برفقة صديق له قدم لطلب وظيفة بمكتب العمل، أنه أطلق مشروعه الخاص ولاقى نجاحا كبيرا وهو عبارة عن محل عصائر وقد بدأ مشروعه صغيرا ثم توسع فيه مع مرور وحقق النجاح، داعيا الشباب إلى خوض مثل هذه التجارب وعدم التقاعس عن العمل واشتراط بعض الأعمال التي تناسب ميولهم والتكبر عن أخرى.
«صمت وزارة الخدمة المدنية طيلة السنوات العشر عن ترشيحي في وظائف التدريس هو ما أجبرني على التقدم لوظيفة بائعة بالأسواق النسائية»، هكذا عبرت تغريد مندر خريجة كلية العلوم الاجتماعية عن إحباطاتها، وتضيف «لم يعترض أهلي على عملي نهائيا، وبصراحة هو أفضل من حيث المرتبات والبدلات عن باقي الوظائف الأخرى بالقطاع الخاص ومع هذا آمل أن يتحقق حلمي بالعمل في التدريس كباقي زميلاتي».
وزادت «أتمنى أن تستر المعارض بزجاج عاكس لكي نأخذ راحتنا أكثر بدلا من وضع النقاب طوال مدة الدوام ومراعاة لخصوصيتنا كنساء».
عمل مضنٍ
وقالت سمر بخش المسؤولة بأحد محلات بيع الملابس الداخلية، إنها تحمل مؤهلا علميا متواضعا بالإضافة إلى العديد من الدورات التدريبية، ولم تتمكن من الحصول على عمل براتب جيد منذ عدة سنوات، فكل الوظائف تقدم رواتب زهيدة مقابل عمل مضن دون أي حقوق للموظفة. وتضيف «منذ ثلاثة أشهر تم تعييني براتب (3000) ريال ومعي موظفتان تحملان شهادة الجامعة وبنفس مرتبي، ونحن نعاني من فترتي الدوام الطويلة وهي العقبة الوحيدة التي تمثل العبء الأكبر على أغلب الموظفات العاملات بوظائف التأنيث بالمحلات التجارية».
واتفقت محاسن المولد مع سابقتها من ناحية تقبل الوظيفة وجدوى الراتب. وتضيف «أحمل شهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية وتخرجت منذ ثلاث أعوام ولم احصل على وظيفة مناسبة لمؤهلي الدراسي وبراتب جيد، فكانت وظائف التأنيث هي أفضل خيار لي لتطبيق ما درسته في فن التعامل مع الآخرين و الاحتكاك بالجمهور، وتجاوز الصعوبات والمعوقات التي أواجها كل يوم، و لكل عمل محاسنه ومساوئه».
وتابعت المولد «من بين المشاكل التي واجهتها في العمل دخول الرجال مع عوائلهم داخل المحل، وأحيانا ترفض المرأة الدخول دون زوجها وكثيرا ما كان يحدث هذا الأمر بأن تصاب الزبونة ببعض التوتر والقلق من وجود الموظفات في المحل بسبب غيرتها الشديدة على زوجها، فتغادر دون أن تشتري شيئا أو تفتعل أي مشكلة، الامر الذي اضطرت بسببه بعض الموظفات إلى تقديم استقالاتهن نتيجة العراك مع بعض الزبونات للأسباب المذكورة».
وظائف «حافز»
بينما رفضت كل من أميرة الأحمدي، وشذى محمد، غالية الغامدي، سماهر هوساوي، العمل في الوظائف التي عرضت عليهن بواسطة برنامج التوظيف (حافز) في محال التأنيث، لعدة أسباب منها عدم وجود أسواق ومراكز تجارية مخصصة للنساء فقط، «بالإضافة عمل كثير من النساء بمحلات فردية لا تحتوى على دورات مياه أو مصليات تخص المرأة بالإضافة إلى ساعات العمل الطويلة والدوامين، والشروط التعجيزية التي يفرضها أصحاب المحلات لتطفيش الموظفة وإزعاجها».
وفي الوقت الذي أكد خبراء ومختصون أن البطالة تشكل تهديدا مباشرا للمجتمع قالت خديجة العمري إنها خريجة قسم علم الاجتماع من جامعة الملك عبدالعزيز منذ ثلاثة اعوام، وطرقت جميع الأبواب ولم توفق في الحصول على الوظيفة. وتضيف «سعدت كثيرا بعد علمي بقرار تحسين الأوضاع وفرض السعودة بغرض حصول كل متقدم على وظيفة مناسبة، ولكن هذا القرار بقي للأسف الشديد على ما هو عليه وما زالت الشروط التعجيزية هي نفسها كإجادة اللغة الإنجليزية والعمر وفترة الاختبار لمدة عام دون راتب ثم التثبيت، والآن أمر بحالة مادية صعبة وأعجز عن توفير لقمة العيش لطفلتي الصغيرتين بعد أن رحل والدهما قبل شهر».
وفي السياق ذاته طالب خلف الحسن الحاصل على المؤهل المتوسط ولم يواصل تعليمه لظروف خاصة، وطرق أغلب القطاعات الخاصة والحكومية منذ ما يقارب تسعة أعوام ولم يوفق في أي وظيفة مناسبة، الجهات المعنية بالتوظيف بإخضاع المتقدمين على الوظائف لدورات تأهيلية تساعد الشباب.
أما فاطمة القرني فهي خريجة قسم اللغة العربية من جامعة الملك عبدالعزيز منذ خمسة أعوام فطرقت أبواب الوظيفة في عدة قطاعات دون جدوى، وتضيف «حصلت على وظيفة في بعض الشركات والمؤسسات المختلطة وأنا من أسرة محافظة تمنع الاختلاط والعمل مع الرجال بالرغم من أن هذه الوظائف تدر مردود مادي جيد ومميزات وحوافز».
حصر المهن
واتهم هادي فهد جميح (سائق سطحة) بعض السائقين من الجنسيات الأفغانية والسودانية والباكستانية والهندية، بمضايقة السائقين السعوديين وخطف الزبائن عبر توزيع أرقام هواتفهم النقالة على أبناء جلدتهم لاحتكار السوق ومضايقة السعوديين في مصدر رزقهم الوحيد على حد قوله.
ويشاطره الرأي سعد محمد القحطاني، بالقول «رغم مخالفة الوافدين قرار سمو ولي العهد ووزير الداخلية الذي ينص على حصر هذه المهنة على السعوديين فقط، إلا أن الجهات المعنية لم تحرك ساكنا». ويضيف «أركض منذ خمس سنوات للحصول على وظيفة دون جدوى، علما أن كافة الجهات حكومية والخاصة تشترط على المتقدم الخبرة العملية، ونحن لا نمتلك خبرات عملية تلبي حاجتهم».
وبين مبارك الرميح (سائق سطحة)، أن سائقي السطحات في منطقة عسير يعانون الامرين نتيجة عدم وجود وظائف تلبي حاجتهم. وقال «أنا حاصل على بكالوريوس احياء من جامعة الملك خالد منذ ثلاث سنوات ولم أجد وظيفة حتى الان، وحتى في عملي هذا أواجه المضايقة من العمالة الوافدة، علما ان معظم المواطنين العاملين على هذه السطحات يعولون أسرا كبيرة، وهذه السطحات تم شراؤها بالأقساط وما زالت دينا في رقابهم».
وذكر محمد نزهان القحطاني ان هؤلاء الشباب ليست لديهم أعمال ثابتة ولا يتلقون الدعم المناسب، وان وجدت جهات تدعي انها تدعم الشباب اصحاب المشاريع الصغيرة في شراء مركبات او منح قروض فهي إما جهات خاصة مثل مشروع عبداللطيف جميل او صندوق الموارد البشرية وهذه الجهات شروطها تعجيزية ومستحيلة، وتشترط وجود راتب لا يقل عن 10 آلاف ريال للكفيل الغارم، وهذا الامر يصعب مهمة وجود الكفيل.
ويرى عبدالله مناحي الشهراني أن شريحة الشباب يحاربون في عدة جبهات، المجتمع العمالة الوافدة بالرغم من أن الدولة لم تأل جهدا في دعم وتسهيل امور المواطن ولكن جهات التنفيذ والفساد الاداري يقفان في وجه هؤلاء الشباب خاصة مع الارتفاع المطرد في اسعار المواد الاستهلاكية الكبير.
وأشار الشاب محسن العتيق، إلى وضع الشباب المحير والصعب، وقال «بعد حصولي على شهادة هندسة نظم شرعت في البحث عن وظيفة، كما قدمت على القرض العقاري ولكنني عجزت عن الوفاء بالشروط». فيما طالب محمد سالم آل علي بوجود جهات تمول شراء السطحات بأقساط ميسرة للحد من جشع التجار وعمولتهم الباهظة على حد قوله.
وبين محمد الصامدي أنه امتهن بيع الفحم منذ سنوات علما بأنه يحمل شهادة لغة عربية، «دخلت هذا المجال بعد فشلي في الحصول على وظيفة وفي البداية لم تتقبل أسرتي الفكرة حتى أن أحد أقاربي قدم لي مبلغ 20 ألف ريال لترك هذه المهنة الشريفة».
بدوره قال محسن القحطاني إنه يعمل في شركة متخصصة في بيع مواد السباكة والكهرباء. ويضيف «بدأت مشواري العملي مع الشركة في وظيفة مشرف بيع براتب لا يتجاوز ألفي ريال، ثم ارتفع إلى أربعة آلاف خلال السنوات الاربع الأولى، وحاليا أنا مشرف عام المنطقة براتب سبعة آلاف ريال ولله الحمد».
وجدد عدد كبير من الشباب في محافظة الطائف مطالبهم بتخصيص مكاتب في الادارات الحكومية والقطاعات الكبرى وذلك للتخفيف عن الكثير من الشباب معاناة البحث عن الوظائف، وقالوا إن عبارة «اترك رقم هاتفك» هي التي تستقبلهم في كافة القطاعات الحكومية دون أن تلوح في الأفق بارقة أمل.
وقال عبدالرحمن المالكي «تخرجت من الثانوية العامة وبحثت في كافة القطاعات الحكومية والخاصة دون الحصول على فرصة وظيفة استطيع من خلالها توفير الالتزامات اليومية لي ولأسرتي، مما اجبرني على شراء سيارة نقل صغيرة». ويضيف «ترفض الكثير من الشركات الشباب السعوديين وتستقطب المقيمين بالرغم من ابداع الكثير من الشباب السعوديين في المجالات المختلفة».
ويرى طلال الربيعي تدريب الشباب في الاجازة الصيفية في الشركات والمؤسسات او حتى تدريبهم في الادارات الحكومية مثل الجوازات والاحوال المدنية والعمل في المستشفيات حتى يخرج الشاب السعودي بعد الثانوية او الجامعة ولدية المام تام في التخصص الذي يرغبه.
فيما اشار هاني محمد الى ان السبب الرئيسي يكمن في الجامعات التي ما زالت تستقبل طلابا في تخصصات غير مطلوبة في سوق العمل وهذا تسبب في تكدس الكثير من الخريجين في تلك التخصصات.
وقال رجل الاعمال عبدالرحمن العامري انه يجب الاهتمام بالشباب السعوديين ومنحهم الفرصة في المجالات المختلفة وذلك من خلال التدريب على رأس العمل المنتهي بالتوظيف في شركات القطاع الخاص او القطاع الحكومي، خاصة أن الكثير من الوظائف لا تحتاج لخبرات كبيرة على حد قوله.
جهود حثيثة
إلى ذلك، أوضحت وزارة العمل أن عدم تعاون بعض أصحاب المنشآت بتزويد مكاتب العمل في المناطق بأعداد العمالة السعودية لديهم، يعد أحد المعوقات التي تواجهها في توظيف الشباب السعودي، وعملت على قصر العديد من المهن والأنشطة على السعوديين تطبيقا لقرار مجلس الوزراء رقم (50)، حيث تقوم الوزارة بجهود حثيثة لقصر العديد من المهن على السعوديين، ولكن صعوبة توفير الأعداد الكافية لشغل الوظائف والمهن لسد حاجة سوق العمل من السعوديين المؤهلين وذات الخبرة أدت إلى إعاقة تنفيذ ذلك.
وذكرت الوزارة أن أهم المعوقات لالتحاق الشباب السعودي بالعمل في القطاع الخاص تتمثل في مستويات الرواتب وتدنيها وكذلك أوقات العمل.
من جهته، ثمن رئيس لجنة المحامين بالغرفة التجارية بجدة ياسين خياط ما تقوم به وزارة العمل من جهود على كافة المستويات شاملا صندوق الموارد البشرية في دعم الشباب وتوفير الفرص الوظيفية لهم وصولا إلى تخفيف البطالة، لمساعدة الشباب على التغلب على ظروفهم المالية وتوفير حياة كريمة لهم، لافتا إلى أن مكاتب المحاماة تقدم دورا كبيرا في استيعاب خريجي أقسام القانون لتدريبهم تمهيدا لتوظيفهم ويرحبون بذلك كثيرا.
من جانبه، أوضح نائب رئيس الغرفة التجارية في مكة المكرمة الدكتور مازن التونسي أن صندوق الموارد البشرية والغرف التجارية قامت بدورها، إضافة إلى قيام وزارة العمل بجزء من دورها في توظيف الشباب السعودي العاطل عن العمل، رغم أنه لا يتفق بشكل كامل مع توجه الوزارة في هذا الخصوص، مشيرا الى زيادة نسبة الشواغر الكبيرة في السوق في أنشطة لا يستطيع شغلها الشباب السعوديون، فالشواغر على الورق والأجهزة تظهر أنها جيدة وهناك عدد لابأس به من الوظائف لكن تلك الوظائف لا تلائمهم.
وأضاف «يجب التوفيق بين قطاع الأعمال والشباب، فهناك من الشباب من يتطلعون إلى الوظائف الحكومية، وبعد الحصول على الوظيفة بفترة يجد وظيفة حكومية ومن ثم يترك القطاع الخاص إلى الوظيفة الحكومية تاركا الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها، إضافة إلى اشتراطاتهم الكبيرة أثناء توظيفهم من حيث الامتيازات المالية وغيرها، وطالما أن الأمان الوظيفي موجود بشكل مضمون في القطاع الحكومي ولا يقارن بما لدى القطاع الخاص فهناك هجرة من الشباب إلى الأول».
وزاد «تقدمنا بفكرة في وقت سابق إلى وزارة العمل تقضي بمنح كل شاب سعودي في القطاع الخاص بطاقة يتم من خلالها احتساب نقاط معينة له تخصم أثناء تنقلاته من شركة لأخرى باحثا عن وظائف أخرى أو وظيفة حكومية حتى لا يتضرر القطاع الخاص نتيجة لذلك»، مبينا أن أكثر الشباب يبحثون عن وظائف حكومية.
وأردف «لا مانع من رفع رواتب الشباب السعوديين في القطاع الخاص، إلا أن هذا الأمر سيترتب عليه رفع المنتج أو السلعة، وهذا بالتأكيد يؤثر على المخرج النهائي وربما يزيده إلى 100%، ولو عملنا بهذا التوازن فإن المواطن سيكون الضحية».
وبين التونسي أن الوافدين في القطاع الحكومي يبلغ عددهم المليون أو يتجاوز هذا العدد، ما يعني أن القطاع ذاته يستطيع استيعاب الخريجين، كما أننا نسمع عن فقر في بعض التخصصات الطبية، فلم يكون التركيز كله على القطاع الخاص دون النظر إلى القطاع الحكومي.
وختم بالقول «ما أراه هو عدم وجود تواصل بين وزارتي الخدمة المدنية والعمل وباقي الوزارات لمعرفة احتياجاتها الوظيفية والتركيز على القطاع الخاص، وهذا الأمر كفيل باستيعاب عدد كبير من الشباب، خاصة أن عددا من الشركات الصغيرة والمتوسطة أعلنت إفلاسها أو أوشكت».
وظائف وهمية
وإزاء ذلك يبرز في الأفق اتهام رئيس التأمينات الاجتماعية السابق عضو مجلس الشورى سليمان الحميد لوزارة العمل بإعلانها أرقام توظيف وهمية تصل إلى 700 ألف خلال عام 1433هـ، في حين يرى عضو مجلس الشورى المستشار الاقتصادي الدكتور فهد بن جمعة أن البطالة سببها عدم وجود وظائف ذات دخل جيد ومتناسب مع طموحات الشباب السعوديين وليس الانظمة، مطالبا وزارة العمل بمنح الشاب السعودي الثقة وتوفير الوظيفة التي تناسب تخصصاته، الأمر الذي يجعله منضبطا منتجا بالشكل المطلوب، لافتا إلى أن الشباب السعوديين أثبتوا داخليا وخارجيا أنهم مخترعون ومبتكرون، مضيفا «عملت في شركة ارامكو لعدد من السنوات وقد شاهدت بأم عيني انضباط السعودي وجودة انتاجيته وتفانيه في اداء عمله».
وقال عبدالله الصانع نائب رئيس اللجنة الصناعية بغرفة الشرقية، ان القطاع الصناعي يعتبر من أكثر القطاعات استقطابا للعمالة الوطنية، مؤكدا ان توظيف الشباب السعوديين أمر لا يختلف عليه اثنان، بيد ان المشكلة التي تواجه اغلب المصانع الوطنية حاليا تتمثل في ندرة العمالة الوطنية، مما يضعها في أزمة حقيقية تحول دون قدرة البعض منها على تحقيق النسبة المطلوبة التي تتجاوز حاجز 20%، مضيفا ان المصانع الوطنية تلجأ الى مكاتب العمل لتوفير العمالة المطلوبة، الا ان المعروض قليل جدا ولا يغطي الطلب الحقيقي، مبينا ان المصانع الوطنية لديها الاستعداد لتأهيل العمالة الوطنية، فهي على استعداد لتمويل عمليات التدريب والتأهيل اللازمة قبل دخول العمالة الوطنية دور الانتاج، مشيرا الى ان الرواتب للعمالة الوطنية بالنسبة لأصحاب المؤهلات الدراسة المتدنية لا تقل عن 3000 ريال تقريبا.
صخرة الرفض
وحمل عبدالعزيز التريكي «رجل أعمال» وزارة التعليم العالي مسؤولية تفاقم البطالة في السوق المحلي، مشيرا الى أن الجهود التي بذلتها غرفة الشرقية قبل عدة سنوات لتأهيل مخرجات الجامعات لسوق العمل اصطدمت بصخرة رفض وزارة التعليم العالي، كاشفا النقاب عن اجتماعات عقدت قبل عدة سنوات مع المسؤولين في احدى الجامعات بالمنطقة الشرقية لوضع دراسة لمعالجة مخرجات الجامعات السعودية، من خلال قيام رجال الاعمال بتمويل دراسات لتطوير برامج لدراسات عليا، بحيث يتم تحويل حملة البكالوريوس في مجال الزراعة على سبيل المثال للحصول على شهادة ماجستير في مجال التغذية مما يوفر الفرص الوظيفية للخريجين للعمل في الفنادق و المواقع السياحية.
وقال «توصلت الاجتماعات الى نتائج ملموسة و عملية، بيد ان المشكلة التي برزت في نهاية المطاف تمثلت في رفض وزارة العمل اجراء الدراسات باللغة الانجليزية وإصرارها على اجرائها باللغة العربية».
وأشار الى ان الجامعات السعودية بدأت مؤخرا للاتجاه لسوق العمل، من خلال الغاء بعض التخصصات غير المطلوبة مثل التاريخ والجغرافيا وغيرها ووضع برنامج وتخصصات مطلوبة في السوق، معتبرا هذا التوجه امرا ايجابيا لتقليص حجم البطالة لدى الجنسين، حيث تبرز مشكلة البطالة لدى المرأة اكثر من الرجل، لافتا الى ان قيام بعض الجامعات بإدراج السنة التحضيرية باللغة الانجليزية امر بالغ الاهمية، خصوصا ان اللغة الانجليزية تعتبر مطلبا اساسيا في القطاع الخاص، وبالتالي فإن المخرجات المقبلة ستكون اكثر تأهيلا من المخرجات السابقة.
إلى ذلك طالب الاستشاري النفسي علي الشمري الجهات المعنية بدعم الشباب والشابات للحصول على وظيفة مناسبة، وكشف أن «معدل البطالة ما زال جاريا وقد يكون أقل من العام الماضي، لكن لا يزال هناك تكدس في المؤهلين للشاغر الوظيفي في شتى القطاعات». وأشار إلى أن «البطالة داء يهدد المجتمع والأسر خاصة بعد الغلاء المعيشي المرتفع وأطالب وزارة العمل بوضع خطط ودراسات أشمل لتوظيف الشباب والشابات فورا».
نطاقات التوظيف
من جانبها تمكنت وزارة العمل من تحقيق نجاح كبير في توطين الوظائف من خلال برنامج نطاقات، الا أن اغلبها ذات رواتب متدنية لا تحقق طموحات الشباب نتيجة تركيز نطاقات على التوظيف الكمي وليس النوعي. وتشير إحصاءات وزارة العمل الى أن من تم توظيفهم بشكل كامل وصل في برنامج نطاقات إلى 615 ألف مواطن ومواطنة وهو ما يشكل نسبة 58% من إجمالي الموظفين السعوديين بالقطاع الخاص، وبتحليل الأرقام يتضح أن نسبة تسرب السعوديين والسعوديات من سوق العمل المحلي طبقا لإحصاءات برنامج نطاقات تبلغ نحو 33%.
وأظهرت معلومات بحسب مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات في وزارة الاقتصاد والتخطيط، أن عدد العاملين السعوديين في المملكة في القطاع الحكومي بنهاية عام 2011م 919.1 ألف عامل بنسبة زيادة عن العام السابق بلغت 3.9% وغير السعوديين 79 ألف عامل بنسبة زيادة عن العام السابق بلغت 5.2%،
كما بلغ عدد الذكور السعوديين العاملين بنهاية عام 2011 نحو 616.7 ألف عامل بنسبة زيادة عن العام السابق بلغت 4.6%، والاناث السعوديات حوالى 302.4 ألف عاملة بنسبة زيادة عن العام السابق بلغت 2.5%.
إحصائية حديثة
وسجلت احصائية حديثة لوزارة الخدمة المدنية ان معدل التشغيل في الربع الثالث من العام الجاري لمن هم في حكم العمل (15 عاما فما فوق) للجنسين من السعوديين 88.3% كما سجلت انخفاضا في معدل البطالة الى 11.7%.
وفي المقابل تحدثت دراسة اقتصادية ميدانية عن مخاطر مترتبة على تطبيق برامج العمل الحالية، داعية إلى تعديل تلك المبادرات، مشيرة إلى أن التحديات تتمثل في انخفاض حاد في الأرباح، وتقلص الطاقة الاستيعابية، والعزوف عن الاستثمار في القطاع، وبالتالي انكماشه، والتسبب في حدوث أزمة سيولة وربما إفلاس يعقبه إغلاق للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وانكماش القطاعات المكملة مما ينتج عنه بطالة إضافية.
وأظهرت الدراسة تأخيرا في تنفيذ المشاريع ما بين 18% إلى 33%، واحتمالية ارتفاع التكلفة السنوية للمشاريع كنتيجة لتأثير كل مبادرة بنسب تراوح بين 2% إلى 17%.
وأكدت الدراسة أن «قطاع المقاولات من القطاعات الحيوية في اقتصاد المملكة، حيث وصلت مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي عام 2012م نحو 33.23 مليار دولار» بحسب مصلحة الإحصاء العامة والمعلومات. وبينت الدراسة أن «سوق العمل السعودي شهد عديدا من التغيرات الديناميكية على مدى العقد الماضي، من بينها أن معدل البطالة منذ تسعينيات القرن الماضي ظل ثابتا، وذلك في حدود 10% تقريبا، وكان القطاع العام هو الجهة الرئيسية لتوظيف السعوديين، فيما تراجع معدل التوظيف في القطاع العام خلال السنوات الأخيرة لتشبع القطاع بالموظفين السعوديين، ومع وجود 44% من السكان دون سن 25 عاما، فقد زادت معدلات البطالة بين الشباب لتصل إلى 27%، مشيرة إلى أن «الحكومة اتجهت لخفض معدلات البطالة، إلى القطاع الخاص كمصدر رئيس لإيجاد فرص عمل جديدة للسعوديين».